هريسة أردنية !

mainThumb

17-02-2013 09:08 PM

 في بداية  التسعينيات كنت طالبا في جامعة مؤتة وقد عاصرت حينها الانتخابات النيابية وأجواءها ,حيث كان للمرشحين بيوت واسعة تجتذب الآلاف من الناس يترددون عليها بشغف كبير.

يحدثني صديق لي يومها فيقول: ذات يوم كان الناس مجتمعين - أكثرهم من بسطاء الناس- وبينهم بعض السياسيين والمنشغلين بالنيابة وأحوالها ,وأثناء الحديث عن الديمقراطية وزعت الحلوى وهي عبارة عن هريسة وكنافة وما شاكلها, فاشتبك  مفهوم الديمقراطية بالهريسة في أذهان الحضور الذين كانوا ينصتون لحديث السياسة والسياسيين .
 
في اليوم التالي حضر الناس إلى بيت المؤازرة وفي أذهانهم الحلوى؛ إلا أنها تأخرت لسبب ما ،وهمّ الناس بالقيام فتساءلوا بينهم :ليه ما جابوا ديمقراطيه اليوم ؟.
 
ونحن نتساءل اليوم هل تختلف الديمقراطية عن الهريسة هذه الأيام ؟
 
الحق أن المتفحص للواقع الحالي يرى أن الديمقراطية في بلادنا لا تختلف كثيرا عن هذا المفهوم، فهي تشبه الهريسة ولكنها بطعم الحنظل الذي يصب في بطن المواطن ويتجرعه بسبب الذل ,والهوان ,والفقر والحرمان ،وإذا كان لنا خيار فنقول :نعم للهريسة  الحقيقية التي يقبل بها المواطن  البسيط ،وألف لا للديمقراطية المزيفة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب.
 
وتبا لديمقراطية (سمعه )التي يرى فيها الحق والحقيقة ما يوافق هواه؛ فلقد شاور أبناءه في وجبة الغداء ،فمنهم من قال: الفروج, ومنهم من قال :اللحم المشوي, ومنهم من قال :المنسف وفي النهاية طلب من زوجته أن تطبخ للجميع مرقة عدس -على كيفه -ولم يجرؤ احد من أبنائه على مخالفته !
 
لقد استبشر الأردنيون خيرا بسعي الدولة  نحو الإصلاح  من اجل كبح جماح الفوضى التي سادت واستعرت في محيطنا، ومنع انتشار النار في الهشيم  ,وبعد الحمل العسير أنجبت هذه الإصلاحات مجلسا نيابيا مشوها ومصنوعا بقالب معد مسبقا ذي مواصفات محدده ,ينتج منتجا لا يختلف عما سبقه من مجالس, ويديره أشخاص  توارثوا التوقيع باسم الشعب جيلا بعد جيل, و الفرق الوحيد بينهم وبين سابقيهم  طريقة الشسوار ,وموديلات اللباس لكنهم بلحومهم, وشحومهم وبطونهم ذاتها.
 
فهل عقمت أرحام الأردنيين أن تنجب رجالا وطنيين منتمين انتماءً حقيقيا لتراب الأردن ؟
 
وهل عجزت القرى والبوادي والمدن أن تخرج للأردن من ينتصر لماضيه وحاضره ومستقبله ؟ 
 
أخيرا نقول نريد هريسة حقيقية ولا نريد ديمقراطيه مزيفه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد