النهوض الجماعي

mainThumb

11-06-2012 12:45 AM

يسارع كثير من الكتاب والإعلاميين الذين لم تعجبهم ثورة النهوض العربي إلى اتباع أسلوب البحث عن منهج التبرير، من أجل الشعور برضا النفس المتكلف والمصطنع، والخلود إلى شيء من الوهم اللذيذ والهروب من أسئلة الجماهير التي كانت تنتظر لحظة الانعتاق من حقبة الاستبداد وتخطي مرحلة الضعف والهزيمة التي تحرسها الأنظمة التي استلمت المفتاح من المستعمر الذي لم يرحل إلاّ بعد الاطمئنان الكامل على الوكلاء الذي تمّ صناعتهم بعناية من أجل إكمال دور المستعمر والقيام بدور النيابة عن أصحاب السحنة البيضاء المكروهين. ويحاول بعضهم تكرار بعض التساؤلات التي يعتقدون أنّها تؤدي إلى تقليل أسهم رواد التغيير والإصلاح والتي تؤدي إلى إثارة الشكوك والبلبلة حول القوى التي لمع نجمها في سماء الإصلاح العربي، ومن هذه التساؤلات: أين برامج أصحاب الثورات؟ وما هي رؤيتهم لإنقاذ الاقتصاد المتدهور؟ وما هي رؤيتهم لمعالجة الأزمات التي تعاني منها الشعوب الثائرة؟.

أعتقد أنّه من الضروري لأي قوة سياسية أن تمتلك رؤية شاملة للإصلاح على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وربما تكون الأوضاع الاقتصادية أكثر حرجاً وصعوبة ، لذلك فمن الضروري امتلاك البرنامج البديل المقنع للجماهير والنخب، هذا صحيح ولكن!!.

ما هو أهم من ذلك وما ينبغي الالتفات إليه أولاً، أنّ عملية النهوض والإصلاح ليست مهمة شخص أو فئة أو حزب أو حركة أو قوة معينة، وإنّما النهوض مهمّة الشعب كله، بكل مكوناته وقواه، ولن يكون هناك نهوض حقيقي أو تغيير جوهري أو إصلاح شامل إلاّ بقدرة الشعب على صناعة النهوض الجماعي وامتلاك القدرة على العمل المشترك الذي ينخرط فيه كل الطاقات والعقول والسواعد الوطنية، والمتخصصة في كلّ مجالات العمل.

ولذلك مهمّة القائد، أو الحزب الحاكم هي استنهاض كل ما في المجتمع من طاقة، والعمل على توظيف كل عناصر القوة وليس فرض رؤية محددة مسبقاً على المجتمع، بمعنى أنّه يجب أن ننتقل من ثقافة أنّ الزعيم يطعم ويسقى ويشفي، ويمنح ويمنع، وأنّ الزعيم أو الحزب الحاكم يفكر نيابة عن المجتمع، فهذه ثقافة العبيد والأرقاء، وليست ثقافة الدولة الحديثة التي تتشكل من مجموع الجهود المبذولة من أفراد مجتمع المواطنة بطريقة جمعية تشاركية. وخلاصة القول ان وظيفة الثورة ليست استبدال زعيم بزعيم، ولا استبدال حزب بحزب آخر، وليست مهمة الثورة الإتيان بالمخلّص وليست تعبيراً عن فكرة المهدي المنتظر، بل إنّ مهمة ثورة الشعوب العربية تغيير منهجية إدارة الدولة، وتغيير منهجية الحكم، بحيث يصبح الشعب كلّه صاحب السلطة العليا في الاختيار والمراقبة والمحاسبة، ويصبح الشعب المالك الحقيقي للثروة والقوة والمقدرات، وهو الذي يمنح المشروعية لكل صاحب مسؤولية، وما الحاكم إلاّ تعبير عن الإرادة الجماعية . أعتقد أنّ هذه المنهجية التي تعد عنوان المرحلة الجديدة، وبعد ذلك تكون مهمّة الحاكم الجديد صناعة النهوض الجماعي، القادر على إعادة بناء الدولة وبناء الاقتصاد، وتحرير الطاقة الكامنة والمختزنة في العقل الجمعي والجهد المشترك والإرادة العامة.


rohileghrb@yahoo.com
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد