الخطوط الحمراء في المجال السياسي الإسلامي

 الخطوط الحمراء في المجال السياسي الإسلامي

11-04-2012 03:04 PM

ماذا نعني بالخطوط الحمراء؟ هي دائرة الأحكام التي لا يجوز المساس بها أو الدعوة إلى إلغائها أو تغييرها أو الانتقاص منها . وهذه الدائرة ضمن النظام السياسي الإسلامي تشتمل على ما يسمى اصطلاحاً بالقطعيات : وهي الأحكام ( السياسية ) التي شرعها الله لعباده والتي لا تقبل التغيير أو التبديل. وهي تقسم بدورها إلى قسمين : كليات : أي قضايا عامة تتناول الأمة بالمجموع .
 
وجزئيات : قضايا خاصة تتناول حالات أو أفراد في قضية جزئية محددة .
 
والقطعيات في المجال السياسي قليلة أو نادرة بشكل عام  ( ولكنها غاية في الأهمية لأنها هي التي ترسم الملامح الكبرى للنظام السياسي الإسلامي ، وهي التي تحدد الدائرة التي يجب أن تدور في ضوئها الأحكام الجزئية الاجتهادية ولا تخرج عنها )، وذلك لأن هذا الجانب بالذات من علاقات البشر فيما بينهم خاضع بشكل كبير جدا لتغيرات الظروف والأعراف والعادات والتقاليد السياسية والبيئات فكان الأنسب في مثل هكذا تشريعات أن تحظى بمرونة عالية لمواكبة تغيرات الزمان والمكان، فكانت الأحكام القطعية التي يجب الالتزام بها قطعا قليلة في هذا الجانب، وترك باب الأحكام الظنية والاجتهادات والمصالح المرسلة مفتوحا بضوابط أهمها تحقيق المصلحة بما لا يخالف القطعيات .
 
من أمثلة القطعيات الكلية السياسية التي لا يجوز الخروج عليها : الحكم بما انزل الله ، الشورى، العدل ، المساواة ، الحرية، اختيار الأكفاء وتولية الأمناء، النصيحة للحاكم وأفراد الرعية، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طاعة الحكام في غير معصية، العمل على نشر الأمن وحماية الدولة داخليا وخارجيا، وإقامة الحدود، وتوزيع المقدرات بشكل عادل ، ومسؤلية الحكام عن تصرفاتهم..... الى غير ذلك من الأحكام التي شهدت لها النصوص.
 
ومن أمثلة القطعيات الجزئية وهي نادرة : اشتراط الإسلام والبلوغ والعقل في الحاكم، واعتبار غير المسلمين ممن رضوا أحكام الإسلام مواطنين في الدولة ( بغض النظر عن مسماهم: أهل ذمة أو غير ذلك )... الى غير ذلك من الأحكام الجزئية الفردية .
 
أما باقي الأحكام من المسائل التي لا نص شرعي فيها، أو ما كان فيها نص ولكنه يحتمل وجوها عدة، ومن امثلة الأول( ما لا نص فيه مما هو من المستحدثات ) : تشكيل الوزارات ومسمياتها، والهيئات المدنية العامة، وشكل نظام الانتخاب وشروطه، وشكل البرلمان ومسماه، وتحديد مدة الحكم الخ الخ، ومن امثلة الثاني ( ما كان فيه نص ظني يحتمل عدة وجوه للتفسير ) : ترشيح المرأة وغير المسلم للمناصب العليا، و إلزامية الشورى أو عدمها، وحدود مسؤولية الحكام عن تصرفاتهم، ومدى صلاحياتهم والحالات التي يعزلون أو ينعزلون فيها ... 
 
فإنه يرجع فيها إلى اختيار ما يحقق المصلحة، وأعني هنا طبعا مصلحة الأمة لا فئة أخرى، لأن الأحكام ما شرعت ابتداء وانتهاء إلا لتحقيق المصلحة،وفي الجانب السياسي مصلحة الأمة بالتحديد إعمالا لقاعدة: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، وعلى ذلك فكل الأحكام التي هي من خارج دائرة القطعيات لا تعتبر خطوطا حمراء، بل يجوز تغييرها وتبديلا تبعا لما يحقق مصلحة الأمة، فقد يكون من مصلحة الأمة ( في مكان معين وزمن معين وظرف معين أن يكون نظام الحكم ملكيا لا جمهوريا، وبالعكس ( علما أن الإسلا م لا يقر الحكم الوراثي إلا في حالات الضرورة ) وقد يكون من مصلحتها توزير النصارى أو اليهود من مواطني الدولة، أو عدم ذلك، أو ترشيح المرأة بنظام الكوتة او التنافس الحر أو منعها من الترشح ابتداء، او التعاون مع الدول الكبرى او عدم ذلك، أو ترشيع الانتخاب العام أو المقيد أو الزام الحكام بدورة رئاسية محدودة بزمن أو توليته الحكم مدى الحياة ، الى آخر ذلك من الاحكام السياسية الاجتهادية .
 
خلاصة القول :
 
لا بد ابتداء من التأكيد على ضرورة عدم الخروج عن القطعيات الشرعية .
وفي باقي الأحكام تراعى مصلحة الأمة بما لا يتعارض مع القطعيات .  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد