لا لن ننضم لمجلس التعاون الخليجي ولن نتأهل لكاس العالم، ولن نتخلص من المديونية يوما ما ولن نصبح الدولة الاولى في الشفافية ولا الدولة الاكثر جذبا للاستثمار ولن نرى النفط يتدفق من ثنايا صخر اللجون ولا اليورانيوم سيشع ذهبا، ولن نرى انتخابات بدون تدخل حكومي ، ولن يستطيع علية القوم ان يثبتوا من اين لهم هذا ولن نعرف حقيقة الجلبي ولا سفر شاهين ولا أبطال الكازينو ولا مصير النفط الكويتي او المساعدات الخليجية.
هذه النظرة ليست من منظور التشاؤم والسلبية ولكن الاثر يدل على المسير وان النتائج بالأسباب والنجاح بالعمل والنجاة بالاستعداد وان من يرجو النجاة يسلك مسالكها فالذين استلموا قيادة التخطيط والنهوض والذين استلموا بوصلة المستقبل ووثق جلالة الملك بهم اضاعوا البوصلة وتاهوا الطريق وحين هبت العاصفة طلبوا النجاة بعد ان تركوا الوطن وتركونا بسفينته في عباب الامواج وليس لنا الا الله ندعوه اسرارا واعلانا بينما هم على الشاطئ يحاولون الوصول الى جبل يعصمهم من الماء حيث لا عاصم اليوم من موجة الشعب.
ان الاحداث الجسام التي يمر بها الوطن يجعلنا ان نقف بصدق لنعلم اين نحن فالذين تأخذهم العزة بالإثم وكذلك الذين صدقوا مع الوطن فسوف يهبوا من مبدأ الفزعة ليقولوا بأن الوطن بخير وان النظام بخير وان سفينة الاردن اقوى من العواصف واننا سنخرج من العاصفة اقوى والجبل لا تهزه الريح. مع كل التقدير لكل الصادقين ولكل من يضحي لأجل الوطن فانه لا يمكن ان تصل او حتى تخرج من الازمة الا اذا استطعت ان تحدد موقعك فمن المستحيل ان نسير في طريق دون ان نعرف احداثيات النقطة التي نقف عليها والا سوف نسير باتجاه مختلف وبالتالي سوف نتحرك باتجاه خاطئ وربما نرجع الى الوراء او يمتلكنا الدوار فنسقط.
ما جرى في الاردن في العقد الماضي لا يمكن ان يجري في أي دولة اخرى ولا في اشباه الدول ولا حتى في الكيانات وما فعله السماسرة والتجار لا يمكن ان يكون سلوك رجال دولة او حتى سلوك رجال العصابات ولا يمكن ان يكون حدث في السابق في دولة تعتمد على الضرائب والمساعدات الخارجية.
أي دولة يفشل فيها رؤساء الحكومات في تنفيذ توجيهات القائد؟ أي دولة يتم فيها تزوير كل الانتخابات وامام اعين الجميع؟ أي دولة في العالم يخون فيها امين اسرار الدولة (مدير المخابرات)؟ واي دولة يخون فيها امين اسرار الحكومة (رئيس الوزراء) فيهب الوقف ويبيع الأكفان؟ واي دولة يخون فيها امين اسرار الملك (رئيس الديوان) ويسيء للملك وللوطن ولمنتسبي الديوان؟ واي دولة يخون فيها من يقسم امام الملك على خدمة الامة وتنفيذ المهام الموكلة له بكل امانه؟ أي دولة يخون فيها من اقسم امام الشعب على ان يكون الامين على هموم المواطن ومصلحة الشعب؟ في أي دولة يتصرف رجل واحد بكل صلف ويأبى الا ان يستورد نفايات العالم النووية ليعتبر الاردن حقل تجارب؟ في أي دولة تباع ممتلكات الشعب وتنفق وتوهب وتسرق ولا يستفيد مالكها الا القهر والدين والغبن؟ أي دولة هذه واي حكومات هذه؟ أي دولة يتم توريث ثلاث اجيال لمنصب واحد؟ وتوريث عائلات لوزارات ودوائر بعينها؟ واي دولة ينهب المال العام بعمل منظم من قبل الجهات الرسمية دون خوف او حياء ؟ واي دولة هذه التي تعيش على القوانين الموقتة منذ ثلاثين عاما بالرغم من وجود مجلس صوري ويتبدل كل قانون بمعدل مرتين في العام ويتبدل الدستور عشرات المرات.. كيف يتم السكوت على رئيس اعلى جهاز امني وهو يقوم بشل قرار البلد ويعمل بشكل سافر على الاساءة للجهاز ودوره في حماية البلد ليحوله (حسب اعتراف) الى الة لتبديل الاصوات وتزوير النتائج، وكيف لدولة عدد سكانها 6 ملايين نسمة تصدر طاقاتها الى كل دول العالم ان ترهن قرارها ومقدراتها لإخوة اثنين لنكتشف بعد ان رحلوا اثار الاعصار وريح صرر العاتية التي حلت بالوطن جراء المراهنات لتتحول مقدرات البلد الى اعجاز نخل خاوية لا يسمع الا انين الاشلاء وصرخات البائسين وجثامين المحرومين؟
أي دولة هذه يمنح رئيس الوزراء ثقة مطلقة من قبل مجلس النواب ويسقط الرئيس خلال اسبوع ، واي مجلس يقرر فرض عقوبة على من يتحدث عن الفساد او من يسيء الى مفسد ثم يتراجع المجلس في اقل من شهر عن قراره، واي مجلس يتسابق اعضاءه في التصفيق للحكومات والبحث عن لمسات البركة بين اصابع الوزراء وفي حبر اقلامهم ثم فجأة يقرروا ان يركبوا موجة الحراك ويصبح دورهم التفتيش والتحقيق والبحث عن الفساد الذي تربى تحت اعينهم ومباركتهم لعقد من الزمن. أي دولة يتهم اربعة من رؤساء الحكومات بالفساد واستغلال السلطة والمحسوبية ثم يتكلموا بكل براءة امام الملك عن رويتهم للنهوض بالبلد بعد ان اوصلوها الى الغرغرة، واي طريق للخلاص يمكن ان يقترحوها واي مثاليات وفضائل يمكن ان يتكلموا بها في لقائهم مع الملك ومع الشعب، واي حكمة تتفجر من عقولهم بعد اغرقوا السفينة، واي حديث يمكن ان يسمعه الملك منهم وكيف طاوعتهم انفسهم على الذهاب الى الديوان الملكي وقد ذهبوا بالأمس الى الادعاء العام ، واي جرأة ان يعرض احدهم رؤيته بانه لا داعي للحديث عن الفساد لئلا يضر ذلك بالاقتصاد الوطني ولعل عذره الوحيد انه يدافع عن مزرعته لان الاقتصاد بكامله قد سخر لخدمته واصدقائه وانسبائه وحاشيته... في أي دولة لديها حكومة بهذا الضعف تستحدث مئات البلديات في ثلاث ايام استجابة لأي نداء ولأي استدعاء تحت شعار "الباب الي يجيك منه الريح سده واستريح" ؟، واي ضعف يجعل الحكومة تصرح عن اقامة انتخابات هذا العام ثم تتراجع وتعلن الندم عند اول مساءلة؟ واي دولة يصدر رئيس الوزراء الف قرار انتقامي في يومه الاخير وكأنه مطلقة ارادت ان تسرق بيت الزوجية .
كل هذه التساؤلات تعني ان الحكومات المتلاحقة واصحاب النفوذ افرغوا الدولة من مضمونها وافقدوا الدولة هيبتها وبوصلتها وافقدوا مجلس النواب هيبته وبوصلته واساءوا للعلاقة بين الشعب والنظام واساءوا لرمزية الديوان الملكي واساءوا لرمزية الملك ولرمزية وهيبة الاجهزة الامنية .
اذا استمرت عجلة الاصلاح بهذه الاعاقة واستمرت الاذان لا تسمع النداء واستمرت علية القوم باعتبار الشعب رعاع فوضى لا سراة لهم عندها سوف يجر الوطن الى مستنقع الفوضى وستأتي ساعة لا ينفع نفس ايمانها ان لم تؤمن من قبل. من هذا المنطلق فعلينا الان ان نقول بكل صراحة وصدق ان الحكومات فشلت وان مجلس النواب يتخبط بحثا عن النجاة التي لن يحصل عليها وعلينا ان نعترف ان ما يتحقق من اصلاح يتحقق بفعل الحراك والحراك وحده ولا توجد لدى الحكومات ولا لدى مجلس النواب أي نية او توجه للإصلاح. ان كنا نصدق مع الوطن ونصدق مع النظام علينا ان نعترف ان الاردن يواجه خطرا وان النظام يواجه خطرا واننا في الاردن لا نحتمل الدماء ولا نحتمل فقدان الاردن كما اننا لا نحتمل فقدان النظام. طريق النجاة واضحة يجب ان تلغي الحصانات الممنوحة للمفسدين وعلى الحكومات ان تتقدم بهذا الملف لآنه الاخطر واذا كانت اضعف من ذلك فعليها ان لا تحمل وزر النتيجة وعلى مجلس النواب ان يغسل عاره ويطلب انتخابات مبكرة وعلى الحراك ان يستمر بشعار الاصلاح وطلب المحاسبة والمساءلة دون المساس بالثوابت المتمثلة بالملك والوطن فقط.