وضوح الارادة وضبابية التنفيذ

وضوح الارادة وضبابية التنفيذ

23-04-2012 11:30 PM

 عام ونيف مضى على انطلاقة الحراك السياسي الشعبي في بلدنا ,وقد كان حراك سلمي ملتزم بامتياز شمل مختلف المدن والبلدات على طول البلاد وعرضها وقد كانت المطالب في البداية متواضعة ولكنها سرعان ما اخذت سقوفها بالارتفاع ,بعضها كانت مطلبية والبعض الآخر كان سياسي يتناول مفردات التحول الديموقراطي ,وقد قوبلت في غالبها من قبل الاجهزة الامنية باسلوب التعامل الناعم في معظم الاحيان شابة احيانا تعامل من نوع الخشن ولكنة خلى تماما والحمد لله من اية اراقة للدماء أو تدمير للممتلكات الخاصة والعامة أو تعطيل فعلي لشؤون البلاد والعباد, وقد لوحظ منذ البداية الكثير من  الارتباك والحيرة والارتجال في اوساط  رجالات  الدولة وقياداتها في ادارة الواقع السياسي الجديد بكل مقتضياته ومفرداته التي فرضت نفسها بدون سابق دراية واعداد مسبقين وذلك بسبب صدمة المفاجئة وقلة الخبرة وثقل المسؤولية التي أصبح ينوء بحملها الطاقم السياسي في الدولة الاردنية .        

لكن صاحب القرار ,رأس الدولة  وملك البلاد  يحسب لة انة سرعان ما اتخذ موقفا واضحا وحاسما ,نابعا من قراءة موضوعية لمقتضيات الحال وضرورات المرحلة واستحقاقاتها و التي لا مجال لغض البصر عن انجازها  , طارحا بكل وضوح منظومة الاصلاح السياسي المطلوبة من تعديل معمق للدستور بأكمله وانشاء محكمة دستورية  ووضع قانون جديد للاحزاب وآخر للانتخاب وانشاء هيئة للاشراف على الانتخابات  وهيئة أخرى لمكافحة الفساد ونظام لهيكلة القطاع الحكومي والمؤسسات المستقلة وما الى ذلك من خطوات كان لا بد منها للسير على طريق الارتقاء بالدولة الاردنية الى مستوى الدول التي تسودها أسس العدل والنزاهة والمساواة  وتحكمها مبادىء النظام والقانون.    
                                                               
وبالرغم من شدة وضوح الطريق في منعرج التحول الديموقراطي المطلوب موضوعيا  الا ان الخطى على هذة الطريق ومنذالبدء سارت  بشكل مضطرب يسودة كثير من الضبابية والارتجال والكولسات والدفع والجذب وكأ نما هي صفقة تجارية ضخمة ما بين الحاكم والمحكوم كل يريد اكبر قدر من الربح وتجنب أكبر قدر من الخسارة مع ان الامر ليس هكذا اطلاقا , لأن الرابح الاكبر أو الخاسر الاكبر لن يكون الحاكم او المحكوم انما يكون الوطن كل الوطن ,هي عملية اعادة اصلاح وتأهيل لمجمل الدولة وتحويلها الى كيان قابل للعيش والاستمرار والتطور محصن وسط محيط متلاطم الامواج.                                                                    
في البداية قيل ان الدستور بأكملة   خاضع للمراجعة والتعديل ولكن على ارض الواقع لم تتم مراجعة وتعديل الا ثلثة وبصورة انتقائية بعيدة عن العمق الذي كان مطلوب لانجاز التحول الديموقراطي المنشود. فلم يتم على سبيل المثال لا الحصر  اقرار نص واضح و صريح على تشكيل الحكومات البرلمانية, ولم يتم الغاء تشكيل مجلس الاعيان بالتعيين وجعلة بدلا من ذلك بالانتخاب المباشر من قبل الشعب او حتى الغاؤه.وأصبح الدستور بصورته المعدله متناقض في نصوصه وقاصر وبشكل أحسبه متعمدا على ارساء اسس دستورية واضحة في منهجية (الشعب مصدر السلطات) وأخرى قادرة على تحقيق  مبادىء فصل السلطات   وكان انشاء الهيئة المشرفة على الانتخابات  مستقلة شكلا بدلا من ان تكون هيئة عدلية يرأسها ويديرها ويباشر عملها قضاة مستقلون وليست شخصيات عامة اعتبارية معينة. أما مكافحة الفساد فقد اتخذت لنفسها مسلك غاية في الضبابية في   تناول الامور بانتقائية واضحة مع تداخل غريب عجيب في الصلاحيات والشخوص وتحكم بالغ الخطورة من اناس خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة هم  حيتان الشد العكسي ومندوبيهم المنزرعين  كالخلايا السرطانية في جسد كياننا الوطني.  
         
وجاء مخاض وضع قانون للانتخابات فالقت الحكومة مخرجات لجنة الحوار الوطني بهذا الشأن وراء ظهرها ووضعت مسودة للقانون اتسمت بعدم الدستورية في كثير من نصوصها  وأعادتنا الى هزلية الكوتات على كل الاصعده العرقية والدينية والنسوية واستبدلت الدوائر الوهمية بنواب وهميين أسمتهم  أصحاب المقاعد التعويضية واصبح عدد المقاعد مجلس النواب غير محدد سلفا بل تقرره الظروف؟؟؟                                                 
السوآل الملح الذي يطرح نفسة على كل من يحب هذا الوطن  ويخاف على حاضرة ومستقبلة ووجودة والحريص على أمنة واستقرارة , السوآل هو : اذا كانت الارادة السياسية العليا في هذا البلد واضحة وضوح الشمس  في الخطوات الواجب اتباعها لانجاز التحول الديموقراطي الذي لا بد منة فمن هم هؤلاء الذين يدفعون البلاد بأساليب  ماكرة خبيثة  نحوالضبابية و الفوضى والارتباك والتأزيم وحتى نحو التشكيك في صدق الارادة السياسية العليا في هذا البلد أو في قدرتها على ادارة دفة الاصلاح ,ولماذا لا يتم الوصول الى هؤلاء  الفاسدين المفسدين وشل حركتهم وعزلهم ومحاكمتهم  ومحاسبتهم ,لأن الوطن شعبا وترابا ووجودا  في نهاية النهايات اهم من كل الافراد والجماعات الجشعة  الجاثمة على صدورنا , السارقة للقمة عيشنا ,الراقصة على جراحنا.   


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد