ها هي كرتنا الأردنية تمضي مع الزمن ما بين التطور و الافتقار للمهنية و الاحترافية الرياضية ، حيث أنه منذ زمن ليس ببعيد كانت الأندية الأردنية هي أساس كأس الاتحاد الأسيوي لثلاث سنوات متتالية ، ظنت فيها القارة الصفراء بأن الكرة الأردنية ستحتكر هذه البطولة لبرهة من الزمن ، بل و أن منتخبها سيصبح رقما صعبا في آسيا ، فماذا حدث ؟!!
بعد هذه الانتفاضة الكروية للأندية الأردنية ، ولأن دورة الحياة قبل موتها تصاب بالشيخوخة و الهرم ، فإن أنديتنا أصيبت بهذا الهرم الذي نأمل أن يكون مرضا و ليست شيخوخة تنذر بالوفاة ، فلكل داء دواء ، و أن أعيش حيا أفضل من أن أموت . فمن بعد عام 2007 و الكرة الأردنية على مستوى الأندية بعيدة جدا عن تشريف الأردن آسيويا ، حيث أنها لم تصل إلى نهائي آسيوي .
كان المبشر بالخير بداية هو تطبيق نظام الاحتراف في الدوري الأردني ، إلا و أن هذا النظام في بداياته كان نقطة احتجاج من عديد الرياضين و رؤساء الأندية التي لا تملك تلك العوائد المادية الكبيرة ، كما أن هذا الاحتراف و الذي بدا و كأنه دلال زائد للاعبين ، حيث أن الاهتمام بالعائد المالي أصبح الشغل الأكبر حتى لو كلف ذلك الانتقال خارجا براتب أعلى و مستوى فني أقل ، و لن ننسى ظاهرة هروب بعض اللاعبين من أنديتهم إلى الخارج .
بالنظر إلى ذلك ، فإن التوقعات كانت تشير إلى مخاوف على المنتخب الوطني ، بالإضافة إلى أن المنتخب سيكون من ناد أو ناديين لا أكثر من أصحاب الميزانيات الكبيرة ، و كانت تطلعات الاتحاد لانجاز متطلبات الاحتراف كاملة و بالشكل المطلوب والتي تمكن الأندية الأردنية من المشاركة في دوري أبطال آسيا ، رغم أن الكابتن محمود الجوهري قالها سابقا بأن كأس الاتحاد الآسيوي أفضل للكرة الأردنية من دوري الأبطال .
كان الاختبار الجدي الأول لمنتخبنا هو في كأس آسيا ، و على قدر الامكانيات فقد أدى منتخبنا ما عليه و وصل إلى ربع النهائي بطرق تكتيكية ، هذا الانجاز كان في مستوى التطلعات نظرا للتقصير الكبير في تحضير المنتخب لهذه النهائيات و الذي أوجد علامات استفهام كثيرة على ذلك . و مع ذلك كان الشعب الأردني راضيا ، مع أن بعض الذين كانوا من أشد الفرحين قالوا بأن طريقة فوز منتخبنا هي ارفع و ربك بيسر !!! .
بالنظر إلى مباريات المنتخب بتحليلها تحليلا رياضيا ، فإن منتخبنا افتقر للكثير في هذه البطولة ، حيث أنه لم يقدم ذلك الامتاع الكبير بقدر المتعة بالفوز بعد شد الأعصاب و حبس الأنفاس ، ربما يمكن القول بأن الحظ وقف إلى جانبنا ، ولن ننسى الروح التي لعب بها اللاعبون و التي أكد عليها كل المتابعين العرب ، و تبقى حجة التحضير السيء هي مفتاح هذا الأداء .
و في تصفيات كأس العالم ، أبدى المنتخب أداء أفضل من ذي قبل ، و تأهل للدور الحاسم من تصفيات كأس العالم 2014 ، و مع أن الخسارتين جاءتا في وقتهما ؛ نظرا للغرور الذي أصاب اللاعبين و الذي أستغرب من أن الكابتن عدنان حمد لم ينبه اللاعبين من ذلك ، حيث لو أننا لو لعبنا أمام فريق غير سنغافورة في الجولة الرابعة لخسرناها أيضا لذات السبب و لكان مشوار التأهل على المحك .
صحيح أننا تأهلنا قبل جولتين ، و لكن منذ مباراة إياب العراق توقعت بأن الجد سيبدأ من هنا ، و إذا ما فاز المنتخب على العراق و الصين أو حتى حقق نتيجة إيجابية ، فسيكون في جهوزية و ثقة كبيرة ، و لكن حدث هو أن خسرنا المبارتين و الصدارة .
موسم 2011 / 2012 كان غاية في الروعة من حيث المنافسة على لقب الدوري ، شهد ولادة لناد كسر تنافس الفيصلي و الوحدات على اللقب و هو نادي الرمثا ، كان موسما كرويا للذاكرة ، و كان الحضور الجماهيري لافتا ، إلا أن بعض الفئات ما زالت تسيء للجماهير الأردنية ، هذه الفئات التي تفتقد للاحترافية الكروية ، و التي وجدت لنفسها في ظل الظروف السياسية الحالية متنفسا للتعبير عن تشجيعها بشكل لا يليق بسمعة الكرة الأردنية ، هذا الاختلاف الجماهيري نخشى من أن يحدث ارباكا على مستوى المنتخب في فترة حساسة كهذه ، رغم أن بعض الجماهير و للأسف ساندت أندية غير أردنية على حساب ناديا الفيصلي و الوحدات المشاركان في كأس الاتحاد الآسيوي .
و لعل كل هذا سنجعله في كوم و تحضير منتخبنا للاستحقاق القادم في كوم آخر ، منتخب متأهل لأول مرة للدور الحاسم من تصفيات كأس العالم ، منتخب لا يملك الخبرة الكافية لمثل هذه المباريات ، لا يلعب مباراة استعدادية واحدة !!!
قد تكون خطة منتخبنا الحالية التكتيكية مكشوفة للعيان ، وقد تفيد ، لكن بعد الآن أصبح هذا الوضع صعب جدا خصوصا بعد خسارة مباراتي العراق و الصين ، صراحة لم نرى من منتخبنا تلك الاحترافية في اللعب و الاستحواذ إلى الآن ، لم نصل لمرحلة أنه في حالة فوزنا بنتيجة دون أداء أن نقول:- لم نكن في أحسن أحوالنا و الحظ ساندنا و سنعمل على ايجاد حلول لذلك ، الهم الوحيد هو الفوز ، لماذا لم نصل بعد لمرحلة الاحترافية ، لماذا نسمع قبل مباريات المنتخب الرسمية عن المكاسب المادية للعبين في حالة الفوز أو التعادل و لا نسمع عن مباريات ودية لرفع الكفاءة و زيادة الخبرة ، لماذا لا نرى ملاعب عالية الطراز في مملكتنا ، ملاعب تخلو من المطبات .
لكل الأسئلة السابقة سيكون الجواب واحدا ، جواب خطر على بال الكل ، الجواب سيكون ميزانية الاتحاد ، فإلى متى سيبقى هذا جوابنا !!! ، نحن لا نطلب المستحيل ، و لكن نريد أن نرى كرتنا الأردنية في أبهى صورة ، هذا الجيل الرائع الذي يجب أن يأخذ اهتماما كبيرا منقطع النظير ، هذا الجيل الذي إذا حصل على ذلك فستصل الكرة الأردنية إلى بر الأمان ، سننتظر القادم ، و ستبقى آمالنا مع النشامى ، و أختمها كعادتي : يا رب يا عالي ، وفُّق منتخبنا الغالي .
Dagamseh91@yahoo.com