القوة المنظمة تستحق العقوبة

mainThumb

17-04-2012 12:09 PM

أصبح منطقاً مبرراً ضرورة الاتفاق على معاقبة الإسلاميين, واصبح مبرراً بناء ذلك التحالف الذي يضمّ شتات القوى السياسية المتبعثرة مع الأنظمة والمؤسسات الرسميّة لشن الهجوم المنسق على الإسلاميين, لا لشيء وإنّما لأنّهم قوة سياسية كبيرة, ولأنّهم قوة منظمة عابرة للمحافظات, ولأنّهم يتمتعون بشعبية كبيرة, ولهم مؤيدون كثير منتشرون في جميع الأوساط, ولهم القدرة على الحشد, ويحظون بتعاطف واسع وتأييد كبير, هذا ما قاله المنظرون السياسيون بصريح العبارة وبهذه الألفاظ على الفضائيات وفي الصحف وبكل ثقة, وكأنّه أمرٌ مشروع ومنطقي, وأصبح ذلك مشروعاً سياسياً تتبنّاه مجموعة من الخصوم على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم.

ومن أجل ذلك تمّ الاتفاق على وجوب عملية تحجيمهم وتقليل أثرهم في الشارع وتجفيف منابعهم, ومنافستهم في وسائلهم وطرقهم في الاتصال مع الجماهير, ويجب حرمانهم من المنابر المؤثرة ويجب ملاحقتهم في الساحات الطلابية والنقابية, ويجب كذلك مصادرة مؤسساتهم التي بنوها عبر عشرات السنوات; لأنّها تمثل مورداً مهماً من مواردهم الاجتماعية والشعبية, ليس هذا فحسب, بل يجب دعم خصومهم وإفساح الفراغ لهم من أجل تمكينهم من إعادة بناء أنفسهم وامتلاك القوة على المنافسة, وتسخير وسائل الإعلام العامّة والخاصة لهذه الغايات والأهداف المرسومة.

أيضاً يجب مراعاة هذه الغاية وهذا الهدف في القوانين والتشريعات التي تقيّد نشاطهم السياسي والشعبي والجماهيري, والأهمّ من ذلك كلّه, قانون الانتخاب الذي يجب تفصيله تفصيلاً دقيقاً, بحيث لا يسمح بفوز الإسلاميين بأغلبية مريحة, تمكنّهم من تنفيذ برامجهم وأجندتهم المكتوبة والمعروفة والمعلنة.

المشكلة أنّ مجموعة قليلة جداً من الكتاب والصحافيين أتاحت لهم ظروف تمييزية من استلام وسائل الإعلام الكتابة في الصحف, وخاصة الحكومية والعامّة, يعتبرون الإسلاميين أقليّة والباقي أكثريّة, ولذلك يجب منع فوزهم وتحديد مقاعدهم من خلال برنامج يعد مسبقاً ويكون مفصلاً لتحجيم القوة الكبيرة والمنظمة, تحت ستار منع الاستئثار بالسلطة والقرار.

والغريب في هذا المنطق الأعوج أنّه يمثل محاولة لإقناع البسطاء والسذّج بعدالة الطرح الذي يهدف إلى محاصرة الإسلاميين وكأنّهم كائنات غريبة قادمة من كوكب آخر, والأشدّ غرابة أنّ هؤلاء اعتادوا على ضرورة إبعاد الإسلاميين عن المشاركة في السلطة, واعتادوا على ضرورة ممارسة الحكومات المتعاقبة لحملات التحجيم وتجفيف المنابع بحق الإسلاميين وأصبح ذلك شيئاً عاديّاً من أصول السياسة لدى أغلبية الدول العربية وأوغل بعضهم إلى حد وصف الإسلاميين بالنازيين والفاشيين; وذلك لتبرير رفض الانصياع لصناديق الاقتراع, ورفض النظام الديمقراطي, ورفض منطق الأكثرية ورفض منطق الانتخابات برمّته, والعودة إلى أنظمة القمع والدم والمعتقلات.

ولذلك فإنّ لسان حال هؤلاء: فلتسقط الديمقراطية إذا جاءت بالإسلاميين, ولتسقط الأغلبية إذا كانت للإسلاميين, ولتسقط العدالة, ولتسقط كلّ موازين الدنيا إذا كان المستفيد هو الإسلاميين.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد