معارك إسرائيل الجديدة

mainThumb

22-04-2012 10:31 AM

لم يضع الكيان الصهيوني عصاه, لا في سلمٍ ولا في حرب, وفي أوقات الاسترخاء لدى الخصوم يمارس الصهاينة أعلى مستويات النشاط في المواجهة الشاملة على جميع المحاور والأصعدة وفي مختلف الاتجاهات والاماكن.

الكيان الصهيوني ليس مجرد كيان سياسي عادي يبحث عن الوطن الآمن والحدود الآمنة, ولكنّه يمثل رأس حربة لمشروع غربي صهيوني كبير, يستشرف الآفاق الاستراتيجية لمعالم التحول في المنطقة, ويرصد التغيرات الجارية ويقرأ المشهد بدقة, وهو يحاول جاهداً أن يقوم بدور تفتيت المنطقة العربية وتقسيمها وإثارة النعرات وعوامل التفرقة بين الشعوب ومكوناتها الاجتماعية السياسية والعرقية, اضافة إلى الحرص على إبقاء الخلافات بين الأنظمة العربية واتباع سياسة المحاور المتشاكسة من أجل الحيلولة دون بلورة المشروع العربي النهضوي الإسلامي الكبير الذي يملك مقومات النهوض وإعادة إحياء الأمّة من خلال رصيده القيمي والحضاري والتاريخي الغنيّ الفاعل والقائم على ركائز معرفية وعقلية وإنسانية متطورة.

الكيان الصهيوني يخوض المواجهة الشاملة ضد عملية الإحياء العربي الإسلامي التي تشكل المشروع الواعد لوحدة الأمّة وتماسكها وإعادة امتلاك القوة على حفظ مقدراتها وخيراتها, وامتلاك القوة في مواجهة الغزو الخارجي المتسلح بالأدوات المتطورة, والتكنولوجيا الحديثة والروح الاستعمارية التسلطية والعنصرية الواضحة والشعور بالغطرسة والتفوق والإمساك بالقوة.

"إسرائيل" تخوض معاركها بالنيابة والوكالة في معظم الأوقات, فهناك الحلف الأمريكي الأوروبي المتفق على تجريد العالم العربي والإسلامي من أوراق القوة, والمتفق على بقاء هذه المنطقة تعيش الفقر والبؤس والجهالة المقنعة, والفرقة والتشتت والحيلولة دون قدرة هذه الشعوب على الإمساك بمفاتيح التطور العلمي والتكنولوجي, وهناك الأنظمة العربية المتخلفة والمستبدة والفاسدة والمتحالفة مع الكيان الصهيوني على محاربة الديمقراطية, وتغييب الحريات, وتفتيت النسيج الاجتماعي, والحيلولة دون استعادة الشعوب حقوقها المسلوبة بالسلطة والمحاسبة والرقابة, والعدالة ودون الإمساك بالمقدرات العامة, وهناك النخب المتغربة المنسلخة عن مشروع الأمّة الحضاري, والتي رضعت لبن التبعية للأجنبي ثقافة وحضارة وعقيدة وانتماءً, وهناك القوى السياسية المتكلسة التي ولدت من أرحام الأنظمة المستبدة وتعيش العزلة السياسية والفقر الفكري وانعدام المشروع, كل ذلك أسهم في قدرة هذا التحالف على مواجهة ثورة الشعوب العربية وإحباطها, وزرع الألغام في طريقها, ونشر ثقافة الإحباط واليأس والخنوع والشك وتراشق التهم من أجل إبقاء الأمة في دوامة الضعف والتناحر, وفي إطار الشعور بالعجز والهزيمة.

نجح الكيان الصهيوني بتقسيم السودان والعمل على إثارة الحروب الدائمة مع الحكومة المركزية, كما نجحت النخب المتحالفة معه في عرقلة مسير الثورة في مصر, واستطاعت وقف مسلسل التحولات في بقية الدول العربية, من خلال صياغة تواطؤ دولي وافتعال مسرحيات هزيلة تصب جميعها في مصلحة الأنظمة المستبدة والفاسدة وإبقاء الأوضاع العربية في إطارها السابق.

يجب أن يعلم أصحاب المشروع الإصلاحي النهضوي أنّهم يواجهون خصماً شرساً يتمثل بتحالف كبير يتشكل من الدول الاستعمارية والأنظمة المستبدة, والنخب الفاسدة ووكلاء الكيان الصهيوني المنتشرين في معظم الساحات العربية.

ولكن رغم كل الصعوبات والعوائق, سوف تنتصر الشعوب العربية في معركة الإصلاح, وسوف تتغلب على هذا التحالف الدنس, مهما كانت التضحيات, ومهما كانت الطريق طويلة وشائكة; لأنّه ليست هناك قوة على الأرض تستطيع أن تقاوم معركة التنوير الثقافي الشعبي, ومعركة الحريات والكرامة واستعادة الحقوق المسلوبة والأموال المهدورة, وستكون الغلبة للإرادة العامّة المتسلحة بالحق الواضح الأبلج, رغم الكيد والمكر الذي يجهله كثيرٌ من الناس.


rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد