عندما الثورة تأكل أبنائها

mainThumb

11-05-2013 03:05 PM

خلال العقود الأخيرة الماضية من عمر الأردن حدثت ثورة عكسية لمسميات الثورات التي تحدث في العالم. ومن المعروف أن الثورات تقوم ضد الظلم والدكتاتوريات الظالمة، وتقدم مواكب الشهداء، وتصنع الديمقراطيات، وتنشر العدل بين الناس، وفي بعض الثورات يجابهها الفشل فتأكل الثورة أبنائها كما قال لثائر الفرنسي الشهير جورج جاك عندما قال وهو أمام مقصلة الإعدام : إن الثورة تأكل أبنائها، مستلهما من التاريخ الفرنسي والذي اخذ من  مبدأ  القائل:  من السهل أن تبتدئ الثورات ولكن من الصعب أن تنهيها بسلام. فهل يأتي يوم على الثورة العكسية في الأردن وتأكل أبنائها؟.

اقصد هنا بالثورة العكسية ما حصل في الأردن  من تعديات على المال العام، بزعامة  كبار رجال الدولة، ولا اقصدهم جميعا بل اقصد ثلة فاسدة جعلت من نهب المال العام وسيلة ثراء لنفوسهم المريضة، فقد قام نفر من المؤتمنين على المال العام بثورة  ضد مبادئهم التي يتشدقون بها،  وقلبوا بذالك مفاهيم جديدة وأضافوا مصطلحات جديدة لقاموس اللغة الدولي بقيامهم بثورة عكسية للثورات المتعارف عليها في العالم، فادخلوا مفاهيم جديدة للقاموس الدولي بفعلتهم تلك، ودنسوا براءة الثورات وقلبوا كل المفاهيم في ذلك الاتجاه. بلد ينهب منذ عقود دون أي حسيب أو رقيب، ما عدا بعض فقاعات الهواء التي تطلق بين الفينة والأخرى تجاه بعض الأشخاص الذين كانوا بمثابة كبش فداء لغيرهم، وقربانا قدم للقضاء، لينجوا صاحب الحظوة من مقصلة القصاص. لا يمكن أن يحدث هذا الأمر من نهب لمقدرات الوطن بدون تخطيط مسبق،  إنها ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لكنها ثورة عكسية ففي المفهوم العام فان الثورة يخطط لهان العظماء، وينفذها الجبابرة، ويجني ثمارها الجبناء. ولكن ما حصل في الأردن فقد خطط للثورة ثلة من الفاسدين الجبناء، ونفذوها بجبن الحكومة عن مسائلتهم، ومن الذي جنى ثمارها؟ فهنا يحدث العكس فقد جنى الثمار كل من الفاسد بتنعمه بمئات الملايين، والمواطن المسكين بتنعمه بالفقر والعوز والتهميش. فما أصعبها من معادلة، فقد باتت في هذا الوطن عصية عن الحل. وبحاجة إلى مئات الملاين تنفق على توعية الجيل الجديد وتنقية نفوسهم وبعادهم عن الكسب غير المشروع، حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه من مقدرات الوطن لجيل قادم، وبالطبع لا ننسى من ادخل الأردن في هذا النفق المظلم فيجب حصرهم والتعرف عليهم ليذهبوا إلى مزبلة التاريخ بدل أن يبقوا رموزا وطنية  وهم منها براء. رموز يتشدقون بالوطنية وتقام لهم الولائم، وتقدم لهم الأوسمة والدروع، وهم بحاجة إلى من يمسح دموعهم عندما يتحدثون عن الوطن والوطنية، لقد أتقنوا فن النفاق الاجتماعي،  واحسبهم الذين قال عنهم الرسول عليه الصلاة والسلام :انه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة. فمتى يأتي يوم ونرى الأغلال في أعناقهم، وقد تعافى منهم الوطن. فهنا نقول:  هل يأتي يوم وتأكل الثورة العكسية أبنائها؟. حمى الله الأردن وأبقاه عزيزا كما كان.

عواد عايد النواصرة- رئيس ملتقى المزرعة الثقافي. الأغوار الجنوبية.
awad_naws@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد