في ذكرى الاستقلال .. نظرة عامة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

mainThumb

23-05-2012 11:23 PM

 مقدمة

يحتفل الأردن هذة الأيام بعيد الاستقلال، وهذه الذكرى العزيزة على كل مواطن والتي تمكن خلالها الاردنيون من ارساء دعائم الدولة الاردنية الحديثة ليزهو ويفتخر بها ابناء الاردن في تحقيق الاهداف المنشودة والآمال المرجوة. فقد غدا الاردن بقيادة الهاشميين  ابتداءا من عبدالله الأول المؤسس ولغاية عبدالله الثاني المعزز، نموذجا من العمل الجاد الدؤوب لتطوير مختلف النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية والامنية. ومن أبرز نماذج العمل الجاد ما حققة  الأردن وقصة نجاحة الجديرة بالاهتمام في تلبية مقومات المنافسة في سوق الاتصالات الدولي وتكنولوجيا المعلومات–  وهذه المقومات مزيج من السياسات الجادة، البنية التحتية المؤهلة، والنمو في مهارة وخبرة الموارد البشرية المختصة ومواطن القوة والتي تكمن في الشبكة الرقمية المتطورة، والعمالة الماهرة. ودخول قوانين الملكية الفكرية حيز التنفيذ حتى أصبحت نموذجا في التطبيق والالتزام بين الدول النامية، اضافة الى الدعم الحكومي المعزز بالاهتمام الشخصي لجلالة الملك عبدا لله الثاني ابن الحسين والذي يسعى ليكون الأردن مركزا اقليميا لتكنولوجيا المعلومات والأتصالات.
 
 
بنية قطاع تكنولوجيا المعلومات في الأردن
 
 
يعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات في الأردن قطاعا ديناميكيا وذا قيمة مضافة، وهو يلعب دوراً هاما في تحريك القطاعات الاقتصادية الرئيسة الأخرى، وقد برز كعامل اقتصادي قوي في الأردن منذ عام ،1995 وتعتمد جميع النشاطات الاقتصادية الأولية والثانوية في المملكة على المدخلات الناشئة عن قطاع تكنولوجيا المعلومات بدعم كبير من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يبدي اهتماما قويا بقطاع تكنولوجيا المعلومات باعتباره أداة الاقتصاد الأردني الجديد. وقد عبر القطاعان العام والخاص عن هذا الاهتمام بصياغة خطة قومية تهدف الى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات في الاردن من خلال المبادرة ريتش.
 
حينما وجه جلالة الملك المختصين في تكنولوجيا المعلومات في القطاع الخاص عام 1999 الى إعداد إستراتيجية واقعية وخطة عمل لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات الناشىء في الأردن.  وقد أطلقت مبادرة (ريتش) في العام ذاته، وتضمنت استراتيجية وخطة عمل مفصلة لمدة خمس سنوات لتطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات في الأردن وتعزيز قدرتها على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية وقيام شراكة قوية وفاعلة بين القطاعين العام والخاص.
 
وبهدف مأسسة الشراكة الديناميكية بين القطاعين العام والخاص في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال فقد تم إنشاء مؤسستين هما وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال لوضع سياسة واستراتيجية لتطوير القطاع وجمعية تكنولوجيا المعلومات في الأردن التي أصبحت تعرف أيضاً بـ(Int@j).  ومن ثم جاءت بعد ذلك مبادرة (ريتش 2) و(ريتش3) لتوثيق مسيرة الأردن في تطوير صناعة تكنولوجيا معلومات حيوية وفاعلة، من خلال تطبيق إستراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز المنافسة في الأسواق المحلية والاقليمية والعالمية، وتحديد النجاحات والتحديات التي تواجه الأردن في مجال تطوير صناعة تكنولوجيا معلومات حيوية وفاعلة.
 
وبين عامي 1999 و 2012، غدا قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد الأردني، بمعدل نسبة نمو بلغت 60 في المئة سنوياً في العائدات، والصادرات، والوظائف.
 
ونمت عائدات القطاع من 50 مليون إلى 2 مليار دولار أميركي، اضافة الى مساهمته بـ 14 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي للاردن. بينما ازداد عدد الوظائف في القطاع من نحو ألف وظيفة إلى أكثر من 25000 وظيفة في الفترة ذاتها. وعندما تضم إلى هذا العدد الوظائف المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات في قطاعات أخرى، مثل البنوك والإعلام وغيرهما، فإن قطاع تكنولوجيا المعلومات يكون قد وظّف الآن ما يقارب 80.000 أردني وشهد سوق الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات نموا كبيرا بفضل السياسات الموجهة نحو السوق و الجاذبة للاستثمار الخارجي المباشر، و يدلل على ذلك إقبال أصحاب الأعمال الجدد على توسيع سوق استعمالات الانترنت، و تنافسية أجور العاملين في القطاع.
 
وتتويجا لذلك فقد سبق الأردن كافة الدول العربية في تحرير سوق الاتصالات، كما قام بتحديث 80% من القوانين ذات العلاقة بالاتصالات و تكنولوجيا المعلومات، فأصبح مناخ الأعمال جاذبا للاستثمار المحلي و الخارجي. أما من الناحية التشريعية، فقد انفرد الأردن بإنشاء أول هيئة مستقلة في المنطقة لتنظيم قطاع الاتصالات، تمارس أعمالها لخلق بيئة عادلة، شفافة، و مؤهلة للمنافسة بين المستثمرين وأصبح قطاع الاتصالات الأردني يحتل واحدة من المراتب الثلاث العليا للاستثمار الخارجي المباشر.
 
وتضاعف حجم العوائد للاتصالات و تكنولوجيا المعلومات. ليبقى قطاع تكنولوجيا المعلومات مسؤولا عن الزيادة المباشرة للإيرادات الاقتصادية ذات القيمة المضافة التي تؤثر تأثيرا كبيرا على نمو الاقتصاد القومي، كالتعليم والإدارة العامة وشركات الخدمات التجارية والتصنيعية.
 
وبالإضافة إلى أجهزة وبرمجيات الحاسوب، بالأضافة الى صناعة تكنولوجيا المعلومات في الأردن قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية كعامل هام في هذه الصناعة. وقد اتبع الأردن سلسله إجراءات جادة في تلبية مقومات المنافسة في سوق الاتصالات الدولي، تتمثل بالبنية التحتية المؤهلة، والنمو والتطوير في مهارة وخبرة الموارد البشرية المدربه والمؤهله. وقد أظهرت نتائج التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات أن الأردن حقق تقدماً كبيرا في التصنيف العالمي في كل من مؤشر الجاهزية الشبكية .
 
ويعتبر هذا التصنيف أداةً مرجعيةً لتحديد نقاط القوة والضعف في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية وتقييم التقدم. كما يسلط الضوء على الأهمية المستمرة لتطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنمية من أجل النمو الاقتصادي. مع تسليط الضوء على الجاهزية الشبكية والذي يعتبر مؤشراً لقياس درجة استعداد أي دولة أو مجتمع للمشاركة والاستفادة من تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفحص بيئة الاقتصاد الكلي العامة والتنظيمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. بينما يستخدم مؤشر النفاذ الرقمي (داي) لقياس إجمالي قدرة الأفراد في أي بلد على الوصول واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة حيث بنيت داي حول أربعة ناقلات أساسية هي : البنية التحتية، والقدرة على تحمل التكاليف، ونوعية المعرفة والاستخدام الفعلي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويتيح داي للبلدان مقارنة نقاط القوة والضعف النسبية كما يوفر وسيلة شفافة وقابلة للقياس على مستوى العالم لمتابعة التقدم المحرز نحو تحسين فرص الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وحققت الصادرات ازدياد مطرد، حيث زاد عدد الشركات المرتبطة أعمالها بالاتصالات و تكنولوجيا المعلومات عن  1،500 شركة،  مما أدى إلى استقطاب كثير من الشركات الجديدة التي نجحت وتوسعت عالمياً وبذلك أصبح الأردن منصة إقليمية قليلة الكلفة للتطوير. والجدير ذكره بإن نسبة خريجي الجامعات الاردنية في التخصصات التقنية أعلى من كافة دول المنطقة إذ زاد تعدادهم الى ما يزيد عن 20000 طالب وطالبة، مما يمنح الأردن دوراً إقليمياً هاماً في قطاع تكنولوجيا المعلومات وإلى الدور المهم الذي يشكله هذا القطاع في الاقتصاد الوطني.
 
ووفقا لاحصائيات رسمية فان نسبة الصادرات الإقليمية والعالمية في قطاع تكنولوجيا المعلومات بلغت 34 بالمئة الى المملكة العربية السعودية و13بالمئة الى العراق و13بالمئة الى الإمارات العربية المتحدة. وبلغت 7 بالمئة الى الولايات المتحدة الأميركية و5 بالمئة الى سلطنة عُمان و4 بالمئة الى فلسطين . كما بلغت 4 بالمئة الى مصر و3 بالمئة الى هولندا و2 بالمئة الى قطر و 2 بالمئة الى السودان فيما توزعت باقي الصادرات على 40 دولة إقليمية ودولية.  وتشير ارقام الصادرات الى زيادة الطلب في اسواق الخليج العربي وخاصة السوق السعودي اضاة الى الصادرات الى الولايات المتحدة الأميركية بالرغم من الظروف الاقتصادية.
 
أما عن دور وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث تقوم ومنذ أوائل عام 2001 بدراسة الوسائل الممكنة لإقامة الربط اللازم لجعل عملية الوصول إلى شبكات الإنترنت سهلة ومتوفرة بشكل أكبر لجميع شرائح وفئات المجتمع. وأنشأت برنامجا لشبكة الألياف الضوئية الوطني الذي أطلقته الوزارة كمساهمة في تطوير أنظمة التعليم والصحة والاقتصاد والتأسيس لخدمات جديدة. أما بالنسبة للتعليم، فقد تم ربط المدارس والجامعات بشبكات ذات مستوى وسرعة عالية تعزز حجم المعلومات المتبادلة على الشبكات على المدى البعيد، إضافةً إلى تحسين ربط محطات المعرفة والتي تشكل مصدر جيد ومناسب للوصول إلى الإنترنت. وبفضل مبادرات القطاع العام وبرامج الوصل ما بين المدارس التي شجعها ورعاها جلالة الملك عبدالله الثاني ارتفعت نسبة استخدام الإنترنت، في الوقت ذاته، إلى درجة عالية لتصبح من أعلى النسب بين البلدان النامية.
 
ويعتبر الاردن أكبر مساهم بالمحتوى الالكتروني للغة العربية على مستوى المنطقة وادارة اكثر من ثلاثة أرباعه الى جانب تمتعه بأعلى نسبة انتشار للإنترنت بين المتحدثين باللغتين العربية والانجليزية في المنطقة مما ساهم بتوفير خدمات التعريب وتطوير المحتوى والمهارات الإبداعية للموارد البشرية الأردنية وقدرتها على استخدام اللغة العربية والإنجليزية والتقارب الثقافي والعلاقات القوية مع دول المنطقة وتعطي ميزات المنطقة الزمنية للأردن أفضلية على منافسيه في توفير خدمات التعريب وتحوير المحتوى لينسجم مع الواقع المحلي المستهدف.
 
ويعول الاردن كثيرا على قطاع تكنولوجيا المعلومات لمواجهة الصعوبات الاقتصادية الضاغطة التي يمر بها نظرا لمساهمته في دفع عجلة النمو وتوفير المزيد من فرص العمل وزيادة الصادرات كونه وصل لمستويات مرموقة محليا واقليميا ودوليا لما يقدمه من منتجات وخدمات على جميع المستويات. وتعزى اسباب تطور هذا القطاع الى ما يتمتع به الأردن من أمان واستقرار ضمن دول المنطقة ووجود قيادة سياسية داعمة، وتوفر نظام تعليم عالي متقدم على مستوى المنطقة واتساع خريجي قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبخاصة ان نسبة خريجي الجامعات في التخصصات التقنية أعلى من كل دول المنطقة اضافة الى الاعتراف بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كعوامل دفع وتمكين لنمو الاقتصاد الوطني . وقد وفر الاردن مناطق تنموية تتمتع بالمقومات الداعمة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منها مركز الملك حسين للاعمال في منطقة دابوق في عمان ومنطقتي إربد شمال الأردن والمفرق التنمويتين .اضافة الى استحواذ شركة ( ياهو ) العالمية على الموقع الالكتروني الاردني (مكتوب) التي تعد قصة نجاح حقيقية على تقدم قطاع تكنولوجيا المعلومات في المملكة في موازاة التطور العالمي له .وقد انجز الاردن روافع لدعم هذا القطاع بدءا من تشجيع الصادرات واعفاء خدمات القطاع المصدرة من ضريبة الدخل وتمديد إعفاء صادرات الخدمات العامة من ضريبة الدخل بنسبة 100 بالمئة لما بعد 2015 شملت جميع الخدمات المصدرة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعاقد الخارجي ضمن اعفاء ارباح صادرات الخدمات من الضريبة كليا.
 
 ويعمل الاردن ايضا على إضافة خدمات تكنولوجيا المعلومات المقدمة من الشركات إلى الخدمات البالغ عددها خمس خدمات والمستثناة من اقتطاع ما نسبته 5 بالمئة من قيمة بدل الخدمة، حيث تم اتباع موقع تقديم الخدمات الالكترونية المقدمة على شبكة الانترنت بالموقع الجغرافي للعميل المستفيد منها وبذلك تعتبر أي مبيعات لعملاء خارج المملكة هي صادرات.  ونجحت الشركات الأردنية ببناء سمعة عالمية لقدرتها على توفير منتجات وخدمات عالية الجودة في التعلم الإلكتروني والحكومة الإلكترونية والصيرفة الإلكترونية والإعلام متعدد الوسائط الذي يشمل إدارة المحتوى والرسم الالكتروني وتصميم المواقع الالكترونية .
 
 ويوفر الأردن في مجال العمليات الخاصة بالأعمال مهارات بشرية متخصصة في الكثير من المجالات كالإدارة المالية ومعالجة جداول الرواتب والمحاسبة والتسويق عبر الهاتف ومعالجة الوثائق والدعم التقني والبحث و التطوير . ويعد التعاقد الخارجي ومراكز الاتصال والمحتوى الالكتروني والالعاب الرقمية من اهم مجالات الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي يعمل فيه ما يقارب 500 شركة .
 
واسس الاردن العديد من الشراكات مع كبريات الشركات العالمية الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات مثل مايكروسوفت وأوراكل وسيسكو واتش بي وياهو وروبيكون وغيرها والتي افتتحت مكاتب اقليمية لها في الاردن مما ادى الى زيادة الخبرة و توفير منتجات وفق اعلى المواصفات العالمية اضافة الى جذب الاستثمارات من الشركات العالمية واصبح الاردن موطنا لكثير من الشركات الجديدة التي نجحت وتوسعت عالميا . وتسارع نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتزايد هذا النمو خلال تطبيق الاستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للأعوام 2007 – 2012 .
 
وأخيرا لا بد من الأشارة الى أن الاردن يركز خلال المرحلة المقبلة على تشجيع شركات تكنولوجيا المعلومات على الاندماج مع بعضها بعضا ورفع راسمالها وتنويع منتجاتها لتتمكن من الدخول الى الاسواق العالمية ومنافسة الشركات الكبرى في هذا المجال نظرا للنجاحات التي حققها القطاع وللمحافظة على ريادته .... متمنيا من الله ان يحفظ بلدنا ويحمي شعبنا برعاية قائد البلاد وسيدها الملك عبدالله الثاني واقول انه عيد كل الاردنيين التى تلفح وجوهم لهيب الانتماء لهذا الحمى العربي الهاشمي ... وكل عام وأنتم بخير ..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد