صنع المستقبل بين خيارين

mainThumb

17-02-2013 04:04 PM

الاحتكام في اتخاذ القرارات المتعلقة بأي قضية,شخصية كانت أم تخص مجموعة من مجاميع أي مجتمع لها وظيفتها المعلنة, إلى مقارنة عدد من الخيارات لاتقل عن خيارين في الحد الأدنى,وتحليل عناصر كل بديل منها بعقلية منفتحة على طروحات كل من تلك الخيارات ومفرداتها,يقع هذا الاختيارعلى قمة توظيف التجربة الذاتية (فردية أو جماعية) في وضع العناصرالأساسية لصنع القرار.وعندما ترتبط التجربة الذاتية مع المعلومات المواكبة لزمنها في عملية صنع القرار,يكون على الغالب,القرار المتخذ في مستوى من الصواب يفوق كثيرا مستوى الخطأ وعدم الملاءمة لوضع القرار موضع التنفيذ,أي عملية اتخاذ القرار ووضعه موضع التطبيق العملي الملتزم بمعانيه والمتفق مع مضامين القراروالغاية منه.

والقرار الذي يُصنع بعيدا عن هذه المنهجية,هو قرار ارتجالي.والارتجال في اتخاذ صنع القرارات    يضع تنفيذها في حالة من الارتباك,والتخبط في الوصول إلى غاياته والتجول في فراغ يفقد سائل المخ   في رأس الانسان اتزانه فيفقد المرء عندها توازنه الطبيعي,ويفتقد العقل في هذه الحالة إلى قدرة التمييزبين الصواب الذي تنعدم فيه نسبة الخطأ أوتكون فيه هذه النسبة في قيمتها التي يمكن إهمالها حسابيا وعمليا,وبين الخطأ الذي تنعدم فيه نسبة الصواب أو تكون فيه هذه النسبة في قيمتها التي يمكن إهمالها حسابيا وعمليا.

وليس صنع القرارالانفعالي بأقل خطرمن صنعه ارتجاليا إن لم يكن ,في حالات عديدة صنع القرار الانفعالي أشد ضررا وأكثر سوءا.وتدلل على مثل هذه النتيجة القرارات التي تتوالى من النظام الحاكم في مصر وما تستتبعه هذه القرارات من ردود أفعال المواطنين وصناع الثورة الحقيقيين, ومن نظام الحكم التركي الذي يتخبط في تدخله بأمورتعد من الشؤون السيادية في كل من العراق وسوريا.تدعم الإرهاب في سوريا وتحارب قضية الأكراد المطالبة بحقوقها القومية العادلة وغيرالانفصالية بمطالبتها بفدررالية في داخل تركيا وفي الأراضي العراقية وهذا في حد ذاته يشكل عدوانا على العراق بكل المعايير الدولية والقانونية,وتقتل الأبرياء من المدنيين دون رادع أو حياء.

فالنظام المصري يقع في مصيدة القرارات الانفعالية التي تزيد من متاعبه وتعقد قضاياه المحلية    وتشكك بعلاقاته العربية والإقليمية والدولية.وقد ارتكب السيد الدكتورالمهندس محمد مرسي,رئيس جمهورية مصرالعربية (تشي بعض الوشوشات الهزلية بنية النظام تغيير إسم جمهورية مصر العربية بتسمية أخرى) خطئين تاريخيين لن يتمكن من مجرد تبرير أي منهما: الخطأ الفاحش في قيم العصورالقديمة والمتوسطة والحالية في إصدار إعلان دستوري يحصن به قراراته السابقة واللاحقة,ويحظر على القضاء البت في أي منها!!!ويسميه إعلانا دستوريا وهو يتناقض كل التناقض  مع أي سمة دستورية أو صفة قريبة من الدسترة.والخطأ الآخر,عندما صمت,وكأن الأمر لا يعنيه بمحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإعلام,ودون أن تتدخل قوى الأمن أو أي سلطة على الى منع  مثل هذه الممارسات التي ستظل مجال تندر ديمقراطي على ممارسات النظام (الديمقراطية ) عدا عن الذهول الذي أصاب الناس في كل مكان من بشاعة تعامل الأمن المصري في سحل وتعرية المواطن حمادة علنا.وقد وصل العته السياسي بأردوغان مطالبة الثوارمن الأكراد بإلقاء السلاح للسماح لهم بمغادرة تركيا,علنا ودون اعتراض من دول المنظومة الامبريالية بأن ذلك شكلا من أشكال التطهير العرقي في تركيا.

فقد السيد الدكتور المهندس محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية مصداقيته أمام أبناء الشعب المصري مرة بالإخلال بوعوده عدة مرات,وكذلك باختزاله علاقته بالأهل والعشيرة وكانه يلغي  ادعاءاته بأنه رئيس كل المصريين ليؤكد أنه رئيس جماعة بحزبها ومناصريه,وفقدت مصرسمة من سمات استمرار تاريخ حضارتها العريق بما فعله أتباع النظام  بمحاصرة المحكمة الدستورية, ومنعها   من إصدار أحكامها المتعلقة  بشرعية بعض اللجان والمجالس الاستشارية وبمدينة الإعلام.وفقدان المصداقية يترتب عليه تلقائيا فقد الثقة بالنظام الحاكم,وهذه الوضعية التي يفتقد النظام الحاكم فيها إلى   ثقة الناس المحكومين والمجاورين والخارجيين,وضعية تؤدي بوضعي الاستقراروالأمن إلى حالة من الهشاشة التي تحول حالة الغضب إلى حالة عنف ضد النظام ومؤسساته,وإلى افتقاد النظام لقدرته على السيطرة على سلوك الناس وتصرفاتهم حيال ممتلكات الدولة ومسؤوليها وحماتها وداعميها.

كل الخطط,المدفوعة بالتوجهات الطامعة في استعادة المشاريع الامبراطورية الممولة أميركيا في  المنطقة حققت بعض النجاح الشكلي في دعم وصول التيارات الإسلامية إلى السلطة في مصر وتونس وفي كسب حصة في ليبيا, بوساطة تركية يحن بروفسور خارجيتها إلى العهد العثماني دون تمحيص بتراثها ودون النظر في عيوب ذلك العهد ونواقصه ومثالبه التي أودت بحياة مئات الملايين من البشر,وقدمت ولايتها هدية إلى القوى الامبريالية والاستعمارية الغربية والتي كان العرب بالتحديد من أكثر ضحاياها معاناة ثقافية وسياسية وتراثية,وتجزئة جغرافيتها وتفتيت كيانتها,مما مهد للاحتلال الصهيوني المغتصب لفلسطين.كل تلك الخطط اصطدمت بالجدار السوري الذي يمثل القيمة الوطنية المتمسكة بانتمائها لقوميتها.وللتذكير فقط,فإن الانتماء القومي ليس خيارا للفرد,فهو قدرمقدرلا يمس قيم التعددية وإنما يقويها,ولا يتعارض مع إرادة السماء لأنه إرادة سماوية

وللتذكير فقط بأن الخيارات للتحضروتهيئة المجتمع للولوج إلى المستقبل المتماهي مع متطلبات  العصرنة في توقيتها الملائم مرهون بنوع نظام الحكم في ذلك المجتمع. وأنواع نظم الحكم المجربة محدودة بنظم ديمقراطية وأخرى غير ديمقراطية تتصف في أغلب الحالات بكونها نظم حكم شمولية,أو حكم القلة النخبوية,ويتنوع كل من هذين النوعين إلى أنماط عديدة تتبع ظروف مجتمعاتها وشكل  التعددية في مكونات كل مجتمع منها. ولكنها  تظل مبنية على أسس مشتركة وقواعد متشابهة دون أن تكون متطابقة بالضرورة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد