في فنون الدعايات الانتخابية ..

mainThumb

20-01-2013 07:21 PM

 اعتقد ان من حقوق المرشح الدستورية أن يختار أسلوب الدعاية الأوفر حظاً في التأثير على الناخب، لكن من حق الناخب أيضاً ألا يستخف أحد بوعيه، وإنسانيته، وآماله للمستقبل الوطني. اليوم نحن في خضم دعايات الانتخابات البرلمانية .. لنجد ان المرشحين يسلطون خطاباتهم، وأنشطتهم على انتقاد الحاضر .. ومفاضلة النفس على الغير، بلغة صاخبة بالعبارات الانفعالية، والخطاب العاطفي الذي لا يكترث بأي حال من الأحوال لاستهداف وعي الناخب وثقافته، وطموحاته، بقدر استهدافه عاطفته، وأحاسيسه. . ومن هنا أصبحت أبرز سمات الناخب هي مزاجه المتقلب الذي يتحول به من شخص لآخر تبعاً للخطاب الموجه لدغدغة عواطفه، وتهييج انفعالاته. إننا دائماً نقع في خطأ القفز على الواقع، وهذه المرة وجدنا مرشحين يمنون نفوس ناخبيهم بمعجزات، لا سبل لتحقيقها لا من حيث التوقيت فقط بل أيضاً من حيث حجم موارد البلد، وكذا من حيث الاختصاص التشريعي أو التنفيذي.. 

 
أن المتأمل لواقع الدعاية الانتخابية بلا شك يكشف عن قصور في الإلمام بفنون الدعاية الانتخابية، وعن افق ضيق في شفافية الخطاب الدعائي، وكذلك نقص معرفي في سيكولوجيا التأثير النفسي على الناخب، لأن الثابت علمياً أن العاطفة هي الجزء الأسرع في التغيير والتبدل، بينما العقل هو المنطق الأكثر قدرة على البقاء والمقاومة.. فمشاعر الحب والكره إذا تولدت عن خطاب عاطفي يلامس الأحاسيس كفيلة أن تتحول إلى ضدها بخطاب من هو أبرع في انتقاء مفرداته وبناء الصور الحسية الوجدانية.. بينما عندما يمتزج الخطاب الوجداني بالمنطق الثقافي والإدراكي فإن المسألة ستتعقد على الخصم أو المنافس، وستتطلب منه مهارة فائقة لتغيير اتجاهها. كثير من المرشحين يجهلون أن الأفضل في خطابات الدعاية الانتخابية هو أن تكون مدروسة مسبقاً ومحددة في محاور واضحة ليتفادى أية شطحات قد تقلب موازين المعادلة. كما أن ما يصلح قوله في مركز العاصمة قد لا يصلح في منطقة أخرى طبقاً للتركيبة الثقافية والاجتماعية للبيئة التي يستهدفها المرشح.. وبكل تأكيد إن من أكبر أخطاء المرشحين مخاطبة مجتمع لم يدرس نفسيات أبنائه وعاداتهم وتقاليدهم وحسب وعيهم، لأن الأمر سيكون أشبه بالصيد في الماء العكر. الدعاية الانتخابية ليست مجرد تعليق صور وشعارات وإلقاء خطابات، بل الأهم كيف يجعل المرشح كل هذا متوافقاً مع ما يدور في رأس الناخب من احتياج وطموح.
 
على كافة المرشحين أن يمثلوا روح المنافسة الشريفة البعيدة عن التجريح أو الإسفاف أو المبالغة والتسابق على كسب ثقة الناخبين من منطلقات الموضوعية، ولا يجوز أن يعكر صفو هذه النظرة ممارسات خارج الاحتكام إلى الانضباطية الكاملة إزاء تعليمات وموجهات العملية الانتخابية، خاصة إذا ما أدركنا بأن الديمقراطية هي مسؤولية أولاً وأخيراً.. والتسابق إلى كسب ثقة الناخب لا يكون إلا بالبرامج الواقعية والموضوعية البعيدة عن الشطط والمبالغات.
 
 ودمتم سالمين   


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد