معركة الإصلاح

mainThumb

08-04-2012 11:01 AM

معركة الإصلاح تعد معركة فاصلة في تاريخ الأمة الحديث, وليس مجرد حدث عابر, فمعركة الإصلاح بمعناه الشامل هي معركة شعوب, قبعت عدة عقود تحت نير الاستبداد والفساد الذي بدّد طاقات الأمة وأهدر ثرواتها من اجل نخب قليلة منعزلة, لم تستطع تحقيق آمال الشعوب العربية بالنهضة والتحرر والوحدة, ومقاومة التدخلات الخارجية, واستبدت بالأمر من دون الناس.

الآن الشعوب العربية عرفت طريقها, واكتشفت بعد ردح من الزمان أن الفساد أشد خطورة من العدو الخارجي, وأقدر على إلحاق الضرر ببنائها الداخلي, لأن الأمة التي ينخرها الفساد ستكون عاجزة عن المقاومة وحماية مكتسباتها, لأنها عاجزة ابتداءً عن بناء قدراتها الذاتية وتحقيق صروحها الداخلية.

ولذلك المعركة واضحة ومكشوفة بين معسكرين; معسكر الفساد من جهة الذي يضم شبكة معقدة من أصحاب المصالح الفردية والفئوية الضيقة, ومن أصحاب الثروات والأموال, ويلحق بهم جمهرة كبيرة من فئات متعددة الأغراض والمواهب التي تحاول حماية مكتسباتها من مرحلة الفساد. والمعسكر الآخر هو معسكر الإصلاح الذي يضم كل القوى التي تؤمن بالحرية والنهضة, وتمكين الشعوب من استرداد سلطاتها وبسط سيادتها الكاملة على مناحي الدولة ومستعدة للتضحية من أجل ذلك.

كل فرد من الشعب يحتل موقعاً في أحد المعسكرين شاء أم أبى, فهو يسهم في دعم أحد المعسكرين من دون أن يشعر, إما بيده أو لسانه, أو قلبه, فالكلمة لها وزن, والقلم له وزن, والفعل له وزن في هذه المعركة, والميول القلبية الخفية لها وزن, ولذلك ينبغي على كل فرد أن يختار موقعه بنفسه وإرادته, وان يستعمل بصيرته في اختيار طريقه واحتلال موقعه, وينبغي لكل فرد أن يتخلص من القيود الوهمية وحواجز الرعب الذاتية التي تم تدشينها داخل نفس المواطن العربي, من خلال ثقافة الخوف والاستكانة وثقافة الاستخذاء وثقافة الاستجداء, وثقافة النأي على الشأن العام ورفع شعار "سلامة الرأس", او ثقافة: "اربط الحمار حيثما يريد صاحبه", وثقافة المثل الذليل القائل: "اذا أتيت على قوم يعبدون العجل, حش وأطعمه".

أما ثقافة الإسلام فتقول لك: لا يكن أحدكم إمعة, يقول إن أحسن الناس أحسنت, وان أساءوا أسأت, ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا, وان أساءوا أن تتجنبوا إساءاتهم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فان لم يستطع فبلسانه, وان لم يستطع فبقلبه, وذلك اضعف الإيمان.

ويقول الله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس, تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر".

معركة الإصلاح قائمة, ومستمرة, وتسير نحو تحقيق أهدافها بنجاح ولن تتوقف, مهما كانت العوائق, ومهما كانت الطريق ضبابية بفعل ذلك النفر الذي يحاول طمس الحقائق وتضييع الحقوق وتشويه أهل الإصلاح, ومطالب الإصلاح وأهداف الإصلاح.

الشعب الأردني, والشعوب العربية كلها تكتنز الوعي والبصيرة, واستطاعت أن تحقق قدراً كافياً من الإدراك واليقين الذي يمّكنهم من كشف الحقائق وتمييز الغث من السمين.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد