الرجـــال قبـــل المــــال

mainThumb

14-06-2012 12:46 PM

      اجتمع الخليفــة عمـر بن الخطاب ذات يـوم في بيــت أحد الصحابـة مع جمــع من المسـلميــن ، وقـال عمـر ، تمنـوا ، فقال أحـدهم أتمنى لـو أن لـدي مـلء هـذه الغرفــة ذهبــا وفضــة ، لأجهــز جيــوش المسـلمين في حروبهــا ، وقـال عمــر ، تمنـوا، فقـال آخـر أتمنى لـو عندي مـلء هـذه الغرفـة لـؤلــؤا ، لأتصــدق فيهـا علـى الفقـراء والمحتاجيــن من المسـلميــن ، وهكــذا ، أمـا عمــر فقــال أتمنى لــو عنــدي طلحــة بن الزبيــر وأسامه بن زيـــد .. وعــدًدَ بعض أسـماء قـادة من المسـلمين الذين اسـتشـهدوا ، كــي أســتمـر بهــم في نشـر الدعـوة الإســلاميــة .

 
       الخليفــة عمـر رضي الله عنــه لم يتمنى المـال ، بل تمنى الرجــال الذين هــم عمــاد الأمــة ، والذين تقـوم على أكتافهــم أمجـادهـا وعـزتهــا ، وعلـى سـواعـدهــم تتحـطــم الأطمــاع من الخــارج والفتــن من الـداخــل .
 
       إنـنــا في هــذه الأيــام في أمـس الحـاجــة للرجــال وليس الذكــور ، الذين يأخــذون الأمــة الى بــر الأمــان ، ويحقـقـوا طـمــوح شـعوبهــم ، ومنــع الإعتمــاد على الخــارج مهما كــان لـونهــم أو جنسـهــم ، لمسـاعدتنــا وحمايتنــا ، والتضـحيــة من أجــل اســترداد حقوقنــا وأراضينــا التي نهبــت وسـلبـــت .
 
       نسـوق ذلك الحـديث الذي دار بين الخليفـة عمـر وبعض الصحابـة في تلك الغرفـة ، ونحــن نرى الفرق الشـاسـع ما بين شـباب الأمس وشـباب اليــوم ، خـاصـة بعد أن أصبـح اللهــو واللعـب والتقليــد ، هي السـمة الطاغيــة على تصـرفات الكثيـر من شـبابنــا ، رغــم ما حقـقــه البعــض في انطلاق الثـورات الشـعبية العربيــة ، وما سـميــت بالربيــع العربي .
 
       هــا هـي الأنظمـة القمعيـة التي سـقط منها من سـقط ، وغيرهـا ينتظـر سـقوطـه بين الحيـن والآخـر ، بعـد أن طـال عمـرهــا ، مسـتـغلين صمــت الشـعوب وبالذات رجالهــا ، الذين اسـتكانوا وتراخـوا عما يجـري حولهـم من ظلــم واسـتبـداد وفســاد ، دون أن يتحـرك فيهـم نخـوة الرجـال وعـزة الشـرفاء ، كما كان حال الصحابة ومن تبعهــم من بعـدهــم .
 
       إن اموال الدنيـا ليسـت بذي قيمـة إن غـاب الرجــال ، وفي التاريـخ القديــم والحـديث ما يشـهد ان الرجــال هــم الأســاس في اعمــار وبنــاء الدول ، وان دول فقيـرة كفيتنــام وكمبـوديـا وغيرهــا مثـالا وليس حصــرا ، قــد انتزعــوا حريتهــم وكرامتهــم ، وحـرروا بــلادهــم من أقــوى وأغنــي الــدول ، بسـبب عــزم الرجــال والإيمــان بان الحـق هــو الذي سـيتغلب في النهـايـــة .
 
       ان امتنــا العربيــة وفيهــا من الخيــرات مالا يــوجــد في أي دول أخـرى ، قادرة أن تكـون في مصـافي الدول العظمــى ، ولا تخشـى في حقهــا أحــدا ، إن توفـرت النيــة الصـادقــة لرجالهــا ، والعمـل من أجــل تكاتـف السـواعــد من قياداتهـــا ، بعــد أن تتخلـى عن الأنانيــة والنظــرة الضيقــة التي لا تتجــاوز الحــدود ، وأن يكـون الهــم العربي يشـغل الجميــع بنفس المقدار والمسـؤوليــة ، تقف الدول الغنيــة بأموالهــا وخيراتهــا الى جانب الدول العربيـة الأخــرى التي تحتــاج الى دعــم ومســاعــدة ،والتي بدورهــا لن تبخـل بكل ما لديهــا من طاقات وامكانيــات وخبــرات للوقوف الى جانب الدول التي مدت لها يد المسـاعدة، وعنــدئــذ ســتتحطــم كل الأطماع والتدخــلات الخـارجيــة ، ويعــم الأمــن والســلام على ربــوع جميــع الدول العربيــة بلا إسـتثنـــاء .
 
       إنـنـا في الأردن وبفضـل من الله تعالى لدينـا من الرجال ، ذوي الخبرات والمؤهلات ، الذي يشهد لهم القاصـي والدانــي ، وما تركوه من بصمات واضحـة في كل الدول التي عملوا فيهـا ، وخاصة الدول الخليجية العربيـة ، وكل ما يحتاجـوه هـو أن يؤخـذ في أيديهــم ، بتقديــم الفـرص والدعــم لهــم ، وتوفيـر الإمكانيــات الماديـة وعدالتهــا ، ليثبتـوا أنهـم قادريـن على الإنجـاز والإبـداع في كل مجـال ، ويساهمـوا في رفع اسم الأردن عاليـا ، ووضعـه في مكانــه الصحيــح بيـــن الأمـــــــم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد