الإسلاميون والربيع العربي

الإسلاميون والربيع العربي

22-04-2012 10:54 PM

 السلفية الجهادية نبعت من الفكر الإخواني الذي أسس له سيد قطب إذ نقل الإخوان من حركة دعوية على عهد مؤسسها حسن البنا إلى حركة جهادية من خلال تأصيل مفاهيم مثل مفهوم الجاهلية والولاء والبراء الذي أخذه عن أبي الأعلى المودودي كما تعلم لكنه توسع فيه وصرّح بما سكت عنه المودودي في كتابه المفاهيم الأربعة .

 

يقول في كتابه معالم في الطريق والذي يُعتبر من أهم أدبيات السلفية الجهادية  : نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام 
 
ويقول : والناس اليوم ليسوا مسلمين ، ويجب على الدعوة أن تقوم بردهم من جاهليتهم إلى الإسلام ، لكي تجعل منهم مسلمين من جديد ... ولو أنهم يدعون أنفسهم مسلمين ، وتشهد شهادات الميلاد بأنهم مسلمون  .
 
ثم يقول :  هناك دار واحدة هي دار الإسلام ، تلك التي تقوم فيها الدولة المسلمة ، فتهيمن عليها شريعة الله ، وتقام فيها حدوده ويتولى المسلمون فيها بعضهم بعضاً ، وما عداها فهي دار حرب ، علاقة المسلم بها إما القتال ، وإما المهادنة على عهد أمان ، لكنها ليست دار إسلام ، ولا ولاء بين أهلها وبين المسلمين .  
 
طبعاً مفهوم سيد قطب كان طاغياً في أدبيات الإخوان من تكفير وردة جميع الأنظمة الحاكمة في الكرة الأرضية المسلمة وغير المسلمة وبالتالي تكفير جميع من يعمل تحت رايتها ويحتكم إلى قوانينها ، باختصار تكفير جميع الناس ، وهذا ما ولّد حركات السلفية الجهادية ذات النزعة العسكرية ، والتي تتوجت بتنظيم القاعدة نهاية التسعينيات .
 
التحول في الخطاب الإخواني هو الشيء الجديد ، والذي اشتُهر بما سُمّي بالمراجعات التي قام بها زعامات ومنظرين للفكر الإخواني في مصر في حقبة التسعينيات ، ورتاجعهم عن الحل الجهادي العسكري وقتل الناس خصوصاً كما كان يحدث في الجزائر وعودتهم إلى الحوار كحل لأزمة العالم الإسلامي اليوم .
 
لقد مات أو قُتل معظم منظري التيار السلفي الجهادي الذي انطلق في السبعينيات ، من عبد الله عزام إلى الزرقاوي وابن لادن والصحوة السلفية الشيشانية (خطاب) وغيرهم ، مما أدى إلى إضعاف هذا الصوت وإزاحته بتيارات إسلامية أكثر اعتدالاً ووسطية .
خطاب التيارات الإسلامية في السبعينيات والثمانينات كان جهادياً يدعو إلى محاربة الدولة بكل علانية على أنها مرتدة .
 
فأين خطاب الإخوان في سوريا من أدبيات عبد الله عزام في الثمانينيات الذي يقول : الطاغوت هو الطاغوت ، عربياً كان أو امريكياً أو أفغانياً أو روسياً ، فالكفر ملة واحدة ، والذين يشرّعون بغير ما أنزل الله كفار وإن صلوا وصاموا واقاموا الشعائر الدينية ، والقانون الذي يحكم به في الأعراض والدماء والأحوال هو الذي يحدد هوية الحاكم من حيث الكفر والإيمان .
 
من يقرأ خطاب إخوان سوريا اليوم يظن نفسه يقرأ بيان انتخابي لقائمة مستقلة وربما علمانية ، حيث لم ترد كلمة الإسلام أو الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية في الخطاب نهائياً ، بل كان خطاباً عاماً محايداً يشبه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .  وأنا طبعاً من أسعد الناس وأول الداعمين لهم لو كان حقاً خطابهم هذا ليس مجرد دعاية من دعاياتهم ، فمن يسعد بخطابات التكفير والتشدد والسلفية المنسلخة عن زمانها ومكانها كما هو مع القاعدة وغيرها .
 
المقتبسات من كتاب : السلفية الجهادية – دار الإسلام ودار الكفر ، حسن ابو هنية وآخرين .
 
 
*********
 
 
الإسلاميون وقطار الثورة  ...
 
بات واضحاً من سيطرة التيارات الإسلامية المختلفة ، سلفيون وإخوان على السلطة في كل من مصر وتونس بعد إسقاط النظام ، علماً بأنها لم تكن هي من أشعلت الثورات ، ولا حتى شاركت فيها في بدايتها ، بل إن بعض مفتي السلفية وعلى رأسهم ياسر برهامي أفتى بأن التظاهر حرام وحذَر منه .
 
شاهدنا الصمت الذي مارسه الإخوان أمام العالم تجاه الثورة المصرية ، ونزولهم على استحياء إلى ميدان التحرير ، ومن ثم السعي لاستلام قيادة الدفة بعد إسقاط النظام ، في مصر وفي تونس .
 
لكن يبدو أن الإخوان أدركوا خطأ تأخرهم في مشاركة الثورة في مصر وتونس عندما انطلقت الثورة السورية ، والتي هي من بدايتها وحتى نهايتها ثورة شعب ضاق ذرعاً بالذل والقمع والتجويع ، حتى جاؤوا اليوم ليعلنوا أجندتهم السلمية والضامنة لحقوق الإنسان والأقليات وحرية المعتقد في حال سقط النظام في سوريا .
 
والحق يُقال فإن الشعارات التي رفعوها غاية في العدالة والإنسانية ، وأستغرب وانا أقرأها وكأنني أقرأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، فهم ينادون بالتعددية وحرية المعتقد والديمقراطية والتسامح ، ولكن هل حقاً يمكن أن تكون واقع حقيقي أم مجرد شعارت ؟؟؟
 
يبدو أننا أمام تغيّر حقيقي في لغة الإسلام السياسي ، بعيداً عن التكفير والتعصب والتشدد كما حدث خلال الخمسين سنة الماضية من تاريخ الحركات الاسلامية وما رافقها من عنف وسلفية جهادية وغيرها .
 
 
 
الأردن – من الإمارات
 
drosamajamal@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد