المغتربون يلوحون بالتصعيد مع الحكومة عقب اقصائهم من قانون الانتخاب

mainThumb

10-04-2012 07:18 PM

لم يأت قانون الانتخاب الجديد على التصريح أو التلميح لدور المغتربين الأردنيين في الحياة السياسية لوطنهم، ليعزز من حالة التجاهل التي تدمي قلوب نحو 650 ألفا من أبناء الوطن، رأوا بأم العين نظراءهم من أبناء الدول العربية الشقيقة يشاركون في تجربتهم الديمقراطية عبر منابر سفارات بلدانهم في أصقاع الأرض التي يقيمون بها.
لقد أراد صنّاع التشريع الجديد زيادة غربة الآف من أبناء الوطن ممن ظلوا طيلة عقود مضت هدفا لمعول هدّام، قدر ثم قرر أن يطويهم ثم يمزقهم من صفحات الحياة السياسية لبلدهم الذي يستولي على أفئدتهم، على الرغم من غيابهم عنه لسنوات طويلة نتيجة ظروفهم وطبيعة التزاماتهم.
 
هل هي خطة للإطاحة بنحو 15% من المواطنين
 
فما الذي تريده حكومة جاءت بقانون يريد الإطاحة بحقوق 15% من المواطنين الأردنيين بجريرة تواجدهم خارج البلاد، وكيف لها ألا تعتبرهم مواطنين يكفل الدستور حقوقهم وواجباتهم، أم تعتقد بأن شعرة معاوية التي تربطها بهم تتمثل فقط باستيفاء ضريبة المعارف على أملاكهم التي لم تسدد أثمانها لمقرضيهم بعد، أو لربما يمكن اختصار مسألة المواطنة بدفع ضريبة الخروج من بوابة مطار مغادره يفقد الحق والشرف بأن يكون مواطناً كامل الحقوق والواجبات.
 
هل تريد الحكومة إقرارا ودمغة للقانون من قبل برلمان يضمن القضاء على تلك الحقوق لمجرد غياب رؤيتها حيال أهمية ومكانة أبناء الوطن بالخارج، أم ترمي من وراء ذلك تخريباً عوضاً عن إصلاح يتشارك فيه الجميع هموم وطموحات وأحلام البلاد في زمن التحولات التي نريدها أن تفضي لبناء بلد عصري يحاكي تلك التطورات التي طرأت على المنطقة.
أم تريد الحكومة قاصدة أو نتيجة جهل إقصاء تلك الآلاف من أبناء الوطن باعتبارهم غير مؤهلين لحمل همومه وطموحاته وترجمة أهداف مستقبله، فيما كان هؤلاء ولا زالوا رافداً حقيقيا لاقتصاد أوشك على التداعي، عبر دعمهم ميزان مدفوعات الخزينة فضلاً عن دفع غرامة البعد عن الأهل والأحبة لمنحهم أملا بالعيش الكريم كنتيجة لسياسات حكومية جيرت خيرات الوطن لثلة ممن لا ندري أين هم رغم معرفتنا بهم.
 
 
بيان وزاري يخلو من إشارة تعترف بالمغتربين
 
والغريب بأن البيان الوزاري لم يأت على ذكر المغتربين والكيفية التي يمكن من خلالها استثمار تواجدهم في الخارج عبر رفد السياحة و الاستثمار والتعليم، فضلاً عن دورهم في الحياة السياسية، لتظل التصريحات الرنانة حيال تلك الشريحة من أبناء الوطن مرافقة ومقتصرة على الساعات الأولى التي تلي تكليف رؤساء الوزراء الجدد لمهامهم. 
ومع تقديرنا ومعرفتنا اللصيقة بنزاهة وعدالة رئيس الوزراء وأعضاء كادره، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة تغاضينا عن وقوعهم في شرك التقصير والإقصاء، ولعلهم لم يشهدوا طرح الحكومة المصرية عبر سفارات العالم لسندات للمغتربين لمساعدة اقتصاد بلادهم، ولعلهم لم يروا أيضا حجم التهافت على تغطية تلك السندات الحكومية تقديراً من مغتربي أبناء الكنانة لوطنهم، غير أن الرؤية الغائبة وقصور التقدير أمر ظل يلاصقنا ولا ينفك عن مطاردتنا، حتى لو سعينا لقبول ذلك التقصير حباً في الوطن وقداسة ترابه.
 
هل هو الجفاء وسوء التقدير
 
كنا نتوق لحكومة تنبري للدفاع عن حقوق ومصالح أبناء الوطن الذين سيقابلون ذلك بممارسة عملية ايجابية تعزز من علاقتهم التشاركية بالنظام السياسي على أساس وطني، غير أن الجفاء وقلة التدبير كانا السمة الرئيسية لآخر تلك الحكومات كنظيراتها التي حلت وارتحلت دون أن تترك بصمة لأبناء الوطن في داخله فما بالك بمن هم خارجه؟ 
وفي هذا المقام، هل سيكون نواب الأمة وأعيانها مدافعين عن قانون ظالم، هل سيمرورنه، أم أنهم سيتذكرون بأن الآفاً من أقربائهم وأبناء وطنهم سيخسرون نصيباً مهماً من تلك الحقوق التي تناولها الدستور، مع إيماني بأنه سيكون بمثابة اختبار جديد للمجلسين لتقدير موقفهما وفهمهما للحقوق الأساسية للمواطن التي ينبغي أن ينبروا للدفاع عنها.
 
المقابل في زمن الربيع العربي
 
وهل ستعتقد الحكومة أن قانونها المقترح والمجتزأ لن يحمل أية أبعاد أو تداعيات في زمن الربيع العربي ووقت التغيير، وهل تظن أن أبناء الوطن في الخارج سيظلوا مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري لهم بعد أن غضوا الطرف عن ذلك التقصير المتمثل في رعاية المدارس الوطنية في بلاد هجرتهم أو طرح برامج استثمارية من شأنها إفادة الوطن والمغترب في آن معاً، أم تلك القضايا الشائكة التي عجزت خلالها الحكومات عن إيجاد ودعم مجالس من شأنها التقريب بين أبناء الوطن وتوحيد جهودهم لخدمته.
 
وقد تدارس عدد من أبناء الجالية الأردنية في أرجاء العالم سبيل الرد على ذلك الإقصاء، ومنذ بدء دراسة القانون المذكور، فقد شرع هؤلاء في إجراء حوار موسع يتناول طريقة وكيفية مساهمتهم في التنمية السياسية بالمملكة، حين دار في خلدهم بأن القانون المنتظر سيأتي على ذكر دورهم في هذه العملية، غير أن تجاهلهم في ذلك التشريع وقذفهم خارجه دفعهم لتدارس موقف مختلف يقضي بوقف أشكال التعاون مع الحكومة بل والتصعيد معها بوسائل مختلفة.
ويتردد في أوساط أبناء الجالية الأردنية في نحو 30 دولة ، عزمهم وقف التعاون السياحي والتعليمي والاستثماري مع الحكومة فضلاً عن تقليص مستوى التحويلات المالية للحد الأدنى، ناهيك عن إقدامهم على اللجوء للجهات القضائية بغية الطعن في التشريع الذين تجاوز الحقوق الأساسية التي يتناولها دستور المملكة.
 
 
هل هو نظام بدون مدخلات وتغذية راجعة
 
وكما يعلم الجميع بأن لكل نظام مدخلات تليها معالجة ومن ثم مخرجات قابلة للنقد والاستماع للتغذية الراجعة التي تنم عن وجود خلل أو قصور في ذلك النظام، غير أن التجاهل التام للنظام ذاته لتلك التغذية أو للمدخلات من حيث الأساس يجعل من مستقبله قصيرا متنكبا الطريق القويم ومفضلا البحث عن أفق يعلم بأنه مسدود داخل نفق مظلم.  
وددت توجيه رسالة لأعضاء مجلس النواب الكريم المطالب بموقف وطني يعيد الثقة، فممثلي الأردنيون في عمان والكرك أو الرياض وأبو ظبي هم ذاتهم ممن يتواجدون في المجلس الواقع بالعبدلي، وأعتقد بأنهم لم يقبلوا مرور التشريع المذكور دون أن يأت على ذكر أبناء الوطن بالخارج، وليتابعوا تلك التطورات التي رافقت آلية الترشيح والانتخاب في السفارات المصرية والتونسية والموريتانية والسودانية خلال الأشهر القليلة الماضية، وهي دول – مع تقديرنا لنا- كنا نتشدق بأسبقيتنا أمامها في مجال التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية.
 
أقدم إضافة متواضعة في هذا المقال لتضاف إلى أرشيف مقالات عشرات المغتربين الأردنيين الذين اجتهدوا وناضلوا لضمان حقوق أبناء الوطن في الخارج من دون أن يتلبسهم اليأس. 
 
 
 
أردني مقيم بدولة قطر 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد