لقد عانيت الكثير في اختيار عنوان لمقالي هذا واخيرا وصلت الى هذه الكلمات الخمسة لتكون عنوانا لهذا المقال والفضل الاول والاخير لنتائج محاكمة القرن و ما نتج عنها من قرارات وتردد حركة الاخوان المسلمين باتخاذ قرار تاريخي بسحب مرشحها مباشرة وتكوين مجلس رئاسي من قادة الثورة وبالذات من المرشحين الذين اخرجوا من منافسة الرئاسة والذين هم احق بها , من هنا صممت اليوم على هذا المقال لأبراز بعض من التحليلات وترك الحكم لقاريء هذا المقال باستنباط بعض من الحقائق حول دور الاخوان الحقيقي في ثورة مصر,لانني متأكد من ذكاءه وفطنته, وحتى ابدأ في هذا المقال فلقد قررت ان يكون من جزئين: الجزء الاول يشرح ويحلل موقف الاخوان المسلمين بمصر من الثورة المصرية ايام الرئيس المخلوع والجزء الثاني يلقي الضوء على مجريات الاحداث بعد خلع الرئيس وتولي المجلس العسكري زمام الامور .
اما الجزء الاول : فسأبدأه بشرح لفلسفة الاخوان المسلمين في العمل السياسي وكيفية مواجهة الكيانات السياسية التي تعمل في ساحاتها وهي: " ابدأ من قاعدة النظام (الشعب) تخلع رأس النظام", فلو حللنا هذه الفلسفة فسنرى انها قائمة على البديء بتنظيم القاعدة ( الشعب) في هذه الكيانات السياسية ومحاولة التأثير عليه وضمه الى عضويتها في مجموعات بمسميات كثيرة حسب ما هو متاح لها في هذه الكيانات و النظم السياسية , مثل الجمعيات الخيرية المتعددة والتي تعد اهم قاعدة تنظيمية تنطلق منها حركات الاخوان المسلمين لانها تركز على تقديم اشكال متنوعة من المساعدات الغذائية والتعليمية ...الخ , للطبقات الفقيرة من شعوب هذه الكيانات والتي من خلال هذه الجمعيات تتغلغل لتبني تنظيماتها ثم تنطلق لتسيطر على النظم السياسية في هذه الكيانات مثل النقابات والبلديات واتحادات الطلبة في الجامعات التي تعد الركيزة الثانية لها بعد الجمعيات الخيرية مستغلة بعض من القوانين والحريات المسموح بها,ان هذه الشبكة التنظيمية تساعد هذه الحركة بشكل قوي في اية انتخابات سواء على مستوى النقابات او البلديات او حتى البرلمانات لانها تعتبر الركيزة الاولى في حصد غالبية الاصوات في اي من هذه الانتخابات مما يمكنها اخيرا للوصول الى بعض الحكومات والتي نجحت في بعض من الاقطار العربية, من هنا نجد ان مفهومها السياسي ينطلق من القاعدة لتغير اعلى الهرم وهو رأس النظام في الدول التي تتواجد بها هذه الحركة, فهي لا تقوم على مبدأ التصادم مع اعلى الهرم اي الحاكم بل على العكس هي تهادنه وحتى تتعاون معه في معظم الدول التي تعمل بها هذه الحركة , وفي الحالة المصرية فهي كانت ممثلة ولها حضور في عدة برلمانات ايام حكم الرئيس المخلوع مبارك ومعروف ان الذي يشارك ببرلمان الحاكم هو موافق على سياساته وبالتالي فان هذه الحركة شاركت بشكل او باخر بنظام مبارك السابق , لذلك استغرب اقرار قانون العزل والمطالبة بتطبيقه على كل الافراد الذي شاركوا في الحكم ايام مبارك وطبعا على راسهم الفريق احمد شفيق واخرون في نفس الوقت يستثني هذا القرار الجماعات التي هادنت وعملت مع نظام مبارك سواء بالبرلمان او غيره وكان البرلمان ليس مؤسسة حكومية تابعة لنظام مبارك وكانت تاتمر بامره كباقي المؤسسات الاخرى , فمن باب العدل للجميع ان يطبق هذا القانون على الافراد والجماعات حيث لا يوجد مبرر لاي شخص او جماعة او حتى حجة للعمل مع نظام فاسد عميل او حتى مجرد مهادنته ,فكل من شارك النظام السابق باي مركز حكومي يعتبر منه ونفذ جزيء من سياساته لذلك يجب ان يطبق عليه هذا االقانون وان يدرج تحت قانون العزل حتى يثبت القضاء البراءة من دم واموال المصريين ومن ضمنهم جماعة الاخوان المسلمين , وحتى اكون واضحا انا لست على الاطلاق مع التصويت لاي من الشخصين وبالذات لاحمد شفيق فلا يفرح مناصريه لاني امقته.
اما عن الثورة وبداياتها فالكل يعلم ان الاخوان لم يبدأوو هذه الثورة والذي بدأها شباب ليس لهم حتى انتماءات حزبية وعندما بدأت تاخذ زخما كبيرا وتاييدا في الشارع المصري بدأت الاحزاب المصرية تشارك بها ومنها جماعة الاخوان المسلمين لذلك الفضل الاول والاخير لهؤلاء الشباب الذين لا يدينون لاي حزب وهذا معروف لكل الشعب المصري ولما ان الاخوان المسلمين لديهم من التنظيم السياسي والدعم المالي ما يفوق الاحزاب وهذه الجماعات الثورية فقد استخدموا هذا الزخم واستثمروه بشكل جيد هذا بالاضافة الى الدعم الاعلامي الخارجي والذي لم يحظ به الاخرون واهمهم شباب الثورة الذين يفتقدون مثل هذا الدعم والتنظيم والمال, لذلك من البديهي تسيد الاخوان المسلميين لهذه الثورة وبدون منازع والكل يذكر في احدى الجمع كيف ازاحوا شباب الثورة من المنصة ليحل محلهم بعض من مشايخ السياسة المعروفين ليلقي خطبته التي تم تغطيتها اعلاميا وسياسيا , بعد ذلك دخل على خط الثورة الامريكان والاسرائليين وطلبوا من الجيش التدخل بعد ان طار الطنطاوي الى امريكيا وكلنا يذكر انه وبعد ان عاد مباشرة من واشنطن تم اعلان تنحية مبارك من قبل زميله و حبيبه عمر سليمان الذي لا يخفى هذا الشخص على احد والذي يعد من اهم رجالات المخابرات الامريكية والاسرائلية في عهد مبارك .
الجزء الثاني : تم تنحية مبارك اولا من ضغط ميدان التحرير وثانيا من قبل السفارتين الاسرائلية والامريكية في القاهرة وتم تنفيذه بيد العسكر حتى يتمكنوا من السيطرة على الوضع من باب المحافظة على الثورة وتحقيق مطالبها ولكن ما خفي اعظم وهو ان همهم الاول والاخير المحافظة على العلاقة مع اسرائيل وعدم السماح لاي نظام مصري جديد لمعاداتها او حتى التفكير بهذه العدواة والمحافظة على معاهدات السلام والتجارة والامن معها , فكلنا يذكر انه في بداية الثورة المصرية لم يأبه بها الامريكان وبالذات الرئيس اوباما بل ذهب هو ووزيرة خارجيته الى حد تأييد بقاء نظام مبارك ولكن عندما ابلغته مخابراته والمخابرات الاسرائيلية ان الامور بدأت تخرج من ايديهم وان ايام صديقه باتت معدودة لذلك تغير موقفه ثلاثمائة وستون درجة وبات حنونا على الشعب المصري ويريد له الحرية وكان هذا الشعب غبي لا يعلم ماذا كان وماذا حدث له على يد هذا الرئيس المدعوم حتى اذنيه من قبل امريكا واسرائيل , كل هذا التغير حتى يركبوا مسار الثورة كالاخرين ويحسنوا من اثرها عليهم, وراينا كيف جاءت وزيرة خارجية اوباما الى ميدان التحرير ومنعها شباب الثورة الحقيقين من دخوله في نفس الوقت كانت الاجتماعات السرية بين بعض من رموز الاخوان والجماعات الاسلامية الاخرى تحضنها السفارة الامريكية وبعض من السفارات الاروبية.
بعد اعلان تنحية مبارك وتشكيل المجلس العسكري ليتولى كافة السلطات الرئاسية لم يعجب طبعا هذا الحال شباب الثورة ولكنه بالطبع اعجب وارضى الامريكان و من ورائهم الاسرائليين الذين يرتعدون خوفا على مصير كل ماحققوه من مصالح مع النظام العميل السابق وفي نفس الوقت كان هناك العديد من الاجتماعات ما بين قيادة الاخوان وقيادة هذا المجلس الذي تمخض عنها موقف حركة الاخوان المسلميين المهادن لهذا المجلس الذي كان العائق الاكبر امام استمرار زخم ميدان التحرير والتوجه الى القصر والسيطرة عليه ثم التوجه الى وزرارة الدفاع وارغام المجلس العسكري المترنح في تلك الفترة على تسليم السلطة لمجلس رئاسي مدني لمدة مؤقته يتم بعدها انتخاب المجلس النيابي والرئيس والحكومة , هذا بالطبع لو حصل لما حصدت حركة الاخوان ثلثي اعضاء البرلمان , والدليل الاول على ذلك ان حركة الاخوان مباشرة وبعد تنحية مبارك حاولت افراغ ميدان التحرير وتعاونت مع الجيش بحجة المحافظة عليه وتحييده من الصدام مع الشعب وعدم تعطيل الاقتصاد ثم بعد ذلك لم يشتركوا في العديد من الاعتصمات والمظاهرات والتي دعت اليها حركة شباب الثورة وقاطعتها بحجج كثيرة ومنها التي حصلت بالميدان واخرها ما حصل بالقرب من وزارة الدفاع وما راح من ضحايا واعتقال للعديد من شباب الثورة الذين لا زالوا بالسجون حتى الان ولم يفعل لهم البرلمان الذي تسيطر عليه هذه الحركة اي شيء لاخراجهم أو تحصيل حقوق الذين استشهدوا منهم .
اما الدليل الثاني والقاطع هو مسألة الانتخابات البرلمانية ومتى تعقد وكيف وكلنا يعرف ان السرعة في اتمام هذه العلمية سوف يصب في مصلحة حركة الاخوان المسلمين والسبب بسيط فهذه الحركة لها جذور ومؤسسات وهي اصلا لم تكن ممنوعة من العمل على الساحة المصرية ولها تجارب على هذه الساحة وخبرة بالاضافة الى الدعم المالي الخارجي المشكوك بامره والدعم والمباركة من قبل العسكر واخرين لا يعلمهم الا الله والحركة نفسها بالطبع , مما صعب الامر وجعله مستحيلا على اي فصيل اخر وبالذات شباب الثورة الحديثي التنظيم من منافسة هذه الحركة في مثل هذه الانتخابات و في هذه الظروف الغير متوازنة او حتى عادلة , لذلك حاولت احزاب المعارضة التي كانت ممنوعة من العمل السياسي ايام النظام السابق ومعها حركة شباب الثورة الوليدة والتي تفتقد لاي تنظيم او اي دعم مالي جاهدة ان تؤجل هذه الانتخابات حتى تتمكن من لملمة صفوفها فجن جنون الحركة و ذهبت لتأييد بل و تعاونت ودعمت توجه العسكر الى عدم التاجيل لانه ليس من مصلحة هذا المجلس العسكري ولا من مصلحة اسيادهم بامريكيا واسرائيل ان يعطوا الفرصة لمثل هذه الحركات الشبابية المجهولة التوجه ان تنظم نفسها وتاخذ الوقت لجمع قواعدها الشعبية لانها بالتأكيد ستكتسح الانتخابات وهنا لا يمكن التكهن بسياسات هذه الحركات الشبابية والتي ظهر بعض من توجهاتها جليا باقتحام السفارة الاسرائلية وهروب السفير الاسرائيلي و المطلبة باغلاقها و بقطع الغاز المصري والغاء معهدة السلام مع الكيان الاسرائيلي وفك الحصار عن غزة, من هنا كان لا بد من قيام انتخابات سريعة لا تعطي اية فرصة لهؤلاء لان ينجحوا وان يضمن نجاح فصيل هو تحت السيطرة ان لم يكن تحت الاتفاق, وكلنا يعرف ما حصل بهذه الانتخابات والفرز الذي افرزته بتنحية شباب الثورة الحقيقين وسرقة دمهم وثورتهم ومن قبل من حركات للاسف اسلامية.
بعد نتائج الانتخابات البرلمانية ايقن شباب الثورة انهم خدعوا وتأكد لهم هذا بعد الذي حصل في انتخاب جمعية الدستور والذي سيطرت عليها كذلك الحركات الاسلامية وصادرت حقهم حتى في ابسط الامور وهو المشاركة في كتابة دستورهم , هذا التصرف الذي لم يرق حتى للمجلس العسكري فساند وبشكل غير مباشر اسقاط هذه الجمعية في القضاء كقرصة اذن لهؤلاء الذين توغلوا واصبحوا يعتقدون انهم يملكون الشارع والاغلبية الشعبية, وبالرغم انهم تعهدوا امام المجلس العسكري وباقي الاحزاب والشعب المصري انهم لن يخوضوا انتخابات الرئاسة وكلنا يعرف حادثة ابو الفتوح الذي تم فصله مباشرة من عضوية هذه الحركة كردة فعل بحجة انه خرج عن سياسة واجماع الحركة بعد ان تمرد عليهم ودخل الانتخابات بصفته الشخصية, الا انها سرعان ما ناقضت هذه السياسة و نقضت كل تعهداتها السابقة باعلانها ترشيح احد افرادها لخوض انتخابات الرئاسة وقدمت اسماء اثنين من قياديها الاول رفض والثاني الكل يعرفه وهو محمد مرسي وكانت حجة الحركة ان الوضع اصبح يتطلب ذلك وانه ردا على ترشيح السيد احمد شفيق احد رموز النظام السابق والحقيقة انه يبدوا ان معلومات استخبارية وصلت الى الامريكان والاسرائليين بان مرشح شباب الثورة احمد صباحين او ابو الفتوح سيكتسح انتخابات الرئاسة وان حظوظ عمر موسى ضئيلة وان الجولة الثانية ستحمل احدهما لمواجهة محمد مرسي والذي هو كذلك حظوظه ضئيلة مما يرجح بالنهاية نجاح احمد صباحين او ابو الفتوح بالرئاسة وكلاهما غير مرضي عنهما اسرائليا أو امريكيا لذلك و كما يبدوا ان الاخوان تخوفوا من ابو الفتوح او حتى احمد صباحيين و ما سيفعلاه عند نجاح احدهما وانهما ربما سيحلان البرلما وهذا متوقع مئة بالمئة لانهم يدركون ان الانتخابات البرلمانية التي فازوا بها لم تكن عادلة او منصفة , من هنا تم اتفاق كل من المجلس العسكري وحركة الاخوان المسلمين على كل ما تم من ترشيح من قبل الطرفين وهو كان بتوافق وليس باختلاف وذللك من اجل تشتيت اصوات الفئة التي ستصوت للمرشحين الاسلاميين و كذل الاصوات التي ستدعم التوجه الغير اسلامي والتي محصورة بين احمد شفيق واحمد صباحيين مع احترام الفرق بالتوجهات واقصد هنا اصوات الاقباط وهذا ما حصل بالضبط فضاعت الاصوات واختلطت الاوراق وتم ما خطط له وهو ابعاد اهم مرشحين للثورة الحقيقة وابقاء رمز النظام المتمثل باحمد شفيق وممثل حركة الاخوان .
انني اختلف كثيرا مع كل التحليلات والتي ذهبت الى ان المجلس العسكري لا يرغب بمحمد مرسي على العكس تماما, بل اذهب الى ابعد من هذا ان احمد شفيق سيستمر بالمنافسة على رئاسة الجمهورية ولكن لا المجلس العسكري ولا اسياده من الامريكان أو الاسرائليين سيسمحوا له ان ينجح لانهم يدركون بان ميدان تحرير ثاني قادم وان الشعب المصري لا يمكن خداعه او اعادته الى الوراء لذلك لا يمكن المخاطرة بهذه الطريقة والاسلم هو لهم اختيار محمد مرسي للرئاسة مع الفرض عليه بمجلس رئاسي وحكومة مهجنة وما الى ذلك لارضاء الناخب القبطي بالدرجة الاولى لانه مرجح الكفة لمرسي واذا حاول الاخوان اللعب مع الجيش فسيكون سيناريوا الجزائر حاضرا وهذا اسهل بكثير على الجيش فيما لوكان الرئيس احمد صباحيين او ابو الفتوح لان هذان الرئيسان لا يوجد حجة امام العالم للانقضاض الجيش عليهم لانهم لن يكونوا ارهابيين او متهمين بدعم الارهاب واقامة جمهورية اسلامية كما هو الحال لمحمد مرسي فهل اتضحت الصورة الان يا اخوتي .
اخيرا أقول ان نتائج محكمة القرن ليس حكما على مبارك واعوانه بل هي اختبار حقيقي لحركة الاخوان فاذا كانت حقا لا تتأمر مع المجلس العسكري واسياده وتتقاسم الادوار والمراكز معه فتستطيع ان تسحب ممثلها للرئاسة وتقلب الطاولة على راس المجلس العسكري ومن ورائه وتشكل مع احمد صباحين وابو الفتوح مجلس رئاسي مدني سيكون المجلس العسكري في وضع المهزوم بالاضافة الى قيادة ودعم الاحتجاجات في ميدان التحرير والميادين الاخرى بالمدن المصرية , ان الايام القادمة ستثبت كل ما قلته في هذا المقال ,فهل سيفعلها شباب الثورة ويقلبوا الطاولة على راس الاخوان والمجلس العسكري بالنهااية؟ اتمنى لشعب مصر الشقيق كل التوفيق وان يقف الله معهم ومع ثورتهم وان تعود الثورة لمستحقيها وان تفشل كل المؤامرات والاتفاقات السرية وغير السرية وان اكون مخطيء في كل تحليلات وان تقود الحركة الاسلامية شعب مصر الى الحق وان تعطي الحق لاصحابه دونما نتقاص وان تحقق العدل وتعيد روة مصر لجياعها وان تطبق الاسلام الحقيقي المعتدل دونما اية مغلاة كما ارده الله لنا وطبقه خير مخلوق على هذه الاض محمد عليه افضل الصلاة والتسليم .