صِنفان مِن اهل الفَسَاد في الأردن

mainThumb

27-07-2012 02:45 PM

 منذ اكثر من عام ونصف على اندلاع فتنة الربيع العربي، لا زال الشعور بالتوتر مسيطراً على كافة المشاهد والمجالات الانسانية في جميع الدول التي طالتها نيران تلك الفتنة، فلا راحة ولا نوم في تلك الدول، ولعل التجربة الاردنية اقلها تأزماً،  و حراك الشارع فيها اخف وطئةً وتدميراً من غيره في تلك البلدان، الا ان المواطن الاردني اليوم يُضنيه القلق والتوتر، لخوفه من تصعيد تلك الفئة التي اعتادت على الخروج ورفع الشعارات في الشوارع، وخاصة في ظل وجود شيوخ الفتنة، والفتاوى الجاهزة، والاعلام المأجور المُظلل، والغريب انه هذه الفئة تطالب بالاصلاح ومحاسبة الفاسدين،  وهم في الواقع اصبحوا بطريقتهم هذه جزءاً من الفساد، ونوعاً جديداً من مشاكل المجتمع، و أحَد اعباء الدولة الاردنية التي لا ينقصها اعباء، ومن هنا فان الأزمة الاردنية سببها صِنفان من الفاسدين نختصر الحديث عنهم بمايلي:

 
الصنف الاول هو مجموعة من مسؤولي الدولة السابقين:
 
هؤلاء هم من اوصلوا البلاد الى هذا الحد من التخلف الاقتصادي، اذ لم يكونوا على قدر المسؤولية، وباعوا مقدرات الوطن، نهبوا وخربوا و أوصلوا البلاد والعباد الى حالة اقتصادية يرثى لها، وهؤلاء يتَّصفون بعدد من الصفات وَجّهتهُم الى سلوك مسلكيات خاطئة للتعامل مع الكرسي والامانة التي بين ايديهم، ومن صفاتهم: الخيانة، الكذب، ردائة النفس، الظلم، الضعف الاداري والعلمي، والانانية، فقد خانوا الامانة والثقة الملكية بهم، وحَنثوا باليمين، وكانت نفوسهم رديئة تشتهي ما ليس لها،  يقبلون الرشاوى والعُمُولات، يظلمون صاحب الحق والحاجة وينصرون القوي على الضعيف بالواسطة والمحسوبية، كَذَبوا وزوروا العُهود والعقود، منهم من جاء بالواسطة او الترقية الوهمية ليكون عبئاً على مؤسسته من خلال ضعفه العلمي والعملي وتخلفه الاداري، لتنهار تلك المؤسسة وبيعها خاسرة، او إتّخاذه قراراً ببيعها حتى لو كانت رابحه، ساقتهم انانيتهم الى تبذير المال العام من مخصصات المكاتب والضيافة والوقود المجاني لسياراتهم، ومُخصصات السفرات والمياومات، والكثير من التبذير لمال الشعب المحروق بنار الفقر والبطالة... هذا هو الصنف الاول من الفاسدين والذي بدأ الاردنيون حَربهم عليه.
 
ولعل عدم مقدرة الشعب الاردني على مغفرة وتحمل المزيد من سرقات وعثرات فاسدي المناصب، هو السبب الذي دفع جميع اطياف الشعب الاردني الى ان تقف وقفة واحدة في وجه الفساد، لكن كلٌ بطريقته، منهم من اراد ذلك بالكلمه، ومنهم من يحارب الفساد بالقلم، ومنهم من يقدم حلولاً ومقترحات، ومنهم يدعم الاقتصاد الوطني ولو بفكرة، وهناك من يخرج الى الشارع يصرخ ويتباكى على اطلال ممتلكات الدولة التي بيعت، اولئك الذين يتجمهرون بين الفينة والاخرى محدثين جَلَبة لا داع لها، فلا هي تُسمن ولا تُغني من جوع، يريدون لفت انتباه وسائل الاعلام لتظهرهم وكأنهم كثوار سوريا وليبيا، وهم في الحقيقة قِلة تريد خراب البلاد من خلال المطالبة باصلاحة،  نستثني منهم مسيرات المواطنين الابرياء الذين دفعتهم الحاجة، والشعور بالنقص المكتسب -من سياسات بعض الحكومات- للنزول الى الشارع، وهم في الحقيقة يحملون رغم الالم، عشقاً ابدياً للعرش الهاشمي ولديهم من الولاء والانتماء ما يفرض على الدولة الاستماع اليهم وحل مشاكلهم والاستئناس بتطلعاتهم ونصائحهم بسرعة، قبل ان تتلقفهم المعارضة الحاقدة من احزاب وجماعات اسلامية ويسارية.
 
الصنف الثاني هو مجموعة من التيارات الوهمية، والاحزاب المُعارضة والاخوان المسلمين:
 
 وهؤلاء هم الحراك المأزوم المشأوم، صاحب الاجندات، الذي زاد الطين بله، والذي يريد جر البلاد الى حافة الانهيار بزعامة حزب الاخوان المسلمين، وبعض المعارضين الحاقدين والمعروفين بحقدهم منذ زمن بعيد، والذين يرفعون سقف مطالبهم كلما تم تحقيق انجاز اصلاحي ما، رافضين الحوار والوصول الى حلٍ وسط، وهؤلاء يتصفون بالصفات التالية: الايذاء، العشوائية، الضعف الاداري، الاستهتار، الابتزاز والانتهازية، السذاجة، ضعف البصيرة، الصلابة الفكرية، والتنظير الفارغ، وقد ظهرت هذه الصفات من خلال ممارساتهم واساليبهم، فلقد شتموا كل من وقف ضدهم، ووصفوا الشعب الملتف حول القيادة بالبلطجية والسحيجة، يُحدثون الجَلَبَة بمرورهم ومسيراتهم المزعجة، يوقفون المسير ويقطعون الطرق، عشوائيون يستهترون باستقرار هذا البلد وامنه وامانه، يبتزون الدولة ويضغطون على القيادة منتهزين فرصة الربيع الدموي المشأوم، ساذجين لا يحسبون حساب مستقبل مجهول قد يضرب الجمل بما حمل، افكارهم وعقلياتهم صلبة لا يقبلون حواراً ولا اقناعاً ولا حل وسط، وفوق هذا كله ما هم الا باحثين عن مناصب وشهرة لا يجيدون الا التنظير... هذا هو الصنف الثاني من الفاسدين الذي نحاربه كذلك.
 
اذاً ... الازمة السياسية الان اصبحت ناتجة عن سببين رئيسيين وهم صنفان من الفاسدين في الاردن اولهما اسبق من الثاني، والثاني جاء بحجة وجود الاول، وكلاهما نار تحرق الوطن الذي لا يملكه طرف دون اخر، وها هي الاغلبية الصامتة من ابناء الشعب الاردني بدأت بالتململ والسخط فلا يرضيها سرقة اموال الشعب ومستحقاته من فاسدي الكراسي، ولا يعجبها سرقة راحة الشعب وامانه من شيوخ الفتنة ومتظاهري الشوارع.
نعم  نريد الاصلاح ومحاكمة الفاسدين، ولكن ليس على طريقة سياسيي الشوارع، فلن يُسمح لهم بصنع الفتنة وجر مجتمعنا الى ازمة جديدة، ولن نسمح لهم بصنع فساد جديد...
 
وبالتالي فان الحل هو ان نعتصم بحبل الله جميعاً، ولا نتفرق ولا نركض خلف شيوخ الفتنة، وان نتمسك بالقيادة الهاشمية، التي تضمن لنا استقرار هذا البلد واكمال مسيرته من جهة، والاصلاح المُعتدل المنطقي المتسلسل من جهة اخرى، فلدينا ملك ينادي بالاصلاحات ومحاربة الفاسدين وكرامة المواطن، واعتقد ان وجوده فرصة لم تكن موجودة لدى الشعوب المجاورة التي ثارت على حكامها وانظمتها، نعم انه فرصة علينا اغتنامها والتمسك بها.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد