الشعوب العربية ومعركة الوعي

mainThumb

09-05-2012 11:44 AM

الجوهر الحقيقي لثورة الشعوب العربية وانتفاضتها ضد الاستبداد والفساد هو في حقيقته يعبّر عن معركة الوعي واليقظة التي تجتاح الأجيال والشباب الذين يعدون بحق وقود الثورة الحقيقي, فالمعركة في حقيقتها ليست معركة اتجاهات سياسية, وليست بين مكونات المجتمع العربي السياسية, وإن طغى على السطح هذا اللون الإعلامي من المناكفة والمشاكسة بين القوى السياسية والأحزاب التقليدية وغير التقليدية.

نقطة البداية تجلت بإدراك الشعوب العربية أنّها مغيبة عن صنع القرار ومغيبة عن المشاركة في تقرير مصيرها, وأنّهم ينطبق عليهم قول الشاعر العربي:

وتقضى الأمور حين تغيب تيمٌ

ولا يستشهدون وهم حضور

وأدركت جموع الشباب أنّ المنطقة العربية تعيش وضعاً شاذاً من دون شعوب العالم, فكل شعوب العالم تمردت على الأنظمة المتسلطة, وتخلصت من حكم العسكر, ولم تعد تخضع لمنطق الانقلابات العسكرية, وأصبح القول المأثور على لسان (لويس السابع عشر) امبراطور فرنسا ما قبل الثورة:"أنا الدولة والدولة أنا", شيئاً من تراث حكم الإقطاع السياسي وحكم الرجل الفرد الديكتاتور, الذي لا يخضع لاختيار شعبي, ولا يخضع لمراقبة ولا محاسبة, ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون, أصبح ذلك مستهجناً وغريباً على حس البشرية التي أخذت تتنسم الحرية والشعور بالكرامة الآدمية.

أدركت الشعوب العربية أنّها تعيش أوضاعاً شاذة ومقلوبة, فبدلاً من أن تكون سلطات الحكم والإدارات التنفيذية مسخرة لخدمة الشعب والسهر على راحته, فالأمور عندها معكوسة تماماً; إذ أنّ الشعوب في خدمة الزعماء, وبدلاً من أن تكون الجيوش والأجهزة تصدع بحفظ أمن الشعوب والأفراد, أصبحت تقوم بدور تخويف الشعوب وكبتها ومراقبتها, وقتلها والتنكيل بها عند كثير من الأنظمة العربية.

الأجيال والشباب أصبحوا يشعرون بالمفارقة, فبدلاً من أن يحرص الزعماء على تملق الشعوب وكسب رضاها, والتسابق في خدمتها كما يحصل في الدول الديمقراطية يحصل العكس, تتسابق الشعوب بمكوناتها المختلفة على تملق الزعيم والتسابق في تقديم الخضوع له وكسب رضاه.

أخذت جموع الشباب ترى ملامح الصورة المقلوبة في أوطانها, وذلك بأنّ الجماهير العربية تدفع الضرائب وتعيش حياة السخرة من أجل شراء أسلحة ومعدات تستعملها الأنظمة المستبدة في تأديب الشعوب والتنكيل بالمعارضين والتنكيل بالمخالفين.

الآن الشعوب العربية بأجيالها الجديدة تخوض معركة الإدراك والوعي واليقظة بضرورة إعادة تصحيح المسار وقلب الصورة المقلوبة, وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح, وتريد إعادة الحقوق إلى أصحابها, بطريقة سليمة وصحيحة, بعيداً عن العنف ولغة الدماء والقتل والانتقام, وتتمنى الشعوب العربية أن تنتقل شرارة الوعي إلى الزعماء والرؤساء والسادة الذين يملكون السلطة; من أجل توفير الوقت والجهد, وتخفيف التوتر والاحتقان, بأقلّ الأثمان وأقلّ التكاليف.

rohileghrb@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد