قانون لحماية البيئة الأردنية

mainThumb

30-04-2012 12:33 PM

لقد جلب انتباهي بشدة ما يفعله المتنزهون, وشمّاموا الهواء في ربوع الأردن الخضراء, وغاباته الجميلة, والأماكن النظيفة المنبسطة على أطراف الشوارع الهاربة من عمّان العاصمة, ما يدعو للاهتمام الممزوج بالحسرة والألم على ما يفعله غالبية المتنزهين من ترك القاذورات وبقايا الأكياس البلاستيكية والعلب الفارغة أو المخلفات المختلفة المتناثرة في أماكن التنزه بشكلٍ مزرٍ ومهين.

إنّي أجزم أنّ من يفعل ذلك ينقصه الانتماء الوطني, وينقصه الانتماء الديني والعقدي, وينقصه الفهم الثقافي, وتنقصه المروءة والنخوة والشهامة بحيث تجعله يفعل ذلك بطريقة بعيدة عن الإحساس بأقل درجات المسؤولية, تجاه وطنه وأمّته وشعبه.

هذا الموضوع على درجة عالية من الأهميّة, والخطورة, والحديث فيه ليس ترفاً ولا يغادر الأولويات; لأنّ الذي يتهاون في هذا الموضوع يتهاون في كل ما فيه مصلحة وطنه, ويتهاون تجاه الحق والمصالح العامّة على هذا النحو المفرط باللامبالاة, إن لم يكن تعمّد الإساءة والتخريب.

ما الذي يضير العائلة بعد إتمام كل فقرات التنزه والأكل والشرب (والهش والنش), وقضاء الحاجة, أن تقوم مجتمعة بأمرٍ من ربّ العائلة بلملمة كل المخلفات والبقايا, ووضعها في كيس نفايات كبير لا يتجاوز ثمنه عشرة قروش, ثمّ حمله في السيارة ووضعه في أقرب (حاوية نفايات), وما الذي يمنع من قيام المتنزهين بهذا العمل, ولماذا لا يحافظون على وطنهم كما يحافظون على بيوتهم وسياراتهم الخاصة.

ولذلك أقترح أن يتمّ سنّ قانون لحماية البيئة وحماية الغابات والأشجار والأماكن العامّة للتنزه, بحيث يلزم المتنزهون بالإبقاء على المكان نظيفاً طبيعياً كما كان, وإيقاع عقوبة وغرامة رادعة على كل من يتهاون بهذه الأمور, وإذا تكررت المخالفة يجب مضاعفة العقوبة لتصل إلى السجن, وإتماماً للمقترح يجب زيارة مرتبات الأمن والشرطة لهذه الغاية, وزيادة القدرة على المراقبة والمتابعة الحثيثة, حتى يتمّ القضاء على شأفة التعدي على البيئة والإهمال والتقصير في المحافظة على الصالح العام, ويجب تهيئة ثقافة تعظيم الحق العام واحترام المصلحة العامة; لأنّ التهاون بالشأن العام وبلادة الحسّ بالمحافظة على موارد الدولة وممتلكاتها يؤدي إلى جملة من الهزائم والانهيار.

إنّ الحضارة العربية الإسلامية وثقافة هذه الأمّة تعزز من معنى الانتماء العميق للأوطان, وترفع شأن الحقّ العام, وتقدم المصلحة العامة على المصلحة الفردية والشخصية, ولذلك يجب إعادة بناء هذه الثقافة في نفوس الأجيال, ويجب الاهتمام بهذا الموضوع على مستوى الجامعة والمدرسة والروضة والأسرة, كما يجب الاهتمام بهذا الموضوع على مستوى الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني, وعلى مستوى الحكومات ومجالس النواب.

إنّ تنمية حس الانتماء للوطن, وبناء ثقافة تعظيم الحق العام, وتقديم المصلحة العامّة والشأن العام هو عبارة عن منهج تربوي يعيد الحسّ الشعبي العام إلى مسؤوليته الكبرى في حفظ الوطن والأمّة, بحيث يصبح كل مواطن خفيراً على المصلحة العامة, وحارساً للحقّ العامّ.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد