أشجار عمان تستصرخكم

mainThumb

13-10-2012 02:15 PM

 تناقلت وسائل الإعلام خبرتوقف العمل بمشروع توسيع طريق بمدينة سان أنطونيو في ولاية تكساس الأميركية تقدر كلفته بـ15 مليون دولار بعد اكتشاف وجود عنكبوت نادر يخشى عليه من الانقراض في المكان. هذا الخبر ذكرني بقرار لمجلس الوزراء السابق يقضي بالموافقة على طلب تقدمت به شركة العبدلي للاستثمارات، والمتضمن إزالة 700-750 شجرة حرجية تعترض بناء تريد إقامته في موقع المبنى القديم للقيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية؛ رغم اعتراض وزير الزراعة على طلب الشركة كون المنطقة فيها مئات الأشجار الحرجية المتعددة الأنواع، وبأعمار تتجاوز الــــ 80 عاما وأكثر، وبما أن عمان مصنفة دوليا مرتفعة التلوث؛ لوجود خلل كبير بين التعداد السكاني والنشاطات الصناعية مقارنة بالمساحات الخضراء داخلها، وندرة الأشجار الحرجية فيها، فـإن إزالة هذه الأشجار يُعد إخلالا واضحا في الناحية البيئية والجمالية، إضافة إلى الخسارة الكبيرة التي تترتب على إزالة هذة الأشجار المعمرة، لهذه الأسباب، وتوقيرا للمكانة التاريخية الكبيرة لهذة الأشجار، ولموقع القيادة العامة الذي له رمزية خاصة، طلب الوزير من رئيس الوزراء الطلب إلى الشركة إعادة النظر بالتصميم، واتخاذ ما يلزم من أجل الحيلولة دون إزالة هذة الأشجار.

 
من الصعب أن يفهم المرء لماذا تطلب رئاسة الوزراء رأي الوزير المختص طالما أنها لا تأخذ به، لاسيما أنها شددت في كتاب سابق لها على ضرورة التنسيق الكامل مع وزارة الزراعة، وإشراك مندوب عنها عند دراسة العطاءات لأي مشروع يتطلب إزالة أشجار حرجية لتفادي إزالتها !
 
والمفارقة أنه جاء في كتاب الموافقة أيضا:أنها "تننس ّب بالموافقة على إزالة الأشجار الحرجية حسب المخطط، ، وضمن ال أسس والأنظمة المتبعة" فأين هي الأنظمة التي تسمح بقطع الأشجار المعمرة، والوزارة ذاتها قد أكدت في كتاب رسمي سابق بعثته إلى عدة جهات حكومية بالحفاظ على الثروة الحرجية، كون مساحاتها وأعدادها محدودة جدا ؟!
 
 يسترجع الإنسان في المحن حصيلة مكوناته الثقافية، وإزاء محنة  أشجار الأردن الحزينة أستذكر ما تعلمناه  من أن الأشجار مفيدة في الاستمطار، والحفاظ على البيئة، وتنقية الهواء، والتخفيف من التصحر، ومحاربة التلوث، إضافة إلى جمالها الطبيعي الذي يمكن أن يدر على الوطن المال السياحي، وتعلمنا أيضا أن الأردن فقير في غاباته التي لا تتجاوز الـــ 1 بالمئة من مساحته... وكانت كتب التاريح والثقافة الإسلامية تضرب المثل في تسامح الإسلام وسموه، فتذكر وصايا الخلفاء الراشدين لجيوش الفتح بأن لا يقطعوا شجرة، حتى لو كانت لأعدائهم، وأتخمتنا وسائل الإعلام في الترويج لعام الزراعة في الأردن، وأردن أخضر، والحفاظ على الثروة الحرجية... والاحتفال في كل سنة بعيد الشجرة...
 
إن استحضار جزء من الثقافة البيئية هذه الأيام هي محاولة لفهم بعض السياسات الحكومية المستفزة للبشر والشجر إذ طلبت أمانة عمان كذلك إزالة 1072 شجرة عملاقة ع لى شارع الجامعة الأردنية ؛ لتنفيذ مشروع الباص السريع سيئ الصيت، كما تقدمت شركة "جاما" المنفذة لمشروع جر مياه الديسي إلى عمان بطلب لقطع نحو 400 شجرة على جانب طريق المطار تتراوح أعمارها ما بين 20 و40 سنة ،  ومحنة غابات برقش...!
 
ومن حق الأردنيين أن يتساءلوا هنا: ألا تستحق أشجار الأردن ما استحقه العنكبوت الأمريكي؟! وألم تعرف شركة إعمار العبدلي وغيرها بوجود هذه الثروة الحرجية قبل إعداد تصاميمها، فتحافظ عليها أم أنها تأتي إلينا ومعاول الهدم  والتحطيب في يديها؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد