تهريب رقمي

mainThumb

08-10-2025 12:37 AM

تبذل القوات المسلّحة الأردنية جهوداً كبيرة يومياً في حماية الوطن من مخاطر التّهريب، الذي باتت وتيرته مرتفعةً أكثر من أيّ وقت مضى؛ بسبب التطور التكنولوجي وتوظيفه في عمليات التهريب عبر الحدود، لا سيّما الشمالية والغربية منها.
أصبح الكثير من المهرّبين يلهثون وراء الحصول على "الدرونز" أو الطائرات الصغيرة المسيّرة التي يمكنها حمل البضاعة، ونقلها عبر الحدود من خلال التحكّم بها عن بعد أو برمجتها إلكترونياً، وبعضها يعمل وفق تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وأغلب تلك المسيّرات تحمل ما خفَّ وزنه وارتفعَ ثمنه؛ المخدرات والأسلحة، فيكاد لا يمرّ يوم إلّا وتتعامل قواتنا المسلّحة مع حوادث اختراق المسيّرات الأجواء الأردنية قبل أن يجرى إسقاطها، واللافت في هذه العمليات أنّها تشكل التعامل فقط مع "مهرَّبات دون مهربين"، الذين يفلتون من العقاب بسبب استخدام التكنولوجيا والتحكم فيها عن بعد، ما زاد من الظاهرة ورفع العبء على قواتنا المسلحة.
عالم المسيّرات، واسع ومتطور، بسبب التقدم التكنولوجي وانخفاض أسعارها وأنواعها وسهولة الحصول عليها، خاصة في بعض الدول المجاورة، ما جعلها وسيلة مثالية لعصابات التهريب الذين انتقلوا من التهريب التقليدي إلى التهريب الرقمي، الذي يجب أن يواجه بنفس الطريقة، وأرى أنّه بات من الضروريّ اليوم التفكير في استخدام تقنيات تكنولوجية لتتبع تلك المسيّرات بدل إسقاطها؛ للوصول إلى المستلِم والقبض عليه.
وأشير هنا الى إحصائية كانت مديرية الإعلام العسكري كشفتها في تمّوز (يوليو) الماضي عن التصدي لأكثر من 300 طائرة مسيّرة منذ مطلع العام الحالي حتّى تمّوز، بمعدل 51 طائرة شهرياً محملة بالأسلحة وبعضها بالمخدرات قادمة من أجواء المملكة الجنوبية، والجنوبية الشرقية، والشمالية، والشمالية الشرقية. ومنعت خلال ستة أشهر دخول 14 مليوناً و134 ألفاً و87 حبَّة مخدر، و92 كيلوغراماً و126 غراماً من المخدرات، و10 آلاف و603 كفوف من مادة الحشيش المخدر.
ومع التقدم الرقمي، وتنوع الطائرات المسيّرة وانخفاض ثمن الكثير من انوعها، يتوقع توسّع وزيادة عمليات التهريب المُسيّر الرقمي، وقد تزدهر عمليات تهريب بضائع بسيطة، مثل الدخان بأنواعه والبضائع الأخرى غير الممنوعة قانوناً، للتهرّب من الرسوم الجمركية، ولا نستغرب في المستقبل القريب أن ينشط "البعض" ممن اعتادوا تهريب البضائع في هذا المجال أن يواكبوا التطوّر الرقمي في أعمالهم غير المشروعة.
ربما المطلوب اليوم من الجميع أن يكون جندياً وحارساً للوطن ضدّ هؤلاء "اللصوص"، ممن يتاجرون بأرواح الناس عبر تهريبهم السلاح والمخدرات، والإبلاغ عن كلّ جسم مشبوه يرونه في السماء، حماية لأبنائنا من كلّ شر.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد