هم الساقطون ونحن اللاحقون

mainThumb

19-03-2012 10:24 PM

المشكلة بالفساد والفاسدين ليس بما ينهبونه من أموال عامة هي حق مقدس من حقوق المواطنين ، وواجب ملزم للدولة على إيصاله لمستحقيه منهم ، ومع أن ذلك يحقق شروط العدالة المنشودة ، إلا انه لا يشكل المعضلة الكبرى التي تؤدي إلى معاناة الناس وتعثر مستقبلهم وانحطاط ظروف معيشتهم ، بل إن فسادهم يحدث اختلالا منهجيا منظما لمفاصل الحياة العامة ، الأمر الذي يربك حياة الناس ويحيلها إلى غوغاء ، لتقلب هموم الناس رأسا على عقب ، فبدلا من أن يتطلع الناس إلى الدستور لحمياتهم ، والى القانون لضبط الموارد ومعاقبة الخارجين عليه ، والى برلمان الشعب للدفاع عن حقوقه المشروعة ، بدلا من ذلك ، يتطلع الناس إلى حمايتهم من قبل المتنفذين في السلطة التنفيذية ، مما يلغي قداسة الدستور ، وشرعية القانون ، ومرجعية مجلس الأمة ، ليصبح عُصبة من الناس هم مرجعية الشعب في كل ما يحتاجونه من مطالب ، من هنا تهيمن سياسة الاستبداد والقمع والسيطرة على موارد الدولة ، وتسود روح الطبقية الاجتماعية ، فيعلوا البعض على بعض بطرق فاسدة لا بطرق مشروعة كما قررها الله تعالى ، ليكتشف الشعب انه متورط مع تلك العصبة التي نهبت الخيرات واستبدت بالقرار وألغت الناس وحقهم في العيش الكريم ،وحينما يصحوا الناس على الكارثة ، وأنهم سائرون إلى هاوية خطيرة قد تودي بهم وبوطنهم ، يصرخوا ويصيحوا وهم ضعفاء في تحقيق تلك المطالب الشرعية ، لأنهم شركاء مع أولئك بالتعدي على المال العام المحرم شرعا وقانونا الا أن ينفق في وجهه القانوني ، ولما يصحوا المواطن يتفاجأ بحجم المديونية التي ورطه بها الحكومات المتعاقبة على إدارة شأن الأردن ، مديونية تصل الى 16 مليار دولار ، وبذلك يترتب استحقاق مالي على كل مواطن أردني لصندوق النقد الدولي يصل إلى حوالي 16 ألف دولار ملزم بسدادها وهو لم يتصرف بها ، بل نهبت وذهبت إلى جيوب أولئك الفاسدين الذين لم يرقبوا فينا الا ولا ذمة ، فإذا سقط الفاسدون سقطنا معهم ، وإذا نجا الفاسدون كنا نحن الساقطون وهم الناجون ، وبكل الأحوال هم الساقطون ونحن اللاحقون ، ولا حول ولا قوة الا بالله .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد