لقد ساءني وساء غيري من الأردنيين العقلاء ما سمعناه على إحدى الفضائيات من أحد المؤرخين الوطنيين يروج اللنظام الجمهوري ليخلف النظام الملكي الهاشمي في الأردن: فاسأله وأسال الأردنيين وأهل الأنظمة الجمهورية؛ ماذا جنى الجمهوريون من الأنظمة الجمهورية سوى تكميم الأفواه ومصادرة الكرامة وتقييد الحريات وسفك الدماء بدم بارد دون ذنب أو جريرة سوى المطالبة بحقوق مسلوبة، حتى طال القتل الأطفال الرضع والشيوخ الركع !!! وهذا الأمرظاهر للعيان لايخفى عن كل ذي لب أوبصيص نظر .
يقول الدكتور العبادي : لقد أرسل لي الملك أحد الأشراف لمفاوضتي. فسألته : هل فيكم طبيب أو مهندس أو شاعر أو فيلسوف ؛ لكي تحكمونا ؟ ألا يكفي أن منهم نبي يا دكتور أحمد ! فما هكذا تورد الإبل يا أحمد ! فليس معيار الحكم بالشهادات ، فما كان محمد (ص) إلاَّ أُميَّاً لا يحسن القراءة ولا الكتابة ، يتيماً فقيراً يرعى الغنم في شعاب مكة، ويأكل الثريد في بيت عمه أبي طالب؛ فالله عزَّ وعلا لم يصطف شاعراً ولا حكيما ولا فيلسوفا ولا غنياً ولا شيخاً، إنَّما اصطفى هذا الأمي الصادق الأمين فأعجز الشعراء وأعجز الفلاسفة وقادة الجيوش والأباطرة والأكاسرة، وأعجز العلماء والأطباء والساسة والدهاقنة أجمعين ، فليس أحقية ولاية الأمر بالشهادات وإنَّما بالقلب السليم الحافظ وبكمال الأخلاق ، "والله أعلم حيث يجعل رسالته" .
أيها الأردنيون الشرفاء ، يا أحفاد الصحابة الذين نفروا مع جيوش أبي بكر الصديق لفتح هذه البلاد في الزمن الأول، فهذه قبور أجدادكم تملأ الأردن عرضاً وطولا : ألا ترضون أن تكون دياركم واحة أمن وسلام ؛ يذهب أطفالكم إلى المدارس لوحدهم وادعين آمنين! وتذهب بناتكم إلى الجامعات دون خوف عليهن ولا حراسة ، لا تخافون عليهم إلاَّ الله وحوادث السير!
ألآ ترضون أن تأووا إلى بيوتكم لا ينغص نومتكم منغص آمنين في سربكم وبين أطفالكم ، والناس يتخطفون من حولكم صباح مساء ، تقتحم بيوتهم عليهم في هجعة الليل ، يذعرون أطفالهم وينتهكون أعراضهم أمامهم ، لا يرعوون فيهم إلاًّ ولا ذمة ولا رحمة. أيها الأردنيون من كل منابعكم : ألم يدفع عنكم نظامكم الملكي الهاشمي غائلة الجوع والحاجة والخوف ، وهذا أبلغ ما يتمناه مخلوق عاقل ؛ فقد منَّ الله جلّ وعلا على قريش بهاتين النعمتين ، فقال في محكم التنزيل : " لإِيلافِ قُرَيْشٍ(1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ(2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ(3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(4)" .
أيها الأخ العزيز : أنا معك في أن هناك اختلالات كثيرة حصلت ، وقعت بها الحكومات السابقة والأجهزة الأمنية شوهت صورة النظام ؛ والسبب يكمن في تقديم الفاسدين لشغل الوظائف العليا، قليلي الإيمان وعديمي النخوة والأمانة والحياء ، وكل ذلك يمكن إصلاحه بوقت وجيز ، قلدوا أمر الوظائف العليا أهل الخير والصلاح والتأهيل والأمانة والأخلاق، فسيستقيم الأمر بسرعة ، وعزروا الفاسدين وعروهم أمام الناس .
فيا أيها الأهل والعشيرة والوطن : وأيم الله أنني أستصفي لكم النصيحة ، أن الوطن يحتاج إلى إخلاصكم وصدق انتمائكم إلى ترابه ، فلا تدعوا الأمر يزداد سوءاً ، وأحكموا أمركم وقدموا عقلائكم وحافظوا على رموزكم الشريفة وعضُّوا على الهاشميين بالنواجذ قبل أن يأتي المحذور حينها لا ينفع الندم ونقع في الحسرة الطويلة، فإننا لن نجتمع على ولي للأمر بعد الهاشميين ، وسنتفرق شيعاً وأحزاباً يلعن بعضنا بعضا ويكفر بعضنا بعضا ، فالهاشميون سفينة النجاة من تمسك بهم نجا ومن فارقهم غرق . " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ " صدق الله العظيم ".