سلام الله عليكم ورحمته وبركاته؛ سلام الله عليكم وقد ابتلاكم ربّكم بحمل أمانة المسؤولية الّتي ناءت بحملها السموات والأراضين والجبال وأشفقن منها؛ وقدّر الله لكم هذه الأعباء الثقيلة في ظروف استثنائية جدّا، وتحديات جسام داخلية وخارجية في ظلّ طوفان الربيع العربي الصاخب الحارق الخارق الملتهب قتلا وفتكا وتشريدا، حتّى غدا الأردن هو الملاذ الوحيد لكلّ الهاربين كرها من كلّ ديار العرب والمسلمين من حولنا يفرّون مضطرين تحت القصف والنيران بدينهم بأعراضهم بما تبّقى من كرامة إنسانيتهم؛ وهذا بحمد الله شأن الأردن منذ بدايات تأسيس الدولة الأردنية عروبى الهوى قومي الفكر إنساني وعالمي النزعة؛ ويفتح ذراعيه للجميع يحتضنهم بدفء أصالته و يقتسم معهم لقمة الخبز وشربة الماء بإيثاره العجيب؛ وقد يبيت على الجوع والطّوى والظمأ شاكرا حامدا لأنعم الله تعالى.
فيا سيّد الدّار والديار؛ في ظلّ كل ّ التحديات والأزمات الداخلية المالية والاقتصادية الخانقة والفقر والبطالة والبلاد قد ضاقت ذرعا بصفوف بل جيوش العاطلين عن العمل من المؤهلين في جميع التخصصات الجامعية الأكاديمية والمهنية والتقنية، وأزمة الطّاقة، وأزمة الغذاء وأسعاره والدواء وحتّى الماء الّذي لا حياة بدونه أبدا، ممّا دعاك أن تتدخل شخصيا أكثر من مرّة بهذه المشكلة الوطنية المؤلمة فحالما تحطّ طائرتكم القادمة من أمريكا تتوجه بدوافع وطنية سامية إلى تفقد أحوال وقضايا المياه في بلدة الطيّبة في محافظة كرك التاريخ والمجد لأنك طيّب وأهلها كما هم كلّ الأردنيين طيّبون وأوفياء لتراب الأردن الطّهور.
وأعتقد أن كلّ أردني حر شريف غيور على مصالح الأردن بنيّة صادقة صافية مع الله يطالب بالإصلاح العاقل الراشد الهادف الّذي يبتغي بحق وحقيقة تقدم البلاد في جميع المجالات الصحيّة والتعليمية والاجتماعية والسياسية، وصولا إلى دولة محكومة بدستور توافقي ومؤسسات تشريعية وقضائية وتنفيذية لا يحكمها سوى نصوص الدستور الّذي تنبثق منه جميع القوانين الناظمة لمجتمع الدولة كلّ الدولة بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات لا فرق بين أميرهم وفقيرهم.
ولن تكون العدالة بمعناها ومبناها ومغزاها أبدا في ظلّ وجود الفساد وتمرّد الفاسدين وتطاولهم على ثوابت الوطن، فلا بدّ ولا مناص من القصاص القضائي العادل الذي يضع حدّا لهؤلاء الّذين جعلوا الوطن مزرعة لطيشهم ولهوهم وفسادهم وإفسادهم، وحتّى يكونوا عبرة لغيرهم ممّن لا يخافون جبّار السموات والأراضين، وممّن ماتت ضمائرهم والعياذ بالله الكبير المتعال.
ياسيد الديار يحفظك البارئ: ورغم كلّ ماقيل فهذا والله غيض من فيض ممّا هو من تحديات في بيتنا ودارنا وديارنا الأردن العزيز من هموم ومشاكل تسهر معنا تعيش معنا كل لحظة وتنام معنا وهي والله أحلامنا الّتي تقضّ مضاجعنا كلّما سجى الليل أو تنفّس الصبح، ولكن يبقى الأردن هو بلد الأمن والأمان يتحدّى بفضل الله وتوفيقه ثمّ بحكمة قيادته وأصالة شعبه ووفائهم كل التحديات فهو الأردن مازال أبهى وأجمل وأكثر أمنا من كثيرين في عالمنا وممّن حولنا، ولكننّا ننشد الواقع الحقيقي الأبهى والأجمل والأعز والأصدق الّذي تتحقق فيه كرامة وأمن الجميع في الحرية المسؤولة والمساواة والعدالة الاجتماعية والصحة والتعليم للجميع بدون أيّ ( كوتات ) لأي جهة كانت فكلّنا في الوطن جنود للوطن، وأن تكون قبولات الطلبة عن طريق الجامعات بتنافس حرّ شريف ضمن الأسس والمعايير الّتي تضعها الجامعات نفسها كما في كلّ دول العالم المتقدم وكثير من الدول العربية.
ياسيد الديار ألهمك الله السداد والرشاد وخلّصك وأنجاك من كيد بعض ممّن حولكم ومن جهل بعضهم ومن حماقة بعض الجهات الّتي تريد أن تجعل من ( العرب عربين ) فريق يدعون بأنّهم موالاة وفريق تصورهم تلك الجهات على أنّهم معارضة لأجل المعارضة، والحقيقة ياسيّد الوطن وأنا وبالله ناصح مخلص للوطن واعشق أمنه وأمانه، أقول إن المعارضة الأردنية بأحزاب وحراك غالبا معظمهم، عاقل واع مدرك يحب الأردن كما نحن نحبّه ويحرصون على أمنه وأمانه ولا خلاف أبدا على قيادة الهاشميين للدولة الأردنية وهذا معلن ومصرّح به؛ فيا سيدي إن بعض مستشاريك يحكمهم الهوى، ألا وإنّ صوت الهوى غواية وصوت العقل هداية، لذا أسأل الله أن يقيض لكم بطانة صالحة مؤمنة بالله وتحفظ أمر الله وتخشى عذاب الله وتحب مصالح الأردن وليس في قاموسها شرق وغرب وقيس ويمن، بطانة تجمع ولا تفرق وتفتح بيت الأردنيين لكل الأردنيين فبالحوار والتلاقي تحلّ جميع المشاكل فرب العزة جل جلاله حاور الشيطان، وأرسل من خير البشر أنبياء اثنين هما موسى وهارون عليهما السلام إلى أطغى وأفجر مخلوق إلى يوم الّدين فرعون ( لعنه الله ) فقال تعالى في قرآن كريم يتلى إلى يوم الدّين : ( اذهبا إلى فرعون إنّه طغى ، فقولا له قولا ليّنا لعلّه يتذكر أو يخشى ... الآيات).
فيا سيد الديار ، يا ملك البلاد والعباد، إن معظم من وليتهم المسؤولية مستشارين ومسؤولين قد ضلّوا الطريق بقصد أو بدون قصد أو بجهل وعدم دراية ومعرفة ببواطن الأمور وقلّة تواصلهم مع الأردنيين، ولعل معظم الأردنيين يشاركونني هذا الرأي فوجودهم عدم بل العدم أفضل.
والآن والحكومة لا تألوا جهدا في الترويج للانتخابات النيابية والّتي أعلنتم أنّها ستجرى هذا العام ،2012 ،وفي ظل مقاطعة عجيبة غريبة وهي مؤثرة فعلا فقد تنتهي فترة التسجيل ولم يسجل نصف العدد من الحد الأدنى الّذي يمكن أن تجري معه الانتخابات، وللخروج من هذا المأزق الوطني فليسمح لي سيد البلاد بأن نقرأ بعض كلمات فيها الهداية ونور الحق من رسالة الخليفة المسلم الفاروق العادل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وأرضاه إلى القاضي وقت خلافته أبي موسى الأشعري ، حيث جاء في الرسالة ،.........( ولا يمنعنّك قضاء قضيته بالأمس، ثمّ راجعت نفسك فيه اليوم، فهديت لرشدك، أن تراجع فيه الحقّ، فإنّ الرجوع إلى الحقّ خير....).
فيا سيّد الديار وقائد الوطن يرعاكم الله، لقد عودتنا على المبادرات؛ والظروف الاستثنائية يتصدّى لقيادة الأمّة فيها الإستثنائيون العظام أصحاب الهمم والإرادة والعزم وأنتم أهلها ولها إن ادلهمّ خطبها، وحتّى لا يكون الإصلاح الّذي تريدونه أنتم ويناضل من أجله الأردنيون إصلاحا أعرجا أو بقدم واحدة في ضوء معطيات الحاضر المؤلمة التّي هي بحاجة إلى جراحة عاجلة ومن لها غيركم وأنتم النطاسي البارع والقائد الملهم والهاشمي الذكي الحصيف، فلقد أصبح تأجيل الانتخابات خلاصا في هذه الظروف، أجل إن الخلاص هو تأجيل الانتخابات في ظلّ معطيات الحاضر والواقع؛ والأمر بعد الله لكم ياسيد الديار، وأقول قولي هذا والله شاهد على محبتي لكل ذرات تراب أردن الحشد والرباط ، وعاش الأردن أمنا أمانا أرضا وشعبا وقيادة حكيمة عاقلة واعية، والله المستعان وهو وليّ التوفيق.
* محافظ سابق