الإرهاب يدق الباب

الإرهاب يدق الباب

05-04-2012 10:21 AM

" ها هي الحرب على الارهاب تدق أبواب بيوتنا, لقد دامت وقتا طويلا بحيث لم نعد نعرف كيف نعيش من دونها " نداء يطلقه صحافي فرنسي يدعى لوك فيرفاييه في مقال طويل نشرته مجلة فرانس سوار. بدأه بجرس إنذار خطير وهو اذ يجري مقارنة بين حادث محمد مراح في تولوز وحادث اندريه بريفيك في النرويج, فإنما يعتبر انهما لا يمثلان ظاهرتين معزولتين بل تجسيد كامل لما آل إليه وضع العالم الغربي من مواجهة خطيرة نتيجة لعب السياسيين على وتر صراع الحضارات والارهاب الاسلامي.

واذا كان الكاتب يعتبر ان تفاقم هذا الوضع يرتبط داخليا بثلاثة عناصر : المحيط العنصري, العداء الديني والازمة الاقتصادية, فانه يعتبر ايضا ان السياسات الغربية الاستعمارية على الصعيد الخارجي هي التي ادت الى جعل هذه الظواهر المرضية ظواهر اجتماعية. فيما يعبر عنه فيرفاييه بجملة ذات دلالة : " علينا ان نتوقف عن سياسة ان طفلا في فلسطين لا يساوي طفلا في فرنسا !!"

واذا كان هذا الصحافي لا يشكل بدوره ظاهرة معزولة, فانه من جهة ثانية لا يشكل ظاهرة عامة بدليل طبيعة ردة الفعل الاجتماعية والسياسية الاوروبية على الحادثتين : حيث قوبلت حادثة النرويج بعملية إنكار ( وليس استنكارا) اجتماعيا, بمعنى ان ما سارعت اليه الاوساط السياسية والاعلامية وحتى العدلية هو القول بان الشاب مصاب ببارانويا, مريض نفسيا تم تحويله الى العلاج النفسي وعينت له محاكمة. فيما يشكل تبرئة للمجتمع من جريمته. وبذا يصبح اعلانه الصريح بانه ينتمي الى الوحدة العسكرية لحركة المقاومة النرويجية التي تريد تطهير اوروبا من اليسار ومن الاسلام, - يصبح هذا الاعلان رأيا فرديا لشاب مريض, وبالتالي لا يصم المجتمع بالعنصرية. ولا يمس بحضارته.

بالمقابل, ومنذ اللحظات الاولى لمحاصرة مكان محمد مراح استشرس الاعلام ( والسياسيون ) في الحديث عن التعصب العقدي, الاصولية والانحراف الاخلاقي المرتبط بالجهاد, وتدفق سيل الفيديوهات المرعبة لحملات تدريبية, لرجال مقنعين, لاشكال مخيفة, متوحشة وغير حضارية. يرافقها تعهد ساركوزي بانه سيلاحق كل هؤلاء المجرمين الارهابيين ويقضي عليهم. فالرئيس المرشح الذي وصلت اسهمه الحضيض, بحاجة الى فيلم اكشن أمريكي يوحي للفرنسيين بانهم مهددون وانه الوحيد القادر على انقاذهم. لعبة قديمة, طالما كررها بشأن الضواحي الفرنسية.

من جهة ثانية, فان معسكر الرئيس المستشرس في تفعيل تحرك ما ضد سورية, والذي بات يواجه معارضة شديدة من معسكر يضم رئيس الاركان ووزيري الخارجية والدفاع وعددا من الدبلوماسيين والعسكريين, بحاجة ايضا الى ان يوهم الفرنسيين بان هؤلاء العرب برابرة لا بأس من تأديبهم كما فعل في ليبيا. اضافة الى ان كون مراح جزائري الاصل, قد يفيد في مرحلة تالية يخطط لنقل التفجير فيها الى الجزائر. ومن هنا يفهم رفض الجزائر دفن مراح فيها. فهو شاب فرنسي, لم يعرف الجزائر يوما, فلماذا لا تتحمل فرنسا مسؤولية وصوله الى هذا السلوك العنفي - وهي فعلا مسؤولة عن ذلك لاسباب تتعلق بتعاملها مع المهاجرين, وبسياساتها الخارجية ?

مسؤولية لم يتوقف التملص منها على ظاهرة مراح بل ها هي تمتد الى ظاهرة نفي الائمة. ظاهرة تطرح اكثر من سؤال لاننا كنا نعرف مذ كنا نعيش في فرنسا بوجود هؤلاء الاصوليين ونشاطهم, وبالطبع الدولة واجهزتها ايضا, فلماذا سكتت عنهم حتى التوقيت المناسب ? توقيت حملة ساركوزي ? ام توقيت حملات اخرى اكثر تعقيدا?.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد