جدلية السياسة والاقتصاد في الوطن العربي

جدلية السياسة والاقتصاد في الوطن العربي

23-01-2013 05:59 PM

 في استطلاع رأي قامت به (بيو) الأميركية أن أغلبية الأردنيين تعطي أهمية للاقتصاد القوي أكبر من حكومة ديمقراطية.

قد تكون هذه حقيقة موضوعية ، فالعائلة الأردنية تهتم بمستوى معيشتها وتوفير فرص العمل لأبنائها أكثر من التطلع إلى الديمقراطية.
إذا صح أن الخبز عند الأردنيين يأتي قبل الحرية ، وأن مستوى الدخل اهم من حرية التعبير ، فلا أدري هل هذا الوصف إيجابي أم سلبي ، وهل يمثل شعوراً سليماً أم لا؟. 
عيب هذه المقارنة أنها تضع الاقتصاد القوي والديمقراطية في موقع تناقض ، فإما التركيز على الإصلاح الاقتصادي والنمو والاستثمار وفرص العمل ، أو على الإصلاح السياسي والديمقراطية والحكومة البرلمانية ، مع أن المفهومين متكاملان ، وكل الدول ذات الاقتصادات القوية (باستثناء الصين) تتمتع بحكومات ديمقراطية ، والعكس صحيح. 
تفوق الاهتمام بالوضع الاقتصادي سمة مشتركة للمجتمعات الحديثة ، يكفي أن فوز الرئيس الاميركي أو سقوطه في الانتخابات يعتمد على حالة الاقتصاد الأميركي ومعدلات النمو والبطالة ، وليس على علاقات أميركا الدولية.
وكنا قد لاحظنا في وقت سابق أن السياسة في عالم اليوم تتبع الاقتصاد وتهدف لخدمته ، وإن مصالح الدول هي التي تقرر سياساتها ، في حين أن العكس صحيح في البلدان العربية ، حيث يتبع الاقتصاد السياسة ، وتتحسن العلاقات الاقتصادية لدرجة التكامل أو تسوء لدرجة المقاطعة لاعتبارات سياسية هي التقارب أو التباعد بين الأنظمة الحاكمة.
الدول الأرووبية ذات قوميات ولغات مختلفة ، ولها تاريخ طويل من الحروب والعداوات ، ولكن مصالحها الاقتصادية دفعتها إلى التوحد في سوق مشتركة تحولت بالتدريج إلى اتحاد أوروبي وعملة موحدة ، أما الدول العربية فقد أسست سوقاً مشتركة قبل ستين عامأً ، وبمرور الزمن لم تتطور إلى الامام بل على العكس تم تجميد معظم مؤسسات العمل العربي المشترك بسبب النفور بين الأنظمة الحاكمة التي لا تعطي المصلحة القومية أولوية ، بل تركز على المصالح الضيقة للنظام.
إذا لم يكف ِ التاريخ واللغة والجغرافيا لتوحيد الأمة العربية فإن المصالح الاقتصادية يجب أن تدفعها دفعاً إلى التكامل الاقتصادي تمهيدأً لتحويل جامعة الدول العربية إلى كونفدرالية عربية ، وهذا أضعف الإيمان. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد