كل مواطن عاقل واع مدرك يعيش مع الواقع، ولعل إحدى تعريفات الذكاء هي التكيّف مع الواقع، ونحن ندرك أيضا أن الإنسان لن يخرج من جلده، وسوف يتعامل مع ظروف الحياة العامّة، وفي هذه الظروف الحالية التي يمر بها الأردن من أزمة مالية وتحديات سياسية داخلية تتعلق في الغالب بقضايا الفساد والإصلاحات السياسية والاقتصادية وتحديات خارجية دولية وإقليمية وكل ذلك في ظل الربيع أو الطوفان العربي الذي غيّر كثيرا في الواقع العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقد أطاح بأنظمة عربية عاتية ظالمة ومن يدري فلربّما القادم أعظم، لذا وفي هذه المعادلة الشائكة المعقدة ، ولأنّ الصدق مع الله منجاة ، ولأنّ الدين النصيحة لأئمة المسلمين، ومن واقع الحرص ومن متابع ومراقب يعيش هموم وصبر الصابرين الحريصين على أمن البلاد واستقرارها فإننا نعلن بكل صدق وصراحة بأنّ الشعب الأردني يريد:
(1 ) سيادة العدل والمساواة بين جميع أبناء الشعب الأردني الكريم حكاما ومحكومين وذلك في الحقوق والواجبات والتكاليف، وذلك من خلال تطبيق عملي وسلوك حكومي ومن خلال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وانسجاما مع شرع ربّنا القائل في قرآن كريم (ولقد كرمنا بني آدم ) وقوله تعالى ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى).
(2 ) إطلاق الحريات العامّة المسؤولة بما ينسجم ونصوص الدستور وحقوق الإنسان.
(3 ) التوجه العملي التطبيقي نحو إصلاح جاد بإرادة سياسية جادة وواضحة وترجمة التعديلات الدستورية والقوانين الناظمة لها لتلامس واقع حياة المواطنين فما زال معظمها حبرا على ورق لا يسمن ولا يغني من جوع.
(4 )إن يتولى المسؤوليات العليا القيادية في الدولة من يتحقق فيهم شرطان رئيسيان هما القوة والأمانة بغض النظر عن الجغرافيا والديموغرافيا وذلك من خلال أسس معلنة وواضحة للتنافس الحر الشريف، ولقد رأينا المعاناة التي ذاقها الأردنيون ممّن تمت توليتهم مناصب عليا حسّاسة بدوافع مزاجية أو محسوبية وقد نهبوا وخانوا أمانة المسؤولية .
( 5) ويؤكد الشعب على ضرورة محاكمة من ثبت أو يثبت تورطهم بأي شكل من أشكال الفساد المالي أو الإداري أو استغلال الوظيفة العامة للشأن الخاص، ولن يقتنع الشعب بسياسة المماطلة والتسويف بعد الآن أبدا .
( 6) الشعب يريد حكومات منتخبة من الشعب نفسه فلقد ملّ الشعب تغيير الحكومات المزاجي المتكرر دون تحقيق أي هدف مما زاد في العشوائية والتخبط والعودة الى الوراء .
(7 )الشعب يريد إجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة هذا العام من خلال قانون عصري متوازن يضمن مشاركة حقيقية فاعلة وتمثيلا للجميع .
(8 ) ويتمنى الشعب أن يتم انتخاب أعضاء مجلس الأعيان أيضا كما هم أعضاء مجلس النواب وأن لا يتجاوز عددهم ثلث عدد النواب.
(9 ) ولعل إصلاح منظومة التعليم العام والتعليم العالي تقع ضمن أولى الأولويات الّتي يجب الاهتمام بها مناهج وكوادر تعليمية وإدارات وفلسفة وسياسة تربوية وطنية وقومية وعقدية تعزز المحبة وكرامة الإنسان وتعلي من شأن منظومة القيم والأخلاق السامية ومحبة طلب العلم واحترام العلماء وتنبذ العنف والعصبية والعشائرية ضمن رؤى وطنية وعلاقات اجتماعية فاعلة وصولا بالتعليم العام ليكون الأساس المتين لبنية التعليم العالي وأن تكون الجامعات ملاذا آمنا لطالبي العلم والبحث العلمي الذي به ترتقي الأمم بعيدا عن كل مظاهر العنف، ولن نتقدم إلا بالعلم والأدب والأخلاق والعمل ضمن هذه الأطر الطيبة.
(10)الشعب بحاجة الى القدوة الصالحة ولن تكون هناك قدوة صالحة إلا باتباع منهج الله عز وجل من قبل المسؤولين نزاهة وأمانة وعدلا والتزاما بالعمل وتواصلا مع أبناء الشعب وتواضعا وقربا منهم وتفقدا لحاجاتهم يفضي الى حلول عملية لمشاكلهم، ولعلنّي لا أنافق أو أجامل بأن جولات سيّد البلاد الفجائية والمعلن عنها أيضا تخفف على المواطنين كثيرا وتلامس همومهم.
(11) الشعب يقول ( إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ) فمن يتولى المسؤولية يجب أن يكون خاضعا لرقابة العدالة، ومن لا تردعه رقابة الله يجب أن تطبق عليه أحكام القضاء ، وان ترك الحبل على الغارب قد أرهق البلاد وأذهب أموال العباد حتى استشرى الفساد ونسأل الله أن لا نكون كقوم فرعون الذين قال الله تعالى بحقهم ( وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد).
وختاما، واختصارا للوقت والجهد ، فهذا الوطن لنا وكلّنا نبنيه معا بحراك سلمي هادف متعاونين وننشد إصلاحه وصلاحه على منهج المحبة والتعاون للتغيير الايجابي نحو الأفضل ، وعلى كل منّا مسؤولية تتناسب مع مقدار ما أوكل إليه من سلطة ولذلك فالحاكم يحمل على كاهله مسؤولية جميع أفراد الشعب ، ولذلك إن قام الإمام ( الحاكم) بأمانة المسؤولية على وجهها الحق كان أول واحد يظله الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه، حيث يتقدم على رجل قلبه معلق بالمساجد ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله تعالى.
هذه نبضات قلب صادق يحب الأردن ويدعو الله أن يكون أمنا أمانا أرضا وشعبا وقيادة، والله المستعان.