تنويه : الموضوع يتبنى وجهة نظر شخصية ليس إلا .
تقديم :
عدم وجود فرص حقيقية امام شباب أبناء العشائر نتيجة سياسة الانفتاح هو ما قاد الحراكات العشائرية في الاردن للمطالبة بالاصلاح بهذا الشكل الذي يشهده الأردن و يواجهه النظام السياسي ؟ مع وجود حراك غير عشائري إفتقد للعديد من الفرص
الحقيقية من الأصل و لكن تأثيره ضعيف ؟
و مكافحة جذور الفساد و معالجة أسبابه يكاد يكون أمر غير مهم لدى غالبية الشباب في حال توفرت الفرص الحقيقية.
مفردات :
الفرص الحقيقية : المناصب و الوظائف العامة حيث لم يعد الاردن قادراً على توفير الفرص الحقيقية .
الشباب : هو الجيل الثالث من أبناء العشائر الأردنية .
سياسة الانفتاح : المساواة بين جميع الأردنيين .بغض النظر عن الأصل .
الفساد المعني : الأمراض الاجتماعية و البيروقراطية و الفساد السياسي و ترهل القوانين .
الحراك غير العشائري : النقابات العمالية و الطلابية و الحزبية و اصحاب الدعوات الاجتماعية .
لما علا الصوت الأن ؟
فالحصاد الطبيعي لمشاهد الفساد التي نشاهدها الان لم تأت نتاج فترة زمنية محددة و إنما هي نتاج تراكم طبيعي لعقود من الفساد و لكن الصوت علا و بانت المطالب بعد ان : شحن الحراك بعاطفة ثورات العرب الجامحة , و في وقت استنفذ فيه الاردن كامل طاقاته لتوفير اي فرص حقيقية امام مئات الالاف من الشباب .
مع ان الدعوة الحقيقية لمكافحة الفساد بمفهومه الفضفاض كانت تتطلب تحركاً سابقاً لأوانه المشهود . فلم نكن نسمع عن معارضة لمبدا توريث المناصب العامة قبل عقد من الزمن و لم نكن نسمع بمصطلح " من أين لك هذا " , و لم نكن نسمع عن مطالب لإلغاء معاهدة وادي عربة ( بإستثناء جبهة العمل الاسلامي ) كما نشهدها حالياً , و لم نكن نسمع عن أية مطالب للإفراج عن الجندي الأردني احمد الدقامسة .
و الأدهى من ذلك أننا لم نكن نسمع عن مطلب لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ( و باستثناء جبهة العمل الاسلامي أيضاً) مع كل ما فعلته إسرائيل بنا طوال عقد من الزمن .
جوهر الصراع
هو صراع مرير يتصف بالحداثة الزمنية بين شباب طامح لنيل الفرص الحقيقية و بين مستاثرين لهذه الفرص و التي غالباً ما تورث للأبناء رغم ضألة عدد هذه الفرص ....
و مما أجج هذا الصراع و اذكائه بتوابل حارة أضفت عليه طابع مكافحة الفساد و لونته بألوان الربيع العربي هو وجود معارضة تتبنى عملية نقاء مصفى للدم الشرق أردني في مواجهة لسياسة الانفتاح الداعية للمساواة العامة و التي قادها النظام السياسي في العقد الأخير من الزمن . كما حملت في طياتها شعارات و بيانات مؤسسة المتقاعدين العسكريين و بعض العشائر الأردنية و الدكتور احمد عويدي العبادي و في جانب أقل ما حملته تصريحات احمد عبيدات في أكثر من مناسبة .
و الضحية هنا دائماً رأس النظام .
فهو المطالب بتوفير هذه الفرص و الابقاء على ديمومتها و كل ذلك يتم تحت ذريعة مكافحة الفساد .
و هو المطالب بالغاء مبدأ توريث المناصب و الفرص تحت نفس الذريعة.
و هو المطالب بإجتثاث الفساد و تقديم رموزه الى القضاء .
و فوق كل ذلك هو من يتحمل المسئولية عما يجري حتى و لو اقدم احد المواطنين على حرق نفسه بسبب الفاقة .
و بين علو صوت الشباب و تراجيديا الصراع الحديث ضاعت مطالب و حقوق حراكات غير عشائرية عديدة لعقود من الزمن ... فالاحزاب و العمال و اكثر الدعوات الاجتماعية لم تسنح لها الفرصة في التعبير و في العمل و في الظهور و هي من باتت تطالب حقاً بمكافحة الفساد من جذوره لا بتوفير الفرص الحقيقية فقط .
و هل النظام السياسي بمنأى عن الفساد ؟
إن وصف النظام الاردني بما يوصف من قبل طالبي الاصلاح من استئثار للسلطة و حماية للفاسدين لم يكن ليكون لولا تجذر الفساد عبر عقود طويلة من جهة و عدم وجود الفرص الحقيقية من جهة ثانية و التي تمثل القشة التي قصمت ظهر البعير مما شجع الشباب و حراكهم العشائري على تبني شعار مكافحة الفساد و المناداة بضرورة الاصلاح .
استدلالات عامة :
صاحب مبادرة الملكية الدستورية : احمد عبيدات ( أحد أعمدة النظام السياسي الأردني ) كان في يوم من الأيام بعيداً جداً عن خط المواجهة مع النظام حتى بدأ الافتقاد للفرص الحقيقية يظهر على امر الواقع .
صاحب نظرية " نقاء الدم الأردني " الدكتور أحمد عويدي العبادي : لم يكن في مواجهة مع النظام السياسي الأردني إلا بعد تبني النظام لسياسة الانفتاح .
ماذا لو لم يكن هنالك ربيع عربي ؟
هو سؤال إفتراضي غايته الوصول الى تأثير الحراك الذي يشهده الأردن حالياً و هل كان سيتعدى حدود الهمس بالأذن و تداوله بين ثنايا الأحاديث الفردية.
كان سيكون هنالك حراكاً لا محالة و إن إختلفنا حول توقيته مع تواصل النظام لاتباع سياسة الانفتاح من جهة و مع تضائل الفرص الحقيقية لأدنى فرص لها أمام الشباب من جهة اخرى , نتيجة لإتباع سياسة الانفتاح .
و كان سيكون هنالك من يعارض معاهدة وادي عربة و يدعو لإلغائها كما تتبنى جبهة العمل الاسلامي .
و كان سيكون هنالك مطالب غير عشائرية تنادي بضرورة الاصلاح
فما الفرق إذا بين حراك جاء متزامناً و مشحوناً بربيع عربي أم جاء بعده ,,, ما دام الحراك قائماً لا محالة :
و الفرق بين الحراكين أن الحراك الطبيعي كان سيكون نتاجاً طبيعياً لتطور الحياة الاجتماعية و تزايد المطالب الاجتماعية يقابله تقصير أو غهمال في أداء الاجهزة الحكومية من جهة و نتاج طبيعي لمطالب الشارع الأردني المتعطش في المشاركة في عملية صنع القرار نتيجة التوسع الأفقي و العمودي لنخبة المثقفين و المتعلمين .
أما حراكنا أو ربيعنا الحالي و إن حمل في طياته بعض المطالب الحقيقية إلا أنه إتسم بحراك عاطفي مشحون و شابه خروقات و دوافع ذاتيه للبعض و لم تكن غايته الأسمى مكافحة الفساد بقدر المطالبة بالفرص الحقيقية ( إذا إتفقنا أن الحراك العشائري أٌقوى تأثيراً و وقعاً من الحراك غير العشائري ) علاوة على ان حراكنا الحالي المشهود يضع الحكومة و النظام أمام عقبات جمة و متتالية تؤثر على سير الحياة و المشهد داخل الأردن بما لا يمكن تنبؤه , فحصاد ربيع الأردن الساخن باتت تظهر ثماره بدعوات لنقاء الدم الأردن تارة و بتحميل النظام السياسي مسئولية إرتفاع سعر مادة السكر في الأسواق العالمية .؟!
الخلاصة :
في حال توفير الحكومة الأردنية فرص حقيقية للشباب فإن ما كان يسمى بالربيع الأردني الساخن سيتحول الى ربيع فاتر . فالمسالة لا تعدو عن قطف عنقود العنب دون المشاجرة مع الناطور .
و سيمكن الحكومة من الإلتفات الى مطالب الحراك غير العشائري و التعامل معه بعقلانية متزنة و مرونة أكثر و بما لا يقض مضاجعها .