قـد يجلـس البعــض فينــا أحيانــا ، في فترة اسـتراحـة واستـرخـاء ، وينظـر بعيـن الى المسـتقبل ، ويبــدأ في مراجعـة ما فاتــه ، ومـا أصـاب فيــه ، ومــا أخطــأ ، ويحـاول ان يسـتـدرك ذلك ، كي لا يقع في الخــطــأ مـرة أخــرى في المسـتـقبل، وخاصــة ان الظـروف قـد تغيــرت ،وصعبــت الحــال ، وأصبــح لديــه عائلــة كبيــرة ، أثقلــت أعباؤهــا وطلباتهــا علـى كاهلـــه .
أسـتعـرض هـذا الكــلام ، وأنا افكــر وأطـابــق ذلــك بأحوالنــا في الأردن ، حيــث العمــر الذي عشــته ، شــهدت فيــه عشـرات الوزارات التـي جــاءت وذهبــت ، ولا أظــن دولة في العالــم خلال تلك الفتــرة ، قــد تشــكل فيهــا عـــدد الوزارات التي تشـكلت لدينــا، مهمـا كبــر حجمهــا ، وعظـــم دورهـــا .
وأتأســف لأن التجـديـد والتغييــر ، لم يجلـب لنا الخيــر المأمــول ، ولم يلمس المواطــن تبديـلا في حالــه ، أو تحســنا في أوضاعـــه ، وأصبحنــا نسـمع همســا وغمــزا وعلنــا، أقاويــل وأكثرهــا صـدقا ، عن الفســاد ، والثـراء الفاحـش الذي تجـرأ البعض وأصبحـوا فيـه ليس تعبــا أو ورثة عن أب أو جــد ، ولكنــه نتيجــة الكسـب غيـر المشـروع ، باستـغلال الوظيفــة أحيانــا ، أو بالنهـب بطــرق كثيــرة ومتعــددة .
ولم تتوقـف مشكلتنـــا عند الفســاد ، أو الميزانيــة التي أصبحــت تأن تحـت ثقــل المديونيــة ، والتي كادت تصل الى /14 مليار دولار/ أربعـة عشـر مليـارا من الدولارات ، بل تراجـع فـي الاقتصــاد الوطني ، وشــح في الموارد ، وزيــادة الفقــر والبطالــة في المجتمــع ، وما رافق ذلك من غــلاء في الأســعار ، وفلتــان فيهــا وتراجــع في جودتهــا ، بعــد أن غيبــت وزارة التمويــن منذ سـنوات عن المشــهـــد .
أعــود لبدايــة الكلام ، وتشـكيـل الوزارة الجــديــدة قــد تـم بعــد أن أقسـمت اليمــين الدسـتوريــة أمام سـيدنا أبا الحسـين ، بأنه لو اجتمع الرئيس بوزرائـــه الجــدد ، وبدون جــدول أعمــال ، وبــدون ان يحمل كـل ملف وزارته والمشـاريع التي توقـفت مع رحيل الحكومـة السـابقة ، ويدرســوا أوضـاع الوطــن برمتها ، بصــدق ومسـؤوليــة ، ودون الاعتماد على تقاريــر ومندوبـي الوزارات ، بـل أن يخـرجوا الى أرض الواقـع أسـوة بسيدنا أبا الحسين ويلمسـوا واقع الناس وحاجة البلد ، كل حســب اختصاصــه ، وعندئــذ تعقـد الحكومــة أولى جلسـاتهــا ، وكل قد حمل ملفــه الواقعـي ، الذين سـيجمـل مشـاكل وهمـوم المواطنيــن ،يعملون من أجــل تخفيفهــا على الأقــل ان لم يستطيعــوا حلهـا مرة واحــدة ، بعمـل الفريــق الواحــد ، في اصلاح الخلــل ، واعطـاء الأولويــة لمن تحتاج أكثـر أولا ، وهكــذا تبـدأ عمليــة البنــاء والاصــلاح ومتابعتهــا أولا بأول .
إن أي حكومــة تخــرج وتلتحــم بين شـعبها لن يغلـب أمرهــا في الوصــول الى النتائـج المثلــى ، وتتفـرغ بعـد ذلك الى دراســة القوانيــن التي بهـا ثغـرات وعيــوب ، واعطائهــا مزيدا من الدراســة والتشـاور ، حتى تخــرج حسـب المواصفات المطلوبــة ، وليست سـلقــا أو ارضــاء لأحـــد .
ان الأمــل يحـدونا أن تتكاتــف كل الجهــود الطيـبــة والمخلصــة ، من أجــل صالــح الوطــن والشـعــب ، وأن ننتهـي من هـذه الدوامــة التي يعـيش فيها المواطــن ، وتحسـن الحكومـة صنعــا ان طبقــت ما جـاء في كتاب التكليـف السـامــي بحـذافيـــره ، لننتقـل الى أردن جـديــد ينعـم بالأمــن والخيـــر ان شــاء الله .