مسؤولية الفوز

mainThumb

04-04-2012 10:59 AM

إنّ الشعب المصري الذي انتخب مجلسي الشعب والشورى بنسبة تتعدى 77%, يحمل الفائزين أمانة المسؤولية, والوفاء للشعب الذي وضع ثقته بهم, ولذلك من حق الفائزين بل من واجبهم أن يبذلوا جهدهم في تحقيق وعودهم وبرامجهم ومخططاتهم وطموحاتهم التي أعلنوها للشعب علناً, جهاراً نهاراً, مكتوبة ومطبوعة ومقروءة ومشاهدة ومسموعة, وهذا يحتّم على الفائزين أن يقوموا بأنفسهم بتولّي المسؤولية, والشروع في التنفيذ من خلال استلام مواقع المسؤولية ومواقع صنع القرار.

لا أجد مبرراً للحملة الشعواء التي تطلقها وسائل الإعلام, والكتّاب والمحللين, والقوى السياسية المناوئة, وكلّ الأذكياء والعباقرة الذين رفعوا عقيرتهم بالاستنكار على الإسلاميين, وخاصة جماعة الإخوان المسلمين أنّهم رشحوا أحد أعضائهم لرئاسة الجمهورية, فمنهم من اعتبرها استحواذاً وعشقاً للسلطة, وتمسكاً بالحكم, ويشكّل نوعاً من الإقصاء للآخر واستخدموا كلّ المفردات التي يحملها قاموس اللغة في هذا الجانب, فضلاً عمّن اعتبرها خطوةً "غبية", أو "قفزة في الهواء", أو "من باب المناكفة والاستفزاز".

إنّ جميع هؤلاء المستنكرين من داخل مصر وخارجها, إنّما ينطلقون من منطلق غير ديمقراطي, ولا يمتّ للموضوعية أو العلميّة بشيء, بل هو عسفٌ وكبر, وغمطٌ لصاحب الحق أن يستعمل حقّه, ولا يملك هذا الاستنكار أيّ معيارٍ من معايير المنطق البشري الصحيح, ولا يمتّ للتجربة الديمقراطية الإنسانية والعالميّة بصلة.

أعتقد أنّ من واجب الذين نجحوا في البرلمان, وحصلوا على ثقة شعبية عارمة وليست بسيطة, أن يحرصوا أشدّ الحرص على الإمساك بالمسؤولية والحفاظ على هذه الأمانة الثقيلة, وأعتقد أنّ هذه النسبة العالمية الممنوحة للفائزين في البرلمان المصري هو تفويضٌ شعبيٌ واضحٌ وكبيرٌ وجارف لهم بالمضيّ قدماً بتحقيق برنامجهم الانتخابي بقوةٍ ووضوح ومن دون أيّ تردد أو تلكؤ; لأنّ أي تردد أو تلكؤ في ذلك يمثل خيانة لأمانة المسؤولية, وخيانة لثقة الشعب المصري الكبيرة, وخيانة لأماني المصريين وطموحاتهم في التحرر والاستقلال والتقدم نحو معارج الحضارة والعزّة والرفاه.

من واجب الفائزين بهذه الثقة الكبيرة أن يستلموا مواقع المسؤولية ومراكز صنع القرار حتى يستطيعوا تنفيذ برنامجهم, وليس من حقهم التنازل عن هذه المواقع لمن لم ينتخبه الشعب, ولا يجوز الزهد بمواقع المسؤولية وصنع القرار في هذه الظروف الحرجة والصعبة من هذه المرحلة خصيصاً, وكيف لهم أن يوفوا للشعب بما وعدوا إذا أعطوا المسؤولية لغيرهم.

وعليهم بعد استلامهم للمسؤولية أن يستعينوا بكلّ طاقة مصرية, وبكلّ كفاءة بغض النظر عن فكرها أو اتجاهها, وينبغي عليهم أن يسعوا لتوظيف كلّ طاقات الشعب المصري بطريقة عادلة وأن يوضع كلّ صاحب تخصص في تخصصه ولا يستبعدوا أحداً إذا كان ناجحاً في عمله ومبدعاً في مجاله, فهذا شيءٌ مختلف عن استلام مواقع المسؤولية الأولى التي يفترض أن تكون محلّ مساءلة الشعب ومراقبة الجماهير.

إنّ الذي يتقدم للانتخابات ثمّ يفوز بثقة الشعب المصري بنزاهة, إنّما هو مفوض من الشعب ولا يجوز له أن يتنازل عن هذا المنصب لأنّه حقٌ عامٌ وليس حقاً شخصياً يقبل التنازل أو التوريث, أو الزهد أو الصدقة أو العطاء والكرم لمن يرفض الشعب ولايته.

وإنّ الذين يسمّون ذلك استيلاء على السلطة, وتشبثا بالكرسي, هم لا يفقهون الحقيقة ولا ينطلقون من تفكير صحيح, وإنّما ذلك يشكلّ عرضاً لمرض التكيف مع حكم العسكر والانقلابيين الذين اغتصبوا السلطة بالقوّة والعنف وشتّان بين الفريقين والمنهجين.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد