المعارضة وعنق الزجاجة

mainThumb

13-05-2012 04:48 PM

البعض يتحدث عن ان الأردن دخل الى عنق الزجاجة بعد استقالة دولة عون الخصاونة ، وان العملية الإصلاحية تحتضر ؛ ولكن من ينظُرَ الى هذا الشعب الكبير سيجده بكامل أطيافه وفئاته ملتفٌ حول الملك.

الاردن هو اكثر من يعلم من يكون، ويعلم كيف يسير الإصلاح لديه ويعلم ايضاً ان جلالة الملك هو من ضَمِنَ عملية الاصلاح ، فمهما تداخلت الأحداث وتشعبت، ومهما تأزمت الرؤى وتعددت، الا ان شخصية الملك ما زالت من أهم عوامل إستقرار النظام السياسي في الأردن .

أُوجه الدعوى لمن يرى ان الأردن دخل الى عنق الزجاجة بأن يضع خريطة الشرق الأوسط أمام ناظريه ويرى الأردن كيف هو وكيف يكون ، وليعلم ما معنى الإستقرار ، ليحلل الواقع ولينظر للدول المحيطة ، سيجدها جميعاً عبارة عن كتلٍ نارية تخرج من فوهة بركان ، وبالمقابل سيجد الأردن يرقد في قلوب أطفاله وعيون رجاله ، سيجده كما الثلج الأبيض في نقاءه وطهره قبل أن يسقط على الأرض ويتلوث بأحاديث معارضٍ لا يحمل اي برنامجٍ يقنعنا به.

ولمن يتحدث عن عنق الزجاجة ويرى في نفسه معارضة وطنية فإنني أوجه ما تبقى من مقالي إليه:

هل المعارضة في الأردن تقوم على أساس نقد السياسة المنوي تنفيذها وطرح البديل ؟ ام مجرد نقد السياسة دون إحلال البديل المناسب، واذا كان الامر كذلك فلماذا المعارضة ؟.

المعارضة حتى تكون سياسية لا بد ان تمتلك برنامجاً تؤمن به وبالتالي ترفض السياسات التي تتعارض معها ولا ترفض الاشخاص.

باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي لا تجد معارضة سياسية ولكنك نتيجة للكم الهائل من الأحزاب تجد عمليات كثيرة من التنظير والتي تعكس تأملات تتم خارج الزمن . واسمحوا لي ان اتحدث عن معارضة دون ان أصفها بالسياسية . ان ما يجرِ في الاردن الآن هو تأملات يضعها من يجد في نفسه القدرة على التفكير . فأفلاطون الذي أبدع امهات الكتب في الفكر السياسي فشل في ممارسة الحياة السياسية لأنه أراد تطبيق تصورات الفيلسوف على أرض الواقع .

فما المقصود من هذا؟

لا بد حتى تكون المعارضة سياسية ناجحة ان تعكس الواقع مضافا إليه فكر وتصورات الأحزاب السياسية ، لا ان تلجأ الى برامج أحزاب خارجية تحنطت مع مرور الزمن ، وما يؤكد هذه النظرة هو ان لكل مجتمع سياسي خصوصية حضارية تؤطره بثقافة سياسية معينة ، فلا داعي للإمتدادات الخارجية ، فالدين واحد والعروبة واحدة . ومن الممكن ان هذا هو السبب في عدم قدرة الاحزاب على تحقيق نجاحا يذكر سواء على مستوى القواعد الشعبية او على مستوى الدولة ككل ، واكتفت هذه الاحزاب بنقد السياسات الحكومية واتهام اجهزتها الامنية انها السبب في رفض المواطن لمثل هذه الاحزاب، وكأنها تريد من الحكومة ان تاتي بالمواطن مجلوباً ومغفوراً لهذا الحزب او ذاك.

ان استطاعت المعارضة ان تقدم برامجَ سياسية واجتماعية واقتصادية ان تقدم برامج تخرجنا من عنق الزجاجة الذي تتحدث عنه فلتفعل مشكورة ، وبهذا فإنه تحقق نقطتين الأولى تتمثل في سهولة وصولها للمواطن مستقبلاً ؛ وثانياً تصبح مؤهلة لحمل كلمة سياسية وبالتالي فانها تصبح معارضة سياسية ووطنية .

إن ما أخشاه حقاً هو ان تُحضِر هذه المعارضة زجاجةً وتدخل الى عنقها وتطلب من الحكومة ان تُخرجها منها ، ويستقيم مع هذا القول قناعتي بأن بعض المعارضة وأحزابها تتمنى وقوف الزمن حدَ التجمد ، وبقاءُ الربيع العربي كما هو ثابت في مكانه ، وأرى ان إجراء الإنتخابات النيابية هذا العام كما وعد جلالة الملك سوف يقصف ويقصر أعمارها ، وأراها تتمنى وتدعو الله ان لا تجرِ الإنتخابات أبداً لأنها عند إعلان النتائج ستخجل من كل شيء ، ستخجل من نفسها ومن نتائجها وستخجل حتى من دخول الحمام.

عاش الاردن دائماً حمى عربياً هاشمياً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد