نعم لقد اتخذ الماسون الرئيس في أمريكا قراره بإطالة أمد الثورة السورية ... وبلَّغ قراره هذا إلى كل من فرنسا والصين وإيران من جهة للاستمرار بدعم النظام السوري ، وإلى دول الغرب وأتباعهم من جهة ثانية للعمل على اتخاذ اسلوب المدّ والجزر في دعم الثورة السورية ... مع التنبيه على حلف الناتو عدم التدخل العسكري في سوريا ...
بمراجعة سريعة لتاريخ الثورات العالمية سنجد معظمها ثورات دموية ، حيث كان للماسونية اليد الطولى فيها ... إما أن تكون مفجرتها أو أن تلتف عليها وتعرقل مسيرتها ، من خلال أتباعها في الأنظمة الاستبدادية التي تثور عليها شعوبها ...
فالثورة البريطانية تلتها الثورة الأمريكية ثم الفرنسية وبعدها بقرون الثورة الروسية بدأت بتحريك خفي من قوى الماسونية ضد الأنظمة الملكية ... وهناك أيضاً الثورات في الدول الأوروبية الشرقية ، والثورات العربية التي التفَّت عليها الماسونية بعد أن أدركت نجاح تلك الثورات وشعورها بأن البساط يمكن أن يسحب من تحت قدميها لو بقيت متفرجة ...
ففي الثورة البريطانية لعبت الماسونية دوراً عظيماً في تأجيج المشاعر الثورية لدى جماهير الشعب ضد الملك من خلال وزراء الملك والمحفل الماسوني ، الذي ظهر فيها على هيئة منتديات وجمعيات ، ليتسنى لها السيطرة على مقدرات الدولة العظمى ، ووضع الدولة تحت رحمة المال اليهودي الصهيوني العالمي ، ولم تهدأ القوى الماسونية حيث عملت سراً وجهراً على إطالة أمد الثورة هناك ، بين سكون وإعادة تأجيج الثورة ، حتى استوى لها الاقتصاد البريطاني ، وأحدثت أول بنك في بريطانيا مع تحرير سندات الدين على الحكومة الجديدة ، وتنصيب أنصارها في مفاصل الدولة الجديدة ...
وأما الثورة الأمريكية التي تفجّرت للاستقلال عن بريطانيا الأم ، فقد أدركت الماسونية أن أمريكا عبارة عن مناطق وليدة وسكانها متعددي الأعراق وعليها ايجاد الحجج والذرائع لشحن هؤلاء السكان للثورة ضد التاج البريطاني ، وبالتالي ومن خلال تلاعبها بمسار تلك الثورة تضمن ولاء الأمريكيين الثائرين لسلطانها ، وهذا ما حصل حيث كانت الماسونية تعمل على دعم الثوار تارة ليحققوا نصراً ضد القوات البريطانية ، وتحجم عن الدعم تارة أخري ليمنى الثوار بهزائم ، الى ان اتفقت معهم وأيقنت بأن جورج واشنطن قائد الثورة الأمريكية أصبح بقبضة الماسونية ويعمل تحت سلطتها ، حينها قررت إنجاح الثورة الأمريكية ... ذلك ما تم أيضا في الثورات الفرنسية والألمانية في القرون الماضية ، حيث دامت تلك الثورات سنوات عديدة إلى أن تمكنت الماسونية من بسط سيطرتها على بلاد تلك الثورات ، مع تغيير عدد من الملوك والقادة فيها ، وكذلك الثورة الروسية ، وثورات الدول الأوروبية الشرقية ، التي اضطرت الماسونية العالمية مع عدم نجاح مخططاتها الأولية من اللجوء الى العمل على اندلاع ثورات ثانية وثالثة في نفس البلدان ، حتى استوى لها ما تريد من سيطرة ...
ومؤخراً الثورات العربية ... حيث ثورتي تونس ومصر وبنجاحهما المبهر أدهشتا الماسونية العالمية بقيادة أمريكا ، وتمثلت دهشتها بالشعارات التي كانت ترددها جماهير الشعب الثائرة ضد الظلم والاستبداد ، حيث توحي تلك الشعارات الى الاسلام ديناً ودستوراً ، فما كان من الماسونية إلا أن أوعزت لهؤلاء الحكام بالرحيل لتتمكن من اعادة السيطرة على البلاد ، بالالتفاف على الثورة من خلال مخلفات النظام الساقط من وزراء ومدراء وأتباع ، وهذا ما حصل فعلاً حيث لا تزال فلول النظامين الزائلين في تونس ومصر تعمل على عرقلة تحقيق أهداف الثورتين ...
من جهة أخرى ، وحيث اندلعت ثورات عربية اخرى ، قررت الماسونية التصدي لتلك الثورات والعمل على اجهاضها ، أو تعثرها ، من خلال إصدار أوامرها للقوى العالمية بالتدخل العسكري المباشر ، كما في ليبيا ، على أن تدمر البلد بالكامل على يد القوات المتدخلة ، أو بالتدخل غير المباشر ، من خلال الدعم اللوجستي للأنظمة لتبقى صامدة أمام جحافل الثوار ، وكذلك الدعم من جهات دولية اخرى للثوار ليصمدوا أمام استبداد وإجرام الأنظمة ، كما في الحالة السورية ، والهدف الرئيس هنا تدمير سوريا دولة وشعباً ، بما في ذلك الاقتصاد والبنى التحتية والنشاطات الصناعية والتجارية ، وحتى الثقافية والتعليمية ، ليتسنى للماسونية الوقوف على أطلال سوريا الحضارة ، سوريا التاريخ العريق ، وتضمن أيضاً أمن منظِّرتها ، الدولة العبرية اسرائيل ، لسنوات قادمة مديدة ...
هذا المخطط قام على تنفيذه لجهة النظام بالدرجة الأولى ، راس النظام الماسوني ابن الماسوني بشار الأسد ، بدليل أنه ما أن خرجت المظاهرات السلمية مطالبة بالحرية ، إلاّ وواجهها بالرصاص الحي والدبابات والشبيحة ، منفذاً بذلك أوامر الماسون الأكبر ، كما سمح لرئيس المحفل الماسوني في سوريا ، راتب الشلاح ، أن ينقل أمواله كاملة من المصارف السورية الى مصارف أجنبية خلال الأشهر الثلاث الولى للثورة ، استدراكاً منه أن هذا الشعب الثائر لن يتراجع عن ثورته إلاَّ بإسقاط النظام ، ومحاسبة أركانه ومصادرة ممتلكاتهم لصالح الثورة ... هذا الذي فعله راتب الشلاح ، فتح الباب أمام أتباع الماسونية في سوريا ليرحّلوا أموالهم من سوريا الى الخارج ، أمثال حمشو ، وحبش ، ومخلوف ، وغيرهم الكثير الكثير ...
أما كيف تم تنفيذ المخطط الماسوني في سوريا فيمكن تلخيص ذلك ، بأن رأس النظام تلقى أمراً من أسياده في المحفل الماسوني الرئيس للتصدي للتظاهرات الشعبية السورية السلمية ، التي طالبت بالحرية والكرامة ، ومواجهتها بالقمع الهمجي ، لاعتبار أن هكذا شعوب ثائرة لا يمكن لها أن تستكين للذل والاستبداد ، اذا ما استخدم معها اللين ، كما حدث في تونس ومصر ، وكون الثورة السورية اذا ما نجحت بسرعة دون خسائر باهظة من شأنها أن تشكل خطراً فادحاً على اسرائيل بالدرجة الأولى ، وعلى مصالح الماسونية في سيطرتها على رأس المال السوري المكون للاقتصاد ثانياً ، وتخوفاً من أن ترتقي إلى هرم السلطة في سوريا ما بعد الثورة التحالفات الإسلامية ثالثاً ، حيث أن هذه التحالفات أو الإسلاميين بشكل عام يمثّلون العدو اللدود للماسونية صنيعة اليهودية والصهيونية ...
لذلك تسعى الماسونية اليهودية الصهيونية العالمية إلى إجهاض الثورة السورية ، للحيلولة دون تحقيق أهدافها بإسقاط النظام ، فهي قد تقبل بتنحي راس النظام مستقبلاً والإبقاء على فلوله في مفاصل السلطة الرئيسية ، لتضمن لنفسها السيطرة من خلال تلك الفلول على مقدرات البلاد ... وحتى تضمن ذلك لا بدّ لها من وجود الشريك التفاوضي ، ليتعهد لها بذلك وهذا ما لم تجده حالياً وسابقاً بالمعارضة السورية ... فتذرعوا بعدم توحيد المعارضة ... ثم أفشلوا المجلس الوطني ... والآن يحاولوا إفشال الائتلاف ... وسيستمرون بإفشال أي جسم سياسي معارض حتى تجد الذي يرضيها ...
بالمقابل عملت الماسونية على إيجاد واستقدام تنظيم القاعدة ، الذي صنعته في أفغانستان والعراق ، للعمل ظاهرياً ضد النظام ، أما ضمنياً فهذا التنظيم إن وجد في سوريا حسب ادعاءات النظام ، فهو يعمل لصالحه وتنفيذاً لأسيادهما في الغرب والشرق الماسونيين ...
كذلك تتذرع الآن قوى الماسونية بواسطة محافلها في الغرب والشرق ، بوجود جبهة النصرة في سوريا والتي أدرجتها على قائمة الإرهاب ، لتكون بمنظورهم حجر العثرة أمام دعم الغرب للثورة ، مع استمرار الشرق المتمثل بروسيا وإيران دعمهما للنظام ... وذلك ليحدث التصادم بين الجبهة والجيش الحر ، مما يحقق للماسونية الصهيونية اليهودية أهدافها في إلهاء الشعب السوري بالاقتتال الداخلي ، ونسيان الكيان الصهيوني المتمثل بإسرائيل ... وهذا من شانه ، كما يخططون ، أن يلجأ الجيش الحر إلى تلك القوى لطلب الدعم اللوجستي منها ، من أجل حسم معركته المفترضة ... طبعاً سيوافقون على ذلك ولكن بشروط تعجيزية من شأنها أن تضمن تحقيق أهداف الماسونية ، التي عملت وتعمل عليها الآن في كل من مصر وتونس ، وكما عملت على ذلك في ثورات دول أوروبا الشرقية ، حيث اضطرت الى اشعال تلك الثورات لأكثر من مرة بأوقات متفاوتة ... وهذا ما لم يكن لها في سوريا العروبة ، وعند شعبها الواعي المثقف المقدام ، الذي اختار لثورته شعارها المشهور ، ومنذ انطلاقتها ـــ يا الله ما لنا غيرك يا الله ـــ وأردفوه بشعار إنساني شعبي عظيم ـــ الموت ولا المذلّة ـــ متناسية قوى الماسونية غرباً وشرقاً أنها لو استمرت بغيّها هذا ، من دعمها للنظام السوري السفاح ، وإحجامها عن دعم الشعب السوري ، للحصول على حقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة ، فإن هذا الشعب وعن بكرة أبيه ، صغيره وكبيره ، رجال ونساء ، سينقلبون على العالم كله ، ويصبحون كلهم جبهة نصرة ، لذلك ينبغي على رأس الماسونية وأذنابه أن يدركوا هذه الحالة ، ويبادروا إلى الحد من انتشار جبهة النصرة وتناميها في سورية ، من خلال العمل السريع ، وبتسارع ، لدعم الثورة السورية بكل ما من شأنه أن يفضي إلى إسقاط النظام السوري ، بكافة رموزه ، وعلى رأسهم رأس نظامهم الماسوني المتصهين بشار الأسد ...
هذا هو تبيان مقتضب لأهداف الماسونية في سوريا الثورة .... وعلى قوى الثورة السورية أن تعي وتدرك هذه الأهداف ، علماً أنني لا أشك بأنها مدركة ذلك ... وعليها الاستمرار بالثورة ، معتمدة على الله وعلى همة الشباب الثائر ، مهما بلغت التضحيات ، لإنجاز ثورتهم التاريخية والتي تميزت عن ثورات العالم بأسره ...
عاشت الثورة السورية المظفَّرة ... وإنها لمنتصرة بإذن الله