ثلاث وصفات للتأزيم

mainThumb

03-04-2012 11:18 AM

عض الأطراف تحب التأزيم وتعشق العيش في الأزمات, وتمتهن افتعال الأزمات; لأنّها تجد نفسها في الجوّ المأزوم وتحت غيوم الاحتقان وسحب التوتر ومطر الاختلاف, إذ لولا هذا الجوّ المحتقن ربما انعدم تأثيرها وحضورها, وأصبح افتعال الخلاف ونثر بذور الفرقة والتشاحن علماً من علوم السياسة المعاصرة, وفناً من فنون الإدارة, ونشأت مدرسة كبيرة لها منظروها ولها أتباع وخريجون, تحت عنوان "الإدارة بالأزمة" أو الإدارة من خلال الأزمة, علاوةً على أنّ بعض النوعيات من البشر تحب النكد وجلبت على النكد وتخلف النكد من تحت أرجلها, وهذا ينطبق على جوانب كثيرة من حياتنا الاجتماعية ومؤسساتها الإدارية, وحتى الحياة الزوجية.

وأرى هذا ينطبق على بعض التصرفات والإجراءات المعلقة بالشأن العام, وخاصة فيما يتعلق ببض جوانب الإدارة الرسميّة نحو التعامل مع الحراك الشعبي ومجمل النشاط الإصلاحي الكبير الممتد على رقعة الإقليم العربي الملتهب, الذي يشهد نهوضاً شعبيّاً عارماً, ويقظة اجتماعية واسعة, ووعي فكري وسياسي عامّ يتقدم بالمجتمعات العربية نحو الحريّة والكرامة والديمقراطية, والالتحاق بمجتمع التمدن الحضاري العالمي.

هناك ثلاث وصفات حاضرة تشهدها الساحة الأردنية تنتمي لهذه المدرسة النكدية التأزيمية, التي ربما تؤدي إلى تفجير الأوضاع والسير بها نحو آفاق مجهولة, تلحق الضرر بالدولة كلّها شعباً ونظاماً ومؤسسات.

الوصفة الأولى, تتجلى في التعامل غير الذكيّ مع الحراك الشعبي الذي يميل نحو استخدام العنف غير المبرر, أو استخدام الأساليب غير المشروعة من خلال الاستعانة بالبطلجية والخارجين على القانون والأعراف, أو التذاكي بالتحايل على مطالب الشعب الأردني, من خلال المماطلة واستنفاد الوقت, واللجوء إلى المسكنات.

الوصفة الثانية, تتمثل بقانون الانتخاب, خاصة إذا تمت إعادة تدوير الصوت الواحد, بالطريقة نفسها وبالأهداف والغايات نفسها; من أجل إخراج مجلس نواب ضعيف غير كفؤ وغير سياسي وغير قادر على القيام بمهامه الدستورية وغير قادر على حماية حقوق الشعب الأردني, بل سيكون عبارة عن مجموعة أفراد بلا برامج سياسيّة, وبلا أفق عام, نواب خدمات, يسيطر عليهم الجواز الأحمر والتقاعد, وتحسين الأحوال الفردية, بعيداً عن هموم الشارع الأردني الذي يعيش على صفيح ساخن.

الوصفة الثالثة, استمرار الفساد, واستمرار منظومة الفساد بالسيطرة على مفاصل الدولة, ممّا يؤدي إلى زيادة الدين العام, وزيادة العجز في الميزان التجاري, وزيادة جيوب الفقر, وارتفاع نسبة العاطلين من العمل, وزيادة عدد المهمشين, ومحاربة القوى السياسية النظيفة والمخلصة, ومحاربة الأمناء وإبعاد الأكفياء عن إدارة الدولة, والإصرار على منهجية الحكم القائمة على الشللية والمحسوبية, واستئثار النخب الفاسدة بموارد الوطن وتبديد ثرواته.

كل ذلك يكون مصحوباً بأسلوب من التذاكي المكشوف الذي يقوم على مواصلة سياسة استغفال الشعب الأردني, والاستخفاف بوعيه ورشده, والإمعان في حرمانه من المشاركة الحقيقية الفاعلة في إدارة الدولة وحقه في اختيار الحكومات ومحاسبتها ومراقبتها وعزلها, وحق الشعب الأردني بالسيادة على أرضه ومقدراته ومؤسساته, والشعور بالأمن والطمأنينة على مستقبل أبنائه.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد