طوقان أمام القضاء!

mainThumb

26-06-2012 07:01 PM

 لماذا كان يتلفت الدكتور خالد طوقان يمنة ويسرى عندما مثل أمام القضاء بتهمة الشتم والتحقير يوم الاربعاء 20/6/2012 علما بانه كان في حماية عناصر من رجال الأمن؟ وهل كانوا مخصصين لحمايته من غضب الناس؟ ذلك هو أغلب الظن لأنهم منعوا الدخول الى قاعة المحاكمة ! 

       ما اسمك، كم عمرك، وأين هويتك؟ أسئلة لم يعتد على سماعها! ولكن، لماذا يتوتر المرء أمام القضاء إذا لم يكن مذنباً، فللمحكمة هيبة ووقار، لا شك في ذلك، ومجرد المثول أمام القاضي يجرد الشخص من هيبته ومنصبه، على الأقل ظاهرياً ومعنوياً وبصورة مؤقتة، فيفقد امتياز الجلوس خلف مكتبه المترامي الأطراف في مؤسسته، كما يفقد امتياز خصوصيته الكاملة المغلقة خلف الأبواب في حراسة السكرتيرة الجالسة في الغرفة المجاورة والتي لا تسمح لأحد بالدخول عليه إلا بإذن مسبق!
 
       هناك في مكتبه الخاص لا يحدث أن يقف هو بينما يظل الآخر جالساً، أما في المحكمة فيجلس القاضي بينما يظل المتهم واقفاً، بغض النظر عن طوله الفارع أو علو شأنه؛ إنها لحظات تعلــّم الإنسان التواضع وتذكر المرء أنه مهما طار الإنسان وارتفع أكثر أصبح وقع السقوط أشد ألماً وأعتى وقعاً وأعلى دوياً!
 
       يقول الحكماء من كبار القوم عبر تواتر ذاكرة الشعوب إن امتثال المرء لاستدعاء المحكمة تذكره دوماً أن هناك سلطة أعلى منه، وهي السلطة القضائية، وأن تجربة هذا الامتثال قد تجعله يعيد النظر في تصرفاته ومشاريعه المستقبلية، وذلك تحسباً من مراجعة أو سؤال أو ربما استجواب من سلطة باتت أعلى مرتبة واكثر اهمية وأوسع نفوذا مما كان يظن بها في العادة، وهذا بالتالي يسهم في تقويم تصرفات الإنسان الذاتية في علاقته مع نفسه وفي تقويم تصرفاته الموضوعية من حيث علائقه مع الاخرين، وينجم عنها بالضرورة تصحيحات في مساراته الفكرية والعملية, فيغدو الانسان أكثر تقرباً ممن حوله من زملائه عبر الاستشارة الطيبة والتواضع في طلب الخبرة والمشورة التي ربما تبعده في المستقبل عن احتمالية تكرار الاستدعاء إلى المحكمة وتكرار المشهد المحرج!
 
       ونستذكر هنا قول المتنبي قوله:
 
والظلم من شيم النفوس، وإن تجدْ         ذا عفة، فلعلة لا يظلم
 
       بمعنى أن الإنسان ظالم بطبيعته، فإذا وجدت يوماً شخصاً لا يظلم فلابد من وجود أسباب تفسر ذلك، "فلعلة لا يظلم" يقول المتنبي؛ إذ نأمل أن يكون الامتثال بأمر القضاء الذي نعتز به ونفاخر "علة كافية" تحجبنا جميعاً عن ظلم أخينا الإنسان والاستقواء عليه وحرمانه من رزقه وظلم هذا البلد الطيب ومستقبل أجياله الآتية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد