مبادرة أنان بين الخيال والواقع

 مبادرة أنان بين الخيال والواقع

18-04-2012 09:42 PM

(1 )
 
وقف العالم كله يترقب جهود أنان في حل الأزمة السورية ، وقد أثمرت المساعي عن مبادرة أنان ذات النقاط الست ، وتفاجأ العالم عندما وافقت دمشق على المبادرة وتم تحديد 10-ابريل (غداً) للبدء في تطبيقها ، والتي تنص على سحب الجيش السووري النظامي لقواته والعودة للتفاوض ، ووقف اطلاق النار من الجميع يوم الخميس 12-4 .
 
أنا شخصياً لم أرتح لترحيب دمشق بمبادرة أنان ، فهل يُعقَل أن تسحب دمشق جيشها وآلياتها من المدن دون أن تقتل آخر جندي في الجيش الحر هو وعائلته ؟؟؟
 
هل يمكن أن تسمح دمشق بدخول الصحافة ومراقبين دوليين والمساعدات الدولية للمنكوبين من المدنيين ؟؟؟!!!
 
فكان رد دمشق في بيان خارجيتها واضحاً ومضحكاً لإزالة هذا اللبس بأن تفسير انسحاب قواتها كان تفسيراً خاطئاً .
 
وطالبت دمشق في بيانها ضمانات مكتوبة من المعارضة بوقف العنف وتسليم اسلحتها .
 
وكما جاء في صفحة الجزيرة :
 
وذكر بيان للخارجية السورية أن أنان لم يقدم للحكومة السورية حتى الآن ضمانات مكتوبة حول قبول ما سمته الجماعات الإرهابية المسلحة لوقف العنف بكل أشكاله واستعدادها لتسليم أسلحتها لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها.
 
المعارضة بالمقابل لن تتنازل عن حقها بالدفاع عن الشعب السوري ضد قوات الاحتلال الأسدي ، ولن ترضى إلا برحيل النظام ومحاكمة قياداته وعلى رأسها بشار الأسد .
 
فأي مبادرة هذه التي سوف تتطبق كل جهة تطلب من الأخرى ما لا يمكن تطبيقه ؟؟؟
 
فلا أنان قادر أن يوقف آلة الحرب السورية وانسحابها ودخول المراقبين والصحفيين والمساعدات الدولية .
 
ولا سوريا راضية بأن توقف آلتها الحربية دون تسليم اسلحة الجماعات الإرهابية على حد قولها .
 
ولا المعارضة راضية بأن تجلس إلى طاولة المفاوضات دون رحيل النظام ومحاكمة أزلامه .
 
فلم يبق في النهاية من المبادرة سوى مضيعة الوقت من جهة ، وإكساب قوات الأسد وقت أكثر لسفك دماء أكثر .
 
إنها مبادرة محكومة بالفشل لعدم واقعيتها .
 
 
( 2 )
 
أستغرب ممن يعقدون آمالاً كبيرة على بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا ... ما الذي يريدون مراقبته !!!!
 
العالم كله والفضائيات تراقب المجازر في حق الشعب الأعزل منذ أكثر من سنة .... فما كل هذا اللف والدوران يا مجتمع يا دولي ؟؟؟!!!!!
 
أنا من المؤمنين أن مصلحة إسرائيل بدايةً تقوم على بقاء النظام ، على رأي المثل اللي بتعرفه أحسن من اللي ما بتعرفه . 
فإسرائيل تعرف هذا النظام تماماً وتدرك أنه طبل أجوف يردد شعارات معاداة إسرائيل دون أن يجرؤ على إطلاق طلقة واحدة تجاهها ، حتى بعد أن قصفت مواقع في داخل سوريا بطائراتها في 2007 فلم يجرؤ النظام سوى على التنديد الخجول ، وكأنه يقول لإسرائيل من تحت الطاولة : العمى فضحتينا !!! مو لهالدرجة !!! ...
 
هناك تواطؤ غير معلن بين النظام واسرائيل ، كفوا بلاكم عنا نكف بلانا عنكم ، وكل شعارات الممانعة ما هي إلا طلقات صوتية ، فشنك يعني ....
 
الأهم من ذلك هو من الذي سيأتي بعد سقوط النظام ؟؟؟
 
غالباً ما سيكون تياراً إسلامية لصحوته الواضحة من الشرق إلى الغرب ، فهل هذا القادم الجديد سيكون صديقاً لإسرائيل كنظام الأسد (ولو من تحت الطاولة) !!!! 
 
في الغالب سيعلن القادم الجديد عداءه لإسرائيل ويطالب بتحرير الأراضي السورية المحتلة من قِبل إسرائيل ....
لذلك فمصلحة إسرائيل هي في إجهاض الثورة والإبقاء على النظام ...
 
ومصلحة أمريكا هي مصلحة إسرائيل في المنطقة ، شئنا أم أبينا ، فهي الحليف الرئيسي والعلني للأمريكان .
 
وبناء عليه فالذي تقوم به أمريكا وغيرها في مجلس الأمن هو مجرد طلقات فارغة لحفظ ماء الوجه ، فهي منذ الأزل وهي تدّعي الديمقراطية وصنفت حزب الله المدعوم من سوريا بأنه حزب إرهابي وأن النظام السوري عدو لها ولإسرائيل وسعت لمحاصرته إقتصادياً ، فكيف تتنصل اليوم من كل هذا وتدعم الثورة حقيقةً لإسقاط النظام ؟؟؟!!!
 
إنها تختبيء وراء الفيتو الروسي الصيني ، فهي تعلم أن روسيا ستحمل عنها وِزر دعم النظام السوري ، وستقف عائقاً أمام أي محاولة لاتخاذ قرار دولي ضد سوريا في مجلس الأمن ، لذلك فلم يبق لها سوى ال بلا بلا بلا والكلام الفارغ من دعم الثورة .
 
مبادرة كوفي أنان سواء كانت بحسن نية أم لا ، لن تعطي إلا مزيداً من الوقت للنظام لزيادة التنكيل والقمع ضد الثوريين من جهة ، ومحاولة إشعال حرب أهلية طائفية يغرق فيها السوريون لسنين طويلة ، مما يجعلها بعيدة عن إسرائيل وحدود إسرائيل .
 
المماطلة كذلك تفيد إسرائيل وأمريكا في الوصول لشيء حقيقي تجاه ملف إيران النووي ، فالحصار الاقتصادي بدأ كما يقول أوباما وسيؤتي أُكله على المدى القريب ، بالتالي يجب التخلص من إيران أولاً ، بعدها تذهب سوريا للجحيم ، فسواء بقي النظام أم انتصرت الثورة فلن يهم إسرائيل طالما هي فقط من يلوّح باستخدام النووي في المنطقة .
 
لذلك أقول أن الحل يكمن في مواصلة الجيش الحر لثورته ، حتى ينتصر وينهي هذا الاحتلال الأسدي لسوريا ، وهذا ربما استمر لسنين ، لكنه هو الحل الوحيد الممكن بعيداً عن خيالات عنان ومجلس الأمن .
 
الأردن – الإمارات
drosamajamal@hotmail.com

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد