كفاكم ظلالا وتظليلا وكفاكم عدوان سافرا على هذا الوطن الذي تدعون الولاء والانتماء له, وكفاكم ظلما وتبخيسا بما يقدم الأردن الكبير لكل الدنيا, وكفاكم تنطعا وسوء نية وسعيا للنيل من سمعة وجهوده الخيرة لاحتضان الكون.
مراسلون لمشبوهات فضائية وفضائح إعلامية دفعها رباعي ومجزي, لا يتركون فرصة إلا ويتباكون بطريقة اللطم الشيعي أو بأسلوب نعيق أحفاد المحرقة اليهودية, حزنا وخوفا ودفاعا عمن يصورونهم كضحايا لإجراءات أمنية أردنية تعسفية تمنعهم من اللجوء الإنساني من القتل الأسدي في سوريا الشقيقة, وتحرمهم من الحضن الآمن على طرف الحدود الأردنية, فيرفعون العقيرة والقلم المدفوع بالسخط على منع تكفيل فلسطيني سوريا وتركهم في ملاجئ ومخيمات آمنة ومخدومة حسب الأصول.
وعلى اعتبار أن هؤلاء الأقزام يؤدون رسالة إعلامية غير منحازة, كما يدعون, ويفزعون للإنسانية المكلومة كما يدعون, فكيف لهم إقناعنا بأنهم لا يخدمون فكرة الوطن البديل الصهيونية وهم يسوقون للم فلسطينيي الأرض في هذا الحيز المكاني الضيق والشحيح الموارد, رغم أن فلسطين معروفة الإحداثيات والموقع.
ونواب أردنيون, أُطلق عليهم اسم نواب المخيمات يستفزون صبرنا وحلمنا وطيبتنا وذكائنا بأن هناك أردنيون في سوريا ممنوعين من الدخول إلى بلدهم الأردن بحجة أنهم من أحفاد من كان لهم مع وطننا وجيشنا وأمننا جولات باطل وظلم وطعن في الظهر, انتهت بهم إلى الاختيار بين الوطن وغيره فغادروه إلى دولة الممانعة البعثية, يطبّلون لها ويزمّرون ويقفون في صفها ضد وطنهم الذي يدّعون, إلى درجة أن أحد هؤلاء النواب قد أثار هذه الموضوع على مأدبة إفطار رمضانية ملكية.
وعلى اعتبار شرعيتهم النيابية عبطا وزورا, فمن أين لنواب أردنيين الشرعية بتمثيل هذه الفئة التي خرجت على ولاءها لهذا الوطن وعبثت بأمنه وسلامه الاجتماعي وبدّلت بمحض إرادتها الصف والجهة, بل وحاربته وحاولت تخريبه.
ولا استبعد أن تكون المواجهة التي وقعت بين مجموعة من اللاجئين من سوريا قبل أيام بسبب تحديهم لقرار وقف تكفيلهم والإبقاء عليهم في أماكن تجمع آمنة ومخدومة كما ذكرت سالفا, حطموا حواجزها وخرجوا منها عنوة, وبين الأمن والدرك الأردني إلا نتيجة لهذا التجييش والتحريض من أطراف إعلامية ونيابية تدعي الأردنية والوطنية والخوف على المصلحة العامة.
المعروف أن الإنسان عندما يتعرض لطارئ يجبره على ترك وطنه أو المكان الذي يعيش فيه, خوفا منه على سلامته ومن يحمل مسؤوليتهم, فإنه ينزع للجوء إلى المكان الآمن التالي الأقرب إليه وأسهل وصولا, والذي يتوخى به القبول وحسن الاستقبال, ومن هنا نفسر لجوء الفلسطينيين والعراقيين والسوريين واللبنانيين إلى هذا الحمى العربي الأردني الكبير الذي ما رد يوما محتاجا أو طالبا لحنان وأمن. ولكنني أعجز عن تفسير ظاهرة استقطاب الأردن للجوء عابر للقارات, وأبحث طويلا دون جدوى عن إجابة لسؤال محير صعب: ماذا بعد؟
وحتى في هجرة المسلمين الأوائل وما وصلنا موثقا عنها, لم نسمع إلا بلجوء المكيين المطاردين الخائفين على عقيدتهم الجديدة ودينهم إلى المدينة الآمنة, والى أجل مسمى حدده فتح مكة النبوي وتطهيرها من أسباب الخوف والتهجير والوثنية.
أما هنا, فما هي إلا سنوات قليلة ونسبق بعض دول الخليج العربي ونبزه, ليس بالغنى والنفط والترف والنعيم, بل بتخطي أعداد الوافدين أعداد المواطنين, مع كل ما يحمل هذا من خطر التفكك والانهيار لبناء الدولة وصرح الوطن.
هناك العرب الذين يشترون الجنسية الأردنية كمستثمرين ببعض المال الذي لا ترى منه الأردن شيئا, وهناك اللجوء الاقتصادي لمن لم يجد في وطنه الأم فرصة أو ظرفا يعينه على الدنيا وجحيمها, وهناك التنفيذ الحقيقي والسريع لنظرية الوطن البديل, والتي بمجملها لا تتعدى فكرا وتخطيطا عدوانيا شريرا للصهاينة ومن يدور في فلكهم ومن ينفذ لهم بالأجر خططهم البغيضة.
نجوع ليأكلون, ونعطش ليشربون, ونتشرد في أصقاع الأرض ليستوطنون, ونحرس ليأمنون, ويتعرض عسكرنا للأذى على حدودنا من أجل أن ننقذ اللاجئين إلينا من الموت على يد جزار الشام وطغمته البارعة التمثيل والكذب والعدوانية, ولا حمدا ولا شكورا, بل هجوما سافرا بكل أنواع الأسلحة الإعلامية على كرمنا وسماحة أخلاقنا وطيبة قلوبنا.
والرداحون يقبضون وينعمون بالعطايا, وكلما زاد ظلمهم للأردن وأهله, وارتفعت وتيرة كذبهم وتجنّيهم عليه, كلما ارتفع دسم الزاد وتربربت العطية ونمت الحسابات البنكية وطفحت حوافها من جهات الدفع المختلفة, محلية كانت, إقليمية صهيونية, أم دولية مشبوهة.
أيها المعنيون, أقسم بالله العظيم أن حيط هذا الوطن ليس واطيا, وأن أحراره ليسوا بنائمين ولا بغافلين عما يُطبخ لهم من سم, وأنهم ليسوا بعاجزين عن المبادرة والرد الحاسم, ولكننا نعتقد أن قليلا من الصبر والأناة لن يمنعا التصرف في الوقت المناسب وبنفس الانجاز والحسم, دون أن نُنعت بصفة لا نريدها ولا نقبلها لنا.
وأُقسم ثانية ومعي كل الأرادنة القابضين على جمر وطنهم وحدوده وأمنه وسلامته, بأن هذا السم الذي يطبخ لهم في السر والعلانية لن يتجرعه إلا من طبخه وأوقد تحته. واتقوا ثورة الحليم.