حديث بين مواطن ووطن

حديث بين مواطن ووطن

10-04-2012 05:12 PM

لك الله يا أردن، لم تحرد يوما أو تغضب، الابن تطاول وأطال اللسان، والأخ مارس قسوته وابتعد، وأنت أنت عربي التوجه والهوى ...

حضنت أبنائك ولم يحضنوك، أطعمتهم ولم يطعموك، الجميع اشترط وأمر وأنت تسمع ولا تناقش، تفكر في التنفيذ، احضروا كل التجار والسماسرة وبحجة فقرك لم يطلبوا فيك الكثير، زوجوك لمن يدفع عرفيا ومسياراً ومتعة.

تعلمنا انك ارض الفخار والعلياء، وانك السماء التي تحمينا والحضن الذي يؤوينا، واليوم تنازع الفرقاء من أبنائك على حكمك، فلم يقنعهم قانون، ولم يجذبهم حنين، وبقيت أنت أنت والتجار كما هم تجار وسماسرة ...

شعروا أن الفرصة حانت، وأنهم الأقوى ولا بد من اخذ القيادة، فيا سبحان الله مواطن أقوى من وطن، أين يكون هذا، ليس لدي طريقة أو أسلوب لتدريس مثل هذه الفكرة لأبنائي أو محاولة نقلها للقادم من الأجيال. فالمواطن يقوى بالوطن ولا يقوى عليه، فعلا عجيبون نحن الأردنيون في اختصار قامة وهامة الوطن لنرفع قاماتنا وهاماتنا، ولم نعلم أن رفع هذه القامات وهذه الهامات في هكذا حالة لا يكون إلا للأسفل، فماذا نسمي هكذا مواطن وكيف هي نشأته.

محاط بالأشواك أنت يا وطني، والذين يحضنوك بحجة أنهم يحموك لم يعلموا أنهم أدموا قلبك ونهضوا يقتلوك. اغفر لنا أيها الوطن فنعلم أنهم استراحوا بساحاتك وضلالك واستباحوا حرماتك وكل مقدس لديك، وارتوت قلوبهم وسال ماؤك ودمك في شرايينهم ومع كل هذا بقيت وحيدا ظمأنا حيرانا. هل هؤلاء أبناؤك أيها الوطن، من صلبك أنت أم هم أبناؤك بالتبني وأنت عاقر لا تنجب.

لا تخفض رأسك يا وطني وأرفعه عالياً، فهذا ليس قدرك وحدك، ولكنه اختيار واختبار من الله ، فوالله انك الأعز الأكبر، والقوي الأعظم .

أنا الأردن الذي احتضنكم إخواني العرب، احتضنتكم هنا واحتضنتكم في بلادكم، أنا الأردن الذي ناصرتكم، وأنا الأردن الذي لا استجدي، ولكن ردوا إلي شبابي الذي أفنيت في خدمتكم، تذكرون جميعا يوم ضاقت أوطانكم وَسِعَكم الأردن بكل أطيافكم وبمختلف بلدانكم من الهلال الخصيب حتى الخليج، أنا لا أمنن على احد ولكني أذكركم بمن هو الأردن وكيف هي قامته وأُنَبِّه للأصول والطقوس التي يجب أن تمارس عندما يذكر الأردن.

وأنت أيها الأردني تهجرني لقانون لم يلبي طموحك، ولم تتذكر أني حضنتك ولم تلبِ أنت طموحي، بل أكثر من ذلك بعض المأزومين المهزومين باتوا ينهشوا جسدي وجسد قيادتي لا لشيء إلا للإساءة، ولن أقول إطالة لسان فهذه ما عادت تعجبكم، وأصبح فقهاء القانون لا شغل لهم إلا تجريم هذا الاتهام، فسموها ما شئتم وسأسميها استقواءً واستغلالاً وانعدام مروءة، وصيد في الماء العكر، وهي قبل كل هذا إساءة لي ولرمز وجودكم واستقلالي.

دخيلك يا الله ما أقساكم من مواطنين، أُترك لأواجه أزماتي ومصيري، حولتموني من وطن إلى قطعة ارض تباع وتشترى وطلبتم تقسيم التركة، وأنا على قيد الحياة، ولم تعلموا أني الوارث الوحيد لكم، الحاضن لأجسادكم، الأمين على أطفالكم، نزعتم الإحساس مني وتريدون نزع الوقار والهيبة عني، فهل هذا مقبول منكم ؟

ليعلم الجميع أنني لا أموت ولست بديلاً لأحد، وان الأردن الذي هو أنا لا انحني ولا انكسر، اتعب أحيانا ولكني أنهض قريبا بإذن الله وانّ حضني سيكون مفتوحا لجميع أبنائي المخلصين الباريين لي، وأنت يا من أَكَلَ الاحتقان والحقد والغل قلبك عُد إلي وتصور ــ لا سمح الله ــ كيف سيكون حالك إذا مت أنا وتقسمت، لن تجد وطنا يأويك ولا قبرا يحفظ جسدك الطاهر الذي أخد صفة الطهارة مني.

عاش الأردن حراً عربياً لأمته هاشمياً لأبنائه



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد