لم اصدق وانا اشاهد تلك اللوحة الالكترونية ذات الارقام الحٌمر المعلقة في مبنى الامم المتحدة في نيويورك وهي تجود علينا بالرقم 138 صوتا لصالح تمثيل فلسطين كعضو مراقب في الامم المتحدة !!. راحت مخيلتي تجوب ارصفة الوطن السليب، الحواجز، المستوطنات، غطرسة المستوطنين، تذكرت البوابة المقامة على ارض القرية، تخيلتها تئن تحت جنازير عشرات "البلدوزرات" الفلسطينية وهي تنهش باسمنتها واسلاكها وترمي بها في مهب الريح.
.
تخيلتُ المزارعين يهرعون الى زيتونهم ليقطفوه دون ان يمروا بطقوسهم اليومية المُذلة على تلك البوابات. المستوطنة التي تقبعٌ بلُؤم على ارض قريتنا ا تتهاوى ابنيتها كمجسمات كرتون. مشاهد تقافزت الى راسي تباعاً بمجرد ان لمع هذا الرقم في عيني، فكًرتُ ان اجمع حطام اسوارهم وابني برجاً عاليا لأحجب الشمس عنهم، هذه شمسنا خرجت على ارضنا اولا ونحن احق بها!!. سأحرمهم من أحلامهم كما اغتالوا أحلامنا، ساطير من اوسلو الى مطار رام الله، سأصطحب كل اصدقائي العرب معي، ساقول لهم هذا نصف الوطن، اصغر دولة بالعالم بمساحة ستة آلاف كليوا متر مربع، سيتسع عنوةً لثمانية ملايين مشرداً!! وستكون دولتنا كأغرب دولة في العالم تحدها من جهاتها الاربع دولة واحدة!.
.
سأصطحبهم الى مطعم "الشعب" الشعبي، سأعيد استحضار طفولتي بصحبة الوالدة هناك، سأجلس اترقب طبق الفول المزين باقراص الفلافل كما كنت افعل، سألْتَهم ثلاثة اطباق من الحمص والفول والفلافل بجنيه فلسطيني واحد،سيكون بإمكان من "يشتاقون" ليانيطيروا من مطار رام الله الى اوسلو دون خوف، او تأخر، او قلق!. سيكون بمقدورنا ان نطبّع العلاقات مع دول الجوار وبخاصة "دولة" غزة!!.
سأقف على تلال قريتنا وسأقرأ الفاتحة على ارواح اشجار الزيتون التي ازهقتها اسوارهم، من اليوم فصاعداً لن نسمح لهم ان يعترضوا على صو ت آذاننا، سيكون اسمي بوثيقة سفري باحرف عربيتنا دون ان تدنس اختامهم النجسة صفحاتها البيضاء، و بعد اليوم لن تٌمهَر بطاقاتنا الشخصية باختامهم القذرة!! سيكون بمقدور رئيس "دولتنا" ان يتنقل بحرية ولن يحتاج الى تنسيق مسبق بعد اليوم، وسنبني جيشاً عقائدياً يدافع عن ضعفنا.!!
سيأتي ابناء العمومة بسياراتهم من الضفة الأخرى ليتسامروا معنا وعندما يجن المساء سيعودون دون رتوش على الطريق هناك!! سيأتون كل عام ليقطفوا زيتونهم.
مهلاً، ايها المواطن الفلسطيني المدفوع بالخيبة، مثيرُ للسخرية حلمك اليتيم هذا للحظات فرحك العابر!! مثير للكآبة والحسرة والخجل في آن؟؟ اليس مستفزا لك هذا التمثيل المعلب بالتهاون والتنازل عن شيء هو حقُ لك ولا يحق للغير ان يقاسمك به!! ما هذا الاعتراف اليتيم لدولتك المنزوعة السيادة، حتى في الهواء الذي قد يهبُ عليك لينعش حضورك!! عزاؤنا ابها الفلسطيني المريض بداء الحُلم، ان تبجّلالله بالدعاء علّه يشفيك من حلمك هذا؟؟!!