ما بين بيلين وعباس

mainThumb

10-04-2012 08:36 PM

قبل ايام طالعتنا الصحف بخبر مفاده ان يوسي بيلين قدم نصائح للقيادة الفلسطينية وبالتحديد الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول اتفاقات اوسلو نصحه فيها ان يقوم بحل للسلطة وكشف عورة رئيس وزراء اسرائيل نيتانياهو , وترك مليونان ونصف فلسطيني في رقبتة ليتحمل مصاريفهم وادارة شؤونهم ويكون هو المسؤول الاول والاخير امام المجتمع الدولي عن كل ما يحصل في هذه الاراضي المحتلة ,ان بيلين اعتبر وجود السلطة الفلسطينية وتمسكها بهذه الاتفاقات الغطاء الشرعي والحقيقي التي يمرر نيتانياهو من خلالها كل مخططاته الاستيطانية عبر المماطلة في عدم تطبيق بنود هذه الاتفاقات وقضم ما تبقى من اراض فلسطينية في الضفة والقدس , ويوسي بيلين هذا الناصح والمتباكي على المصلحة الفلسطينية يعتبر من اقصى اليسار الذي في عهد هذا اليسار تمت معظم الحروب على العرب وتعاظم الاستيطان في الاراضي المحتلة ,لذلك هو لا يقدم هذه النصائح حبا بالفلسطينين كما ربما يتبادر للسذج من الفلسطينين او العرب او المسلمين ولكنه يقدمها لانه يعتبر هذه الاتفاقات اكبر خدمة وفرصة قدمت لشعبه حيث من خلالها سوف يسيطر على اكثر من ثلثي الارض الفلسطينية لذلك هو لا يريد ان تضيع هذه الهدية التي لا تقدر بثمن على اسرائيل واليهود, من هنا فهو يتباكى على مصالحه ومصالح شعبه التي سيضيعها هذا الارعن نيتانياهو, لذلك ليس غريبا ان تصدر مثل هذه النصائح من شخص يهودي وكما يقولون فاهل اسرائيل ادرى بشعابها وهذا الشخص من اهل هذه الدولة المغتصبة , لذلك هو على ما يبدو مطلع على امور ربما لا يكون الرئيس عباس ولا الاخرين مطلعون عليها و بالتأكيد هذه الامور تخص امن و بقاء دولة اسرائيل لان هذا ما يهمه بالدرجة الاولى وخائف ان يضيعهما امثال نيتانياهو بتصرفاته المتتهورة حسب هو مايرى.
 
ان هذا الاقتراح لم يكن الاول ولن يكون الاخير للقيادة الفلسطينية فالكثير من القيادات الفلسطينية ادركت هذا منذ زمن وعلى راسهم الرئيس نفسه حيث يتكلمون ليل نهار عبر وسائل الاعلام بانه لا يوجد شريك حقيقي في العملية السلمية والتي بدأت من اوسلو وانتتهت به , لأن ما يجري على الارض مخالف لكل بند وكلمة في هذه الاتفاقات والتي كرست الاحتلال اكثر مما انهته , والدليل على ذلك ان عدد المستوطنات تضاعفت خلال هذه الاتفاقيات المسماة باتفاقيات السلام اكثر من الضعفين فلا تكاد تجد قرية او مدينة فلسطينية الا وقد خنقت بالمستوطنات من كل جانب حتى اصبح بعض منها مدن كبيرة بها المصانع والجامعات التي اصبحت معروفة على المستوى الدولي مثل ايريل شارون وغيرها حول نابلس والقدس , فلو ذهبت برحلة من طولكرم مرورا بنابلس وصولا الى رام الله ستجد ان قمم كل الجبال المحاذية لهذا الطريق معبأة بالمستوطنات وهي تتمدد كالافعى مطلة على كل قرية ومدينة فلسطينية , واما القدس فعلى القدس السلام فهي مطوقة من جميع الجهات بالمستوطنات و اصبحت المطالبة بها من المعجزات في اي عملية سلام معهم حيث تعتبرها كل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة اليسارية منها او اليمينية عاصمة دولة اسرائيل الابدية غير قابلة للتقسيم وهي من المحرمات عند كل الاحزاب اليهودية ,حتى ان بعض الاعلام العربي المروض اصبح يتحدث عن دولة فلسطينية على حدود سبعة وستين ولا يكمل الجملة المشهورة وعاصمتها القدس الشرقية فنحن دائما كنا كرماء دقيقين باللفظ (الشرقية) حتى لا نغضب اليهود واذنابهم بالغرب اما هم فيقولونها علنا القدس عاصمتنا و لا تقبل القسمة دون ذكر للغرب او الشرق ومن لم يلاحظ هذه النغمة الاعلامية العربية الجديدة  فليراقب النشرات الاخبارية عبر المحطات التلفزيونية او الراديو او حتى الصحف العربية المختلفة.
 
لا احد لا يريد السلام من العرب والمسلمين ولكن هل هم يريدونه ؟ الكل يريد السلام وبالذات الفلسطينين خاصة في ظل هذا الوضع العربي المقيت وفي ظل التدهور العربي المستمر ونسيان القضية الفلسطينية عند الكثير من الانظمة العربية والتي قسم منها اكتفي بدفع المال وحالهم يقول للفلسطينين حلوا......., واما القسم الآخر فلم يعد حتى يعترف بها اصلا, في ظل هذا الوضع البائس وخاصة بعض تضييق الخناق على منظمة التحرير وطردها من بيروت بعد محاصرتها وتجفيف مصادر التمويل لها وقتل العديد من قياداتها والمذابح التي لا يحلو ذكرها هنا على يد ما يسمى الآن لسخرية القدر الانظمة الممانعة والمقاومة لاسرائيل والحقيقة هي انظمة مساندة وداعمة لوجود اسرائيل لانها هي التي انهت وشردت كل اشكال المقاومة من لبنان الى جميع اصقاع الارض , لذلك فما الاستغراب مما يحدث بسوريا الآن ؟ الزمان يعيد نفسه فقط الاختلاف هو الشعب االمشرد والمقهور فالاول كان الفلسطينيون واللبنانيون الشرفاء والآن اصبحوا الاخوة السوريون ,نعم هذه هي الاسباب التي دفعت القيادات الفلسطينية حينها الى ابرام اتفاقيات السلام والاعتراف باسرائيل رغم تحفظنا على كل هذه الخطوات , تبعتها وبسرعة اتفاقيات السلام العربية مع دولة اسرائيل , وهنا لازاما علينا ان نذكر بالشهيد الختيار ابو عمار والذي دفع حياته  ثمن هذه الاتفاقات فرغم انه المهندس لها وهو الذي وقعها معهم وهو الذي نبذ العنف واتجه معهم الى السلام الموعود ,وهو الذي وقع الاعتراف بدولتهم على اكثر من ثلثي فلسطين ظنا منه انهم سيتركون له الثلث او حتى اقل ففوجيء بانهم حتى الثلث يريدون ان يقتسموه معه فجن جنونه ورفض التوقيع , وكلنا نعرف ما جرى بينة وبين باراك وكلينتون ورفضه التوقيع فكان عقوبته ان حوصر بغرفة ولم يسمح له حتى الخروج منها, واما نومه فكان على اصوات الجرافات والحفارات ولم يجرأ اي زعيم لا عربي ولا اجنبي ان يتصل به رغم انه حائز على جائزة نوبل للسلام ويعتبر زعيم دولة واخيرا تم تسميمه والكل يعرف هذه الحقيقة وهيهات من يفتح فاه ,هذه نهاية شخص كل ذنبه انه وثق بهم وبوعودهم , وللحق يقال فقط انه برغم كل سلبيات هذه الاتفاقات فقط تم اعادة اكثر من اربعمائة الف فلسطيني كانوا بالخارج في هذه الفترة حيث عجزت كل جيوش الدول العربية عن اعادة فلسطيني واحد فهذه ربما من النتائج الايجابية لهذه الاتفاقات ووجب ذكرها وهي تسجل للمرحوم الختيار ابا عمار رحمه الله واما باقي النتائج فلا شك انها سلبية .
 
اننا من هنا نقول للرئيس محمود عباس ابا مازن والذي نكن له كل الاحترام ولا احد يشك في وطنيته على الاطلاق بل ونحترم فيه وضوحه وصراحته فهو من اول يوم استلم به زمام السلطة الفلسطينية  صرح بانه ضد العمليات العسكرية وهو مع الحراك الشعبي السلمي ومسار السلام في اعادة الحقوق الفلسطينية وباعتقادنا انه لو تم المساعدة في تنفيذ هذا البرنامج لكان خال الفلسطينين افضل مليون مرة مما هو الآن ولو اخذنا الانتفاضة الاولى كمثال لهذه السياسة والتي نحن متأكدين ان الكثير من القيادات الفلسطينية والتي شاركت حينها في عملية السلام في اوسلوا التي ادت الى وقف هذه الانتفاضة البسالة والاتيان بالسلطة الى الضفة وغزة , لو يعود الزمان للوراء ماكانوا فاوضوا بل ابقوا على استمرارية هذه الانتفاضة السلمية, هذه الانتتفاضة لو لم يتم الالتفاف عليها وتركها لكانت كل الضفة وغزة محررتان ودونما اية مستوطنات الآن ,ولنأخذ الانتفاضة الثانية كمثال اخر معاكس للاولى وهوعسكرة الانتفاضة واستخدام السلاح والعمليات الاستشهادية و ما الى ذلك والنتائج التي الت لها لوصلنا الى ان عسكرتها كان اكبر خطأ تم ارتكابه من قبل السلطة والتي كانت نتائجه تدمير كل ما انجزته هذه السلطة وتقسيم الضفة بالحواجز وعشرات الالاف من الاسرى الذين لا زالوا قابعين في سجون الاحتلال حتى يومنا هذا دون نصير ,واخرها الانقسام الذي حصل بين الفصيلين الرئيسين في هذه السلطة والذان كانا متحدين تماما بالانتفاضة الاولى , من هنا نحن يا سيادة الرئيس اذ نثمن لك كل هذا الوضوح والشفافية والجهود والتي جربتها طيلة السنين الماضية مع عدو صلف يبدوا انه لا يفهم مثل هذه اللغة اللطيفة منك, الا اننا في نفس الوقت نعرف مواقفك الجريئة وتحدياتك و منها تقديم العضوية في الامم المتحدة لفلسطين وعدم التفاوض الا بعد وقف المستوطنات وتحديد برنامج زمني لهذه المفاوضات واسس واضحة لها هي حدود سبعة وستون والقدس , ولكن السؤال الذي يطرح نفسه يا سيادة الرئيس هل هم جادون بذلك وسيوافقون على كل هذه المطالبات ؟ وماذا لو لم يوافقوا ؟ هل سيقى الامر امامهم مفتوح وهم يقضمون الارض ليل نهار اما اعينك واعيننا واعين ما يسمى الجنة الرباعية؟ نحن متأكدون انك تعلم حقيقتهم جيدا ونحن ندرك الضغوط بل والتهديدات لك فهؤلاء لا يراعون عهدا ولا ذمة ولكن الم يحن الوقت لأن تفعلها وتطلق رصاصة الرحمة على هذه السلطة الميتة اصلا؟ الم يحن الوقت لادراك ان الوقت يمر لصالحهم وقضم الارض مستمر والقدس اصبحت في خبر كان؟ لماذا لا ترمي كل هذه الاتفاقات الى زبالة التاريخ وتجعل نيتانياهوا يتحمل مسؤولية الضفة الغربية و كل ما يجري فيها امام المجتمع الدولي؟ لماذا الانتظار والتردد , لن يحصل يا سيادة الرئيس من تهويد اكثر مما يحصل الآن ؟ دع هذه المشكلة في عنق هذا المجرم نيتنياهوا ولتدع الامة العربية والاسلامية كلها تتحمل مسؤولية القدس وهذه الاراضي المقدسة (الوقف الاسلامي) , نتوقع منك ان لا تحمل الشعب الفلسطيني المكلوم والمغلوب على امره عند اسرائيل و العرب والمسلمين وزر ضياع الاقصى وفلسطين بحجة هذه السلطة الفلسطينية والتي هي شكل دون اية سيادة مع كل الاحترام لك وللحكومة ووزرائها ,حيث لا تملكون حتى حق التحرك الا بامر الجندي والمنسق الامني الاسرائيلي وهذا  اقتبسه من كلامك وليس لي فكفانا ضياعا .
 
اخيرا نحن متأكدون يا سيادة الرئيس بان وطنيتك هي الت تقودك و في نهاية الامر ستنتصر مسؤوليتك وحكمتك وشجاعتك ولن تنتظر امثال بلين ولا غيرهم ليعطوك النصائح فانت ادرى بمصالح شعبك  لانه من اختارك وانت بالنهاية ستغلب مصلحته فاذا كانت في حل هذه السلطة فنحن متأكدين انه لا يوجد اجرأ منك على فعلها حتى ولو ان هناك من ينتظرون ربما هذا القرار للقفز وخدمة اسيادهم اليهود فافعلها وافضح الجميع وضع الحبل حول عنق نيتانياهو والدول العربية والاسلامية في تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه القضية ولا تجعلها في اعناق الفلسطينين وحدهم , اعاد الله فلسطين حرة عربية مسلمة وحمى المسجد الاقصى ليبقى منارة للمسلمين وشوكة في حلوق كل اليهود والملحدين اللهم اسمع دعائنا انك انت السميع المجيب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد