عاد الحديث من جديد عن الحقوق المنقوصة للأردنيين من أصول فلسطينية ، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها منقوصو الحقوق لكنها جاءت الآن وفي هذه الظروف بالذات على شكل رسالة إلى جلالة الملك يصورون فيها له ما يعانونه من نقصان في الحقوق ومن اضطهاد في الحصول عليها .
وقبل الخوض في هذا الحديث فلا بد لنا من أن نبين أن المطالبين باكتمال الحقوق على حد زعمهم لا يمثلون جميع الأردنيين من أصول فلسطينية إنما هم زمرة لهم أجنداتهم وأهدافهم الخاصة ، بينما الغالبية العظمى من أبناء الأردن من أصل فلسطيني يعتزون بأردنيتهم ويعترفون بفضل الأردن في إحتضانهم إنقاذهم من التشرد وحمايتهم من الضياع ومساندة الأردن لهم في قضيتهم التي هي قضية كل الأردنيين .
لقد كانت لنا جولات كثيرة من النقاش حول هذا الموضوع مع بعض الأردنيين من أصول فلسطينية أثناء دراستنا في الجامعة ، ومنهم من كان يحتد في الحديث في هذا الموضوع وهو ربما كان يدرس على نفقة الديوان الملكي أو بموجب مكرمة الجيش أو المعلمين أو أبناء المخيمات ، وعندما كنا نحاول أن نستوضح منهم عما هو ناقص لهم من الحقوق كنا نوصف بالعنصرية والاقليمية ، ولا أظن أني سأسلم من هذه الصفة بعد هذا المقال خاصة من أولئك الذين أكلت عقولهم هم العنصرية والأقليمية والذين يعتبرون كل حديث عن الوطن مهما كان وأينما كان ما هو إلا عنصرية .
لو أمعنا النظر في حقوق المواطن التي نص عليها الدستور الأردني فلن نجد أن فيها تمييزا بين أردني أردني وأردني من أصول أخرى ، فالنصوص واضحه جلية لا لبس فيها فهي ،لا تعطي فئة ولا تحرم فئة من نوع من أنواع الحقوق
وبما أن الحديث عن المنقوص من الحقوق يأتي من الأردنيين من أصل فلسطيني فلا بد لنا من التركيز على هذه الشريحة من المجتمع الأردني لنتعرف على الحقوق المكتسبة التي تمتعوا بها كأردنيين ، وفي كافة المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتعليمية والرياضية وغيرها .
ففي المجال السياسي مثلا لو استعرضنا أسماء رؤساء الوزارات في الأردن منذ تأسيس الإمارة قبل حوالي مئة عام إلى يومنا هذا نجد أن نسبة الأردنيين من أصول فلسطينية الذين تبوأوا منصب رئيس الوزراء حوالي 30% من مجموع الرؤساء دون الأخذ بتكرار الأسماء أما من تبوأ منصب وزير من أصول فلسطينية فنسبتهم لا تقل عن ذلك وينطبق ذلك أيضاً على أعضاء مجلس الأمة بشقيه ، النواب والأعيان ومثلها المجلس الوطني الإستشاري ، ولو عدنا ألى أرشيف الحكومات الأردنية لوجدنا أن الأمناء العامين والمدراء والسفراء والملحقين والمستشارين يمثلون نسبة كبيرة من الأردنيين من أصول فلسطينية ، كذلك لا يخلو الجهاز القضائي في الأردن من القضاة ورؤساء المحاكم والمدعين العامين من الأردنيين من أصل فلسطيني .
أما في الجانب التعليمي فلو دخلنا إلى الجامعات الأردنيه لوجدنا أن نسبة كبيرة من طلابها من الأردنيين من أصول فلسطينية وكذلك موظفيها وأساتذتها ورؤسائها ومبتعثيها وممنوحيها ، وهذا ينطبق على مدارسنا حيث أن نسبة كبيرة من المدراء والمدرسين من أصول فلسطينية . وكذلك فالأردنيين من أصول فلسطينية يمثلون نسبة كبيرة من مجموع الموظفين في الجهاز الحكومي في كافة الوزارات والمؤسسات والدوائر في الدولة
وفي الناحية الإجتماعيه فالأردنيون من شتى أصولهم ومنابتهم يعيشون حياة طبيعية لا فرق بينهم في أي حق أو نشاط ولهم الحرية في إقامة شعائرهم وطقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم حتى أنهم أحرار في اختيار ملابسهم التي تتناسب مع طبيعة تقاليدهم ولم نسمع يوما أن جهة ما مثلا منعت أردنيا من أصل فلسطيني أن يقيم حفل زفاف أو حفل تخرج على الطريقة الفلسطينية أو حسب عاداته الموروثه ولم نسمع أن أردنية من أصل فلسطيني منعت من ارتداء ملابسها على الطريقة الفلسطينية التي ورثتها ضمن منظومة العادات والثقافات ، ولا نجد قانونا يحرم الأردنيين من أصل فلسطيني من حق العمل أو التملك أو التحرك ، فلا نرى بابا على مدخل مخيم يكون الخروج منه والدخول اليه بالهويه .
وفيما يتعلق بالجانب الإقتصادي فقد كانت البلاد مباحة لكل الأردنيين لأقامة مشاريعهم الإقتصادية وممارسة حقهم في التملك والتجارة والإستثمار بكل حرية ودون وجود كفيل يأكل نصف تعبهم ، ولم تفرض عليهم الضرائب غير التي تفرض على كل الأردنيين .
حتى في الرياضة فان الأردنيين من أصول فلسطينيه لهم أنديتهم التي يرتدون فيها ملابس بألوان علم فلسطين ويهتفون في المدرجات لفلسطين وهم ينضون تحت راية الأردن ويعتبرون مواطنون أردنيون ، لا بل هم يذهبون إلى أبعد من ذلك ، فعند لقاء المنتخب الاردني والمنتخب الفلسطيني يذهبون الى المدرجات يهتفون لمنتخب فلسطين رغم أنهم أردنيون .
ولا ننسى أيضا أن قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنيه ضمت بين منتسبيها الكثير من الأردنيين من أصول فلسطينيه على مدى سنوات طويله وها هم أبنائهم يدرسون ويبتعثون في الجامعات والمعاهد كما ذكرنا .
ترى بعد استعراض كل ذلك فما هو المنقوص من حقوقهم حتى يتمادوا في اللعب على هذا الوتر وفي هذه الفترة العصيبة بالذات ، متناسين اننا نحن (الاردنيين الاردنيين) كانت وما زالت حقوقنا مقسومة على كل الاردنيين من شتى الاصول والمنابت حبا وطواعية وتحملنا كل نتائج السياسات السابقة في منح القادمين الينا كل الحقوق رغم قلة امكاناتنا ومحدودية مواردنا واصبحنا نبحث لابنائنا عن حقوقهم في التوظيف والتعليم والصحة والعيش وسط زحام الضيوف الذين قاسمناهم كل شيء ولا نجد منهم الا الجحود والنكران .