نفس بني آدم

نفس بني آدم

28-04-2012 07:17 PM

  كل يوم تولد الآلاف من الأرواح وتدفن الآلاف منها، والفرق بين الحالتين هو أن الأولى لم تفعل شيئاً إلا على سبيل البراءة، تلك التي تفتقدها الثانية. كبيرة هي الحياة و عظيم هو جشعنا فلم ولن يكفنا ما جنينا بل نريد المزيد، أحيانًا نبكي إشفاقًا على أنفسنا، تلك الأنفس التي لم نرحمها يومًا، فتصرخ: الرحمة يا بني البشر. 

 
           ثم ننسى تلك الدموع و نمسحها بيد مضرجة بالذنوب والأخطاء والزلات، التي تنبّهنا لبعضها ونسينا الأخرى، ومن ثم نكمل ما كنا عليه ولا نكترث لتلك الأنفس التي تناجينا، ولو أنصتنا قليلاً لسمعنا ما هو أعمق من الكلام وما هو أعظم من المعاني السامية التي تخلدها الأشعار و القصائد، لسمعنا ما يمزق أرواحنا إربًا إربًا ثم يرسل هذه القصاصات إلى عالم اللاأنانية، إلى عالم يعلم النفوس ويصقلها لتخرج كالجواهر الرقراقة، يجعلها نفوس لا تعرف الجشع، لا تعرف الأنانية، لا تعرف ممارسة رياضة العدو وراء الحياة، لأنها تدرك أنه سيأتي يوم تقف فيه عاجزة عن العدو، عاجزة حتى عن المسير، لتقول حينها: اللهم أنت القوي وأنا الضعيف. 
         
         لكن بعد ماذا؟ وهل ستعترف يومًا؟ لا أعتقد ذلك، لأن الغشاء المتين الذي يغطي قلوبهم ويغلفها أقوى حتى من عالم الخيال، آه لو يعرفوا قيمة هذه الدنيا الزائلة، لو يدركوا أنها لا توصل من يتبعها إلا للضياع، ضياع أبدي ، حيث لا نجاة ولا تراجع، فيكون ما فات قد مات.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد