حوار أحذية .. ومسدسات

mainThumb

12-07-2012 11:14 AM

 التسمية المحلية الأردنية لكلمة حذاء هي «كندرة». وعليه؛ فقد توافق بعض أهل «تويتر» من الأردنيين على أن يكون «مجلس الكنادر» هو عنوان «هاشتاغ» خاص على الموقع، سريعا ما جرى تعديله ليصبح «مجلس الكنادر والمسدسات».

 
ما أثار هذين العنوانين كما بات معروفا هو اشتباك تلفزيوني بين نائب أردني حالي ونائب سابق عمد خلاله النائب الحالي إلى إشهار حذائه بداية ضد الضيف الآخر، وأعقب ذلك بإشهار مسدسه وسط عراك وسباب مباشر أمام المشاهدين.
 
في الحقيقة فإن الذي افتتح زمن الأحذية التلفزيونية العربي هو الصحافي العراقي منتظر الزيدي الذي وجد من يصفق له ويحتضنه في أعقاب فعلته، ثم تكررت حوادث الاشتباك التلفزيوني المباشر على الهواء؛ إما عبر قنوات فضائية وإما في قاعات البرلمانات. ومن يتابع الأداء السلبي، وفي أحيان المبتذل، لشريحة من المسؤولين والسياسيين والمحللين العرب عبر وسائل الإعلام وعبر الفضائيات تحديدا فسيخرج ربما بخلاصة مفادها أن حقيقة استبداد الغضب بتلك الشخصيات هو جزء من أدوار يؤدونها.. فهؤلاء يدركون تماما ما يقولون وما يفعلون أمامنا، بل هم واعون تماما لما يقترفونه، لكنهم ببساطة لا يكترثون لما يخلفه هذا الأداء في عقول مستقبليه أو على الأقل - وهذا أفدح - قد يعتقدون أن الجمهور يحب استعراضات القوة السخيفة هذه.. فأن يشهر مسدسا على شاشة تلفزيون فإن ذلك يعني أن الفعلة هذه تقترح على المشاهدين بوصفها نموذجا يمكن الاقتداء به، خصوصا إذا كان المقدم عليها نائبا منتخبا أو إعلاميا نجما.
 
إن لم يكن الأمر كذلك فكيف نفسر إقدام النائب في البرلمان الأردني على قذف ضيف معه في جلسة حوارية أولا بالحذاء، ثم، وهو الأخطر، إشهار سلاح ناري أمام أعين كل من تابع الحلقة؟ ففي اللحظة التي أخرج فيها النائب مسدسه من خاصرته لمع المسدس في أعيننا كأداة قتل شطبت أنظارنا. وما يدفع إلى التساؤل هنا هو وصول النائب إلى الاستوديو حاملا مسدسا، مما يعني أن احتمال استعماله قائم. ثم تدفع الفعلة إلى التساؤل أيضا عن إمكان إقدام المؤسسات التلفزيونية على تفتيش ضيوفها قبل استضافتهم، وربما الاستعاضة عن الأحذية المؤذية بأخرى من قماش. ثم إن القانون الذي سمح للنائب بحيازة مسدس لم يجتهد واضعوه في الأذى الذي يسببه إشهاره ليس في وجه خصم وإنما في وجه ملايين المشاهدين. فنحن هنا لسنا حيال ضحية واحدة لرصاصة واحدة، لكننا حيال ملايين الضحايا لمشهد نائب منتخب يشهر مسدسه في وجه أمة.
 
هل تعي شريحة واسعة من المسؤولين والسياسيين العرب كم انحدرت صورتهم وكم بات أداؤهم العام، إعلاميا على الأقل، مثيرا للسخرية والضحك، إن لم يكن أكثر. هناك من يعتقد أن لا جدوى من الحوار، وما دام الخصم لا يفهم من الجملة الأولى فله السباب، وإن تعذر إدراكه أيضا فلا بأس بقذفة كوب ماء أو لطمة خفيفة أو قوية ربما، بحسب قدرة المذيع على ضبط الأمر. هكذا تسيدت على شاشاتنا حوارات الأحذية واللكم و.. المسدسات.
 
diana@ asharqalawsat.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد