العشائرية السياسية والعنف المجتمعي

العشائرية السياسية والعنف المجتمعي

08-01-2012 09:07 PM


ان ظاهرة العنف المجتمعي التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية والتي انتشرت وبشكل ملحوظ في الجامعات والمعاهد والكليات الجامعية في انحاء اردننا الحبيب ,هذه الظاهرة الجديدة على مجتمعنا جديرة بالبحث والدراسة والتحليل الموضوعي من حيث الاسباب التي ادت لنشوءها وانتشارها والآثار الخطيرة لها على بنيان المجتمع وامنه واستقراره وعلى أداء المؤسسات التعليمية وظيفيا ومنهجيا وعلى مخرجاتها من الكوادر حملة الشهادات العليا والمتوسطة واحيانا حتى على طلبة 
المراحل الثانوية  المتقدمه في مدارسنا.

لا أحد يستطيع ان ينفي ان حاضنة هذا العنف كان وما يزال هي ضعف هيبة الدولة في أعين عامة الناس. ان ضعف وتآكل هيبة الدولة لم يكن بسبب ضعف الاجهزة الامنية الشرطة وقوات الدرك وغيرها فهذه الاجهزة قوية وعلى مستوى عال من الجاهزية الميدانية والقدرات المهنية المشهود لها على مستوى المنطقة والاقليم ,هذا الضعف في هيبة الدولة سببه الرئيس هو الفساد المتجذر في عمق السياسات السياسية و الادارية والمالية والاجتماعية وما نجم عنها من شيوع المحسوبية والواسطة والسطو على المال العام وعدم المساواة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص والخروج على النصوص الدستورية  الضامنة للحقوق والواجبات ,حيث تقوم الافراد والجماعات بأخذ القانون بيدها لتطبيقه حين فقدت ثقتها بالاجهزة الحكوميه المناط بها دستوريا وقانونيا تطبيق القوانين المرعيه في الزمان والمكان المحددين وبالسرعة المقبولة وبالشفافية اللازمة والعدل المطبق على الجميع .من هنا تولد لدى الكثيرين من الافراد فكرة( اذا لم تأخذ حقك بيدك فلن تجد من يأخذة لك) هذة الفكرة وأمثالها هو بعينه شكل من أشكال الخروج على الشرعيه الحاميه لحقوق الافراد والجماعات في دوله النظام والقانون.

ان ما نراه الآن وما يحدث في قاعات امتحانات التوجيهي هو صورة ومظهر من مظاهر العنف المجتمعي الذي نتكلم عنه وكأننا نعيش في مجتمع (ما قبل الدولة) كل يريد الوصول الى مبتغاه بالطريقة التي يراها هو مناسبة(بالقنوة) ,هذا لم يكن يحدث في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ,ماذا حدث لنا وبنا؟؟؟؟. وكذلك ما يحدث بين العشائر والعائلات في بعض المدن وكثير من البلدات من نزاعات تصاحبها حوادث الجرح والقتل وتدمير المرافق العامة وما يحدث في كثير من الاماكن من اغلاق الطرق وحرق الاطارات وغير ذلك من مظاهر العنف المجتمعي.   

 ان الفساد  وما نجم عنه من ضعف لهيبة الدولة  هو حاضنه العنف المجتمعي, اما الوسيله في اشعال هذا العنف فهو عبر العصبيه العشائريه بشكلها الحركي العنيف ,فما أن يواجه الفرد مشكله ما حتى ولو كانت بسيطه مع فرد آخر حتى يقوم باستدعاء ابناء عائلته وعشيرته (لنجدته) فيقوم الآخر بنفس الشىء ,وتكبر المشكله وقد تتعقد بالعراك والحاق الأذى بالأشخاص والممتلكات العامه وأحيانا اغلاق الجامعه أو الكليه  واضاعة الساعات الدراسيه المحسوبه ساعه بساعه وتعطيل الحياة ومصالح الناس لكي يثبت فلان وعلى أرض الواقع أنه ليس( مقطوع من شجرة) بل له عزوه وعشيرة تقوم بحمايته والدفاع عنه ظالما كان ام مظلوما .أين الحكومة صاحبة الولاية العامة على الجميع أفرادا وجماعات .  

 ان اذكاء روح العشائرية لأهداف كانت الحكومات المتعاقبة تستخدمها وتستفيد منها في بسط سيطرتها السياسية على المجتمع عن طريق تحالفاتها غير البريئة مع البعض من افراد العشائر الذين كانت تخلع عليهم الالقاب العلية الرفيعة وتجعل منهم همزة الوصل بينها وبين العامة,ان اذكاء هذة الروح كانت مفيدة للحكومات ومنتفعيها من العشائر على حد سواء وقد وجدت فيه الدواء الفعال , ولكن الحكومات نسيت ان لكل دواء آثارة الجانبية التي قد تكون أشد خطرا علي جسم المجتمع من فوائده المرجوة, وهذا ما يحدث الآن بالضبط .

 ان العشائرية السياسية بمعناها العلمي :ان تقوم العشائر منفردة أو مجتمعة بمزاحمة الدولة ومنافستها وأحيانا احتلال مكانها والغائها في بسط الولاية الدستورية العامة على كل مناحي الكيان المجتمعي, ان هذه العشائرية هي من أهم الاخطار التي تهدد تماسك المجتمع ووحدته البنيوية والمعاشية وتدفعه يوما بعد يوم نحو الفوضى والانفلات. أما الحل فيكمن في استعادة الدولة لهيبتها وهذا لن يتم بالحلول الامنية والعصى الغليظة أبدا ,وانما يتم عن طريق استئصال الفساد من جذوره وانجاز الاصلاح الحقيقي  الذي يحقق العدالة الاجتماعية للجميع والمساواة في الحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمع على حد سواء وهنا تتحقق المقولة الخالدة التي قيلت بحق سيدنا عمر بن الخطاب( حكمت ... فعدلت...فنمت...).وللحديث بقية   



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد