مـا زلنـا لغايـة الآن لم نلتقـي مع أي حكومـة سـابقــة أو لاحـقـة ، في وســط الطريــق ، او حتـى على أحـد طرفيهــا ، من أجـل التقارب في الأهـداف والنوايــا لنخـرج سـويـا ، من الأزمـة الحاليـة التي تعصـف بالوطـن ، وبالـذات الحالـة الإقـتصاديـة الصـعبــة والأزمـة الماليـة الخانقــة التي يمــر بهــا ، حيـث إقتـربــت المديونيــة عليــه إلى /سـبعـة عشـر مليـار دولار/ وما ينعكـس ذلك بالطبـع سـلبـا على المواطـــن .
لمـاذا لا تأتـي الحكومـة ، أي حكومـة ، وتضـع جميــع أوراقهـا على الطاولـة ، بما تحملـه من أرقـام عن المديونيــة ، والعجـز المالـي السـنوي في الميزانيــة ، وتشـرح ما تتحملـه من نفقــات ورواتــب ، ومبالـغ تـذهـب لدعــم بعـض السـلع والخدمــات ، كـي تجـد لهـا المبـرر ، في تنفيـذ مـا تـود ورفـع في الأسـعـار وزيـــادة في الضـرائـــب .
وفي المقابـل يضع المواطنـون أوراقهــم وحـجـجهــم الرافضــة لذلــك ، واقـتراحــاتهــم والحلــول من أجـل التخفيــف من المديونيــة ، ولا يكــون ذلـك من جيــب المواطـــن ، ولديهــم الكثيــر مما طرحــوه ولم يأخــذ بــه ، أو ما زال لديهــم من الأوراق الكثيــرة التي يـودون طرحهــا .
الأردن غنيــا كما يقــال ومـا هـو معـروف في الخيــرات المدفونــة في باطــن الأرض أو المـوجـودة على سـطحها ، كالنفـط والصخـر الزيتـي واليورانيـوم وغيرهــا ، التي لو اسـتثمـرت جيــدا لتوفــر للدولــة دخــلا كبيـــرا .
وهنـاك الفاســدون والسـماسـرة في بيـع أصـول الوطــن ،من أجـل زيــادة أموالهــم وإرضاء لرغباتهــم الشـخصيــة فقط مهما كلف ذلك الوطـن من خسـائــر ، ولـو تـم محاسـبتهـم على ما اقترفــت أيـديهــم ، وأعيــدت الأمــوال التي أخـذوها بغيـر وجــه حــق الى خزينــة الدولــة ، لأصبـح لدينا مصـدرا آخــر يرفــد الخزينــة بالمــال .
ولـو توقـف أيضـا الهـدر العـام وتـقلصـت المصـاريف والنفـقــات في كل الدوائـــر والمؤسسـات الحكوميــة ، ما بيـن ســفر ومياومــات , والسـيارات الفارهــة ، والعـدد الزائـد عن الحاجـة والضـرورة ، والتخلـي عن العـلاج في الخـارج ، وخاصـة من يــنـتفـع به هم فقط المسـؤولون والمظفـون الكبـار ، لتـوفـر لدينــا مبلغــا كبيــرا من المــال كانت سـتخســره الخزينـــة بـدل أن توفــره .
أما الـرواتـب والتقـاعــد فيجـب أن يعــاد النظـر فيهمــا من جــديــد ، حيث يتقاضـى الوزراء والأعيــان والنــواب والمدراء وغيرهــم العامليــن في الدولــة ، رواتــب كبيــرة لا تتناســب مع امكانيــات البلــد وحالتهــا ، فيما لا يزالــون يطالبـون بالمزيـــد والمزيـــد .
وهنـاك من القـرارات الغيـر مدروســة جيــدا ، والمتسـرعـة أحيـانـا ، تعـود بالضـرر والخسـارة على البلــد ، كما كان في "هيكلــة الرواتـب" الذي هو مثالا وليس حصـرا ، وبدل أن يحل المشـكلـة تفاقمــت ، وكلف الدولــة ملاييــن الدنانيــــر بــلا جــدوى.
وهنـــاك العمـل على إصـدار القوانيــن الميســرة للإسـتثمـارات في الداخـل ، وتشـجيـع المسـتثمـريــن الأجــانـب وخاصـة العـرب منهـم على الاسـتثمــار في الأردن ، وكذلـك البحـث عن البدائـل في الاسـتعمـال ، كاستعمـال الطاقــة الشـمسـيـة على نطاق واسـع ، للتخفيـف عن اسـتهلاك الكهربــاء ، وكذلــك ادخـال السـيارات التي تعمل بالطاقـة الكهربائيــة ، للتخفيــف عن استـخـدام البتــرول ، وهكــذا .
كمــا أن الحكومــة ممثلــة بالسـفارات الموجـودة في الدول العربيــة وبالذات الخليجيــة منهــا ، أن تستـنهـض الهـمم ، وتعمـل من أجـل توضيـح الصـورة للدول العربيـة الشـقيقــة ، خاصــة وان الأردن لم يقصــر مع أحــد ، ان كان من العامليــن الأردنييــن في تلك الدول ، أو خــلال الهجـرات والحــروب ، وقــد احتضنــت الأردن كل الوافـديــن اليهــا ، وســخرت امكانياتهــا في الوقـوف الى جانب الدول العربيــة في محنهــا وحصـارهــا ، وفتــح الأبـواب جميعـا امام من يفــد اليهــا من الأخــوة العــرب .
يجـب أن لا تبقـى الحكومـة في واد والشـعب في واد آخـر ، تفرض عليهـم ما تراه وتعتقــد أنه الأفضـل ، أو بحكـم القـوي على الضعيـف ، دون مراعــاة لظروفهــم وامكانياتهـم ، وعـدم الاستماع الى ما قيـل ويـقــال في ذلــــك .
ان سـيدنـا أبا الحسـين وفي كـل تكليـف سـامي عند تشـكيل أي حكومــة ، يشــدد على أن تحتـرم الحكومــة واجباتهــا نحــو المواطــن ، ولا تثقــل عليــه ، بل تخــفف ما تـسـتطيــع ، والـذي لو التزمت به الحكومـات المتعاقبــة لما كان حال المواطــن هـــذا الحـــال .