الخريف العربي

mainThumb

16-04-2012 07:24 PM

لقد كان صيف العرب حاراً أعقبه خريفٌ دامٍ جاءت به خضارٌ ربيعيّةٌ أُسقطت من عربة بو عزيزي لتلتقطها أيادٍ كانت تمتد على الأرض حيارى غير آبهة بتلف تلك الخضار لعلها تُسكت جوع بطن لا يشبع وعقلٌ حائرٌ يترنّع.
 
 فادعى كلّ أولئك أنهم في ربيعٍ خَضِرِ الأوراق مدثرة بروائح وردية ونسائم منعشة ونهارٍ سطع الشمس واضح جلي يعقبه ليل هادئ لامع قمره رطب هواؤه ليتلوه صباح يصحو فيه جاره العربي الذي يختبئ في بيته من برد شتاءهم الماطر ليفتح تلفازه ذو الأبعاد الثلاثة ليرى أخبار ربيع بني جنسه  ليصدح صوت تلك المذيعة الفتية المتبرجة ذات الوجه المبتهج بفجائع وقتلى الربيع العربي كالعادة .

ويرى النعوش المحمولة والرؤوس المقطوعة وأرقام أعداد القتلى وتلك العجوز التي شَمُطَ رأسها تزحف على رُكبٍ  داميةٍ من تحت أنقاض بيت هدم سقفه مُزّقت عنها ثيابها أثناء اغتصابها ممسكة بأحد أطراف حفيدها المُقطّع.

ويرى ويسمع صاحب ربطة العنق وهو يواسي أولئك ويدعوهم إلى  الثبات وإلى الصبر على ربيعهم  الذي سوف تُنبت فيه سنابل تمتلئ بقمح غربي الطعم والرائحة.
 
ويشاهد وينصت لذلك الفلاح العربي الذي يعمل في أحد تلك الأربعة العربية ليدعي أن محصوله في ازدهار ونمو ليردّ عليه ذلك الحصاد مكذباً قادحاً مستهزءً.

ليطغى شخير نعاس الضجر الذي أصاب ذلك المتفرِّج العربي على صوت تلفازه لترتخي يده السمينة لتسكب ذلك الشاي الذي تحملة على فخذه العاري ليفزع متململاً ليبادر إلى جهاز التحكم بالتلفاز ليقلبه إلى قناة الرقص العربي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد