البائعة الجائلون والنخب المسيسة

mainThumb

09-03-2013 01:32 AM

في بادرة نادرة الحدوث في المعارف السياسية وعلومها ومحفزاتها,وملفتة للنظروالإعجاب تسعد لها الأغلبية الصامتة والقوى الساعية إلى تأمين لقمة العيش الكريم لأبنائها دون أدنى اهتمام بالسياسة, ودون احترام لطروحات السياسيين وآرائهم,وأولئك الساعين إلى تأمين مصالحهم الاستثمارية والحفاظ على مستويات معيشية تليق بإنسان العصر المتحضر.وتتفاجأ بها النخب السياسية والثقافية,وتسبب  الحرج للأحزاب والحركات المؤدلجة التي ازدحمت بها الساحة المصرية هذه الأيام التي تواجه المأزق تلو الأخرنتيجة سلوك السلطة الخائب في التعامل مع مرحلة ما بعد الثورة الشعبية في مصر العربية   وفي إدارة شؤون البلاد بالتخبط والتردد والتراجع عن قراراتها الخاطئة وتقود البلاد نحوهاوية الانقسام العقائدي والتناحرالطائفي والتمييزالعرقي والتخبط السياسي,ومحاولات بائسة لتدجين الإعلام وتسييس القضاء,وغموض الرؤية وانتظار حدوث المشكلة دون القدرة على مواجهتها,وتحدي الإرادات الشعبية بكل الإهمال الذي ينبئ عن مناهج مرتبكة تنطلق من رؤية شمولية استعلائية بعصبية طائفية لم تدرك ما استجد من تغيرفي إدراك الناس لحقوقهم ,وانبعاث الطاقة الشبابية برؤى مستقبلية متجددة, والتوقف عند نصوص أيدولوجية ظلت تلوك منطلقاتها حقبا طويلة من الزمن,دون تجدد أو تجديد  تفرضه طبيعة التحولات الجذرية في الفكر والعلم والتقنية والفلسفة والفن والأدب والسياسة والإدارة...

مبادرة تدخل قاموس المبادرات نادرة القيمة والمصدروالمدخل لحل المعضلة المزمنة في الساحة المصرية وفيها قوة تذكير وتعبيرعما يجهله المتصدرون لمسرح العمليات أو يتجاهلونه عن عمد     وسبق أصرار,مبادرة تدخل قاموس عالم السياسة في مصنفات الإبداع السياسي,قال بها  الباعة الجائلون في جمهورية مصر العربية,يطالبون فيها جميع القوى السياسية والدينية والطائفية والعلمانية وكافة الأحزاب السياسية الشيوعية والاشتراكية والناصرية والليبرالية إلى التوافق.

 وقد رفعوا أرقى يافطة ترفعها قوى أو جهة أو حركة منظمة في عالم السياسة وأنقى مطالبة طالبت بها نقابة عمالية أو حملة نسوية,أوناشطين حقوقيين.اليافطة العريضة التي رفعها الباعة الجائلون في جمهورية مصر العربية, تحمل صورواضحة للأشخاص والشخصيات العقائدية والسياسية  والحزبية بكل أطيافها وتوجهاتها المتخاصمة والمتعارضة والمتشابكة بالكلام والاتهام والخصام من كل المستويات التي ملتها أسماعنا وضاجت منها عقولنا,في ادعاء كل طرف بأنه قوة الخير للوطن وبإن فكره فيه صالح الوطن وبأن رأيه الصواب وغيره كله أخطاء,وبأن مساعيه وحدها تقود إلى التطور ومساعي سواه هدامة ومعيقة,وعلى الرغم من كل ذلك يدعي كل منهم إنه يمثل الشعب ويعبرعن إرادته وينوب عنه في صنع التقدم وتحقيق الاستقرار والأمن والطمأنينة,ويعمل من أجل البسطاء و البؤساء والفقراء والمحتاجين والمساكين والمسحوقين .

أما ما نتج عن كل تلك الادعاءات والخصومات من كوارث اقتصادية زادت الفقراء فقرا,والمحتاجين حاجة والمساكين انعدام السكينة وبؤس البؤساء كما أدت إلى الانقسام بين قوى المجتمع وطوائفه, وسفك السلطة للدماء البريئة واصطياد المعارضين بالاغتيالات وانتشار الفوضى وانعدام الأمن وتخاذل السلطة عن اتخاذ الإجراءات القانونية في أحداث جسام ,تبادل الاتهامات مع المعارضة بشكل فج معبرعن فشل مخز في القدرة على مواجهة الأحداث سياسيا وأمنيا وقانونيا وقضائيا والاختباء وراء( أنا الرئيس المنتخب بالصندوق) مع كل منغصاتها ومزيفاتها,هذه كلها لم تقد إلى يقظة ضميرتصحو بصاحبها إلى تمييز العلاقة بين السلطة وبين حقوق المشاركة بها, وبين الأيدولوجيا ذات المرجعية الخاصة والتوافق بين كافة فئات المجتمع وقواه التعددية.أوأن تضع دم المواطن في مرتبة  أعلى بكثير من مرتبة التمسك بالكرسي والتباهي بسلطة دموية بشعارات ديمقراطية كاذبة في مرجعيتها وفي    وسائل تطبيقها.

تقع هذه المبادرة في مرتبة تفوقت على كل المراتب التي تبوأتها مبادرات  الأحزاب والحركات  والتيارات السياسية والمسيسة لأنها ترفعت عن مطالب فئوية,فلم يطالب الباعة الجائلون بضمان مصدر رزقهم ورفع الظلم عنهم وإنصافهم في مساعيهم لتأمين حاجاتهم المعيشية البسيطة,ولكنهم رأوا مصلحة الوطن أهم وأثمن من مصالحهم,وأيقنوا أن تحقيق مصلحة الوطن يحقق لهم مصالحهم على العكس تماما مما تدعيه الأحزاب ونخبها الفكرية والثقافية من أن مصلحة الوطن جزء من مصالحهم في حكم الوطن والتكسب من السلطة على مقدرات الوطن وخيراته.

درس تاريخي في الوطنية وإنكار الذات تعودنا من مصر أن تعلمنا إياه, وقد فعلت ذلك في عهدالمرحوم جمال عبد الناصرفي مختلف الميادين الفنية والأدبية والسياسية والوطنية,ولكنها بدأت  بالانتكاس السياسي منذ عهد الرئيس السادات ليجمد دورها العربي الرئيس مبارك وإلى ما آلت إليه اللحظة الراهنة في عهد الرئيس مرسي من مآس في مختلف المجالات.

درس على النخب من كل تجمع أو تحرك وفعالية أن تتعلم منه مزاياه الوطنية والأخلاقية من فئة اجتماعية وجدت لنفسها فرصة عمل بنفسها تقيت به عيالها ونفسها ولم تهدر ولو جزء يسير من كرامتها في التوسط واللجؤ إلى واسطة تمكنها من نيل وظيفة,أو تحقيق مكسب بانتماء إلى مسؤول   بقرابة أو نسب.

فئة الباعة الجائلينالمصريين تعلمنا بمبادرتها القيمة والصادرة عن أصدق النوايا أن الشعب بفئاته   يدرك مصلحة الوطن وليس بحاجة إلى دروس وعظات من أحد,درس يعلمنا إن الوطنية تجرد وحياد   في المصالح,أي ترى المصلحة الذاتية من خلال مصلحة  الوطن وليس العكس.وإنهم أي الباعة الجائلون يدركون المصلحة ولهم قدرة تعجز عنها خبرات الأحزاب وتجاربها في التعبيرعن إرادتهم الجمعية,وإن الوعي الوطني ليس حكرا على أحد والسياسي الذي يتباهى بأنه كان في السجون يعيش بمستويات معيشية تفوق مستويات معيشة غالبية الشعب,فليس الحكم حقا لمن خرج من سجن سياسي,  لأن الذي يدافع عن موقف لا يحق له المطالبة بمكافأة سلطوية. والذين أسقطوا النظام المصري السابق ليسوا هم من يحكمون ويكافئون أنفسهم بالاستحواذ عل السلطة ومقدراتها,بل هم الآن مطاردون ومطلوبون لعدالة حاكم مستبد!!.

عودة الروح الوطنية الخالصة إلى مصر,خبرمفرح وبشرى سارة لأن الباعة الجائلون يضربون مثلهم الذي من لا يستجيب له سيخجل من نفسه وسيخجل التاريخ من تعنته. التوافق مفتاح الحل في منهج ديمقراطي حقيقي وصادق النوايا والأساليب في كل بلادنا العربية.وكلنا يريد عودة مصر إلى دورها العربي المؤثرالذي تستاثر به اليوم نظم لم نعهد الخيرمن عواقب تدخلها المريب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد