التغير السكاني في الأردن هل سيقود الى تغير سياسي عميق

mainThumb

06-08-2013 05:14 PM

يواجه الأردن منذ تاسيسه هجرات سكانية من المناطق المجاورة بشكل متزايد  كان اكثرها الحركة السكانية القسرية لسكان فلسطين عم 1948 وعام 1967 فضلا عن الحركة السكانية الطبيعية بعد اعلان الوحدة بين الضفتين والتي ادت الى انتقال طبيعي لكنه كثيف لسكان المدن الفلسطينية وخاصة اصحاب المهن وراس المال الى عمان والزرقاء واربد واعتبار الأردن  نقطة استقرار للانطلاق الى اسواق الخليج واوروبا والولايات المتحدة  ثم جاءت عودة مئات الالاف من الفلسطينيين العاملين في الكويت بعد حرب الخليج الثانية (عاصفة الصحراء) عند دخول العراق الى الكويت ليشكل السكان من اصول فلسطينية اكثر من 60% من العدد الكلي وفي عام 2003 وبعد احتلال الولايات المتحدة للعراق واسقاط نظام الحكم فيه واقامة حكم جديد ذو نفوذ شيعي واضح استقر في  الأردن اكثر من نصف مليون عراقي بعد ان حصلوا على الجنسية الاردنية  وبعد ثورة الشعب السوري للتحرر من حكم الاقلية المستبدة  واستعادة سلطة الشعب واقامة دولة ديمقراطية مدنية قدم الى الأردن اكثر من مليون ونصف سوري بدأ اكثرهم بالاستقرار عن طريق اقامة المشاريع الاستثمارية والانخراط في سوق المهن الاردني المفتوح بشتى انواعها كالاطباء والمهندسين والصيادلة فضلا عن المهن الصنائعية المختلفة  واذا ما عرفنا ان الأردن فيه من الشركس والشيشان والحجازيين والشوام والارمن والدروز اعدادا لا باس بها ويشكلون نفوذا في مناصب الدولة ومراكز القيادة فيها لا يستهان به.

فان هذا التغير السكاني العميق يقودنا للتوصل الى بعض الاستنتاجات اهمها :

اولا: ان الثنائية الديمغرافية القائمة على الاصول الاردنية والفلسطينية  في الأردن قد انتهت والى غير رجعة  وان ديمغرافية السكان اصبحت تقوم على رباعية تتشكل من الاردنيين والفلسطينيين والعراقيين والسوريين .

ثانيا : ان سياسة الخصخصة وفكفكة مؤسسات الدولة لمصلحة راس المال قد خلطت اوراق المصالح التي لم تعد مرتبطة بالمكون الديمغرافي فليس صحيحا من يزعم ان القطاع التجاري والمالي بيد الفلسطينيين وان الوظائف العامة والامنية والجيش بيد الاردنيين .

ثالثا : لم يعد المال والتعليم والولاء للنظام هو الطريق لاقتحام المناصب والمراكز القيادية المتقدمة لان التوريث اصبح الهم الاكبر لكل مسؤل لابقاء اسرته في دائرة المكتسبات متحالفا مع اية قوة بغض النظر عن اصولها وضد اية جهة تتعارض مع طموحاته واماله باستمرار نفوذه ممتدا لاجيال من ذريته  وهذا انشأ نوعا جديدا من العلاقات مع القوى الدولية الخارجية عربية ودولية للحفاظ على احلام النفوذ والسلطة بغض النظر عن برامج هذه القوى واطماعها الخاصة  بل وربط مصالحها وبرامجها ببعض الاشخاص والعائلات .

رابعا : ان التنافس الشديد بين مراكز القوى خلق تحالفات مع القادمين بطريقة عميقة لم يكن يتوقعها احد وكلها تتحرك بالمصلحة الذاتية البعيدة كل البعد عن المصالح الوطنية او القومية وحتى الاسلامية العقائدية فتجد شخص مثل الجلبي (الشخصية العراقية النافذة)على سبيل المثال يرتبط بتحالفات مع اشخاص ومراكز قوى داخل الأردن في الوقت الذي هو مطلوب  للقضاء الاردني عدا عن اسماء اخرى كصبيح المصري ومحمد دحلان وحازم الشعلان واياد علاوي والحريري  وغيرهم

خامسا : لقد اصبح الشعور السائد لدى اغلب مكونات الشعب الاردني انه مستهدف من كل القوى الداخلية والخارجية ومطلوب انهاكه من اجل تصفية قضية فلسطين واقامة دولة يشعر فيها الفلسطيني انها تمثله والاردني انه محفوظ فيها حقه والعراقي انها امتداد له والسوري انها نجاة لماله وحياته وان بعض اصحاب المناصب والنفوذ لا يمانعون هذا الطرح.

سادسا : وامام هذه التحديات وامام الحقيقية الديمغرافية الضاغطة فقد بات الاستمرار بالنهج السياسي الحالي بالاردن ضربا من الخيال واصبح لزاما تحقيق تغيير يستوعب هذه المتغيرات وان الوتر الذي عزف عليه النظام طويلا بين المكون الفلسطيني والاردني قد انقطع لغير رجعة وانه لابد من تغييرات عميقة تستوعب الحالة السكانية الناشئة فهل يتمكن النظام القائم من استيعاب الحالة؟؟ وخلق نهج سياسي جديد يديم وجوده ؟؟؟ويتعامل مع الواقع ؟؟؟ ام سيترك للحالة السكانية الجديدة تقود تغييرا وصناعة نهج  سياسي لا نعرف معالمه ولا ركائز انطلاقة؟؟؟ وقد يكون  التغيير غير منضبط وفيه انفلات كبير ؟؟؟ ان المتشبثين بالمصالح الفردية قد اعمتهم مصالحهم عن حقائق ثابتة وباتوا سدا منيعا امام أي تغيير سلس وناعم لتطوير نظام سياسي جديد ينفلت من الضغوط الديمغرافية التقليدية ليؤسس لحياة سياسية اكثر حرية وديمقراطية وتشاركية في الوقت ذاته فقد تمكنت الحركة الاسلامية من استيعاب هذه التغيرات واستلهمت من ركائز خطابها الاستراتيجي برنامجا سياسيا قابلا للتطبيق ينتقل بالاردن الى نهج جديد يستوعب الشعب ويعطيه سلطته عن طريق حكومة برلمانية حقيقية يشكلها التيار الفائز باكبر عدد من المقاعد النيابية عن طريق قانون انتخابات نيابية عادل يحافظ على مقاعد الدوائر الجغرافية الحالية وعددها مائة وخمسة مقاعد ويضيف  قائمة وطنية حزبية لخمسين مقعدا تضمن تفعيل الحياة الساسية والبرامجية مع تعديلات دستورية جوهرية للمواد 34 و 35 و 36 التي تعمل على تحصين البرلمان وتؤكد على تسمية رئيس الوزراء من الكتلة الفائزة باكبر عدد المقاعد وتجعل جميع اعضاء مجلس الامة التي تمثل السلطة التشريعية منتخبين بالكامل من الشعب وفصل كامل بين السلطات وبدء بمحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين والتف حول هذه الرؤيا اغلب القوى والتيارات السياسية والحراكات الشعبية وشخصيات وطنية مرموقة عديدة .

 فهل يلتقط النظام فرصة التغيير ويلتقي  مع القوى السياسية والوطنية لصياغة مستقبل افضل والولوج لمرحلة جديدة بطريقة ارادية ام يكابر لنفاجأ بما لم يكن بالحسبان ؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد