أفغانستان وحلف شمال الأطلسي

mainThumb

27-11-2013 09:21 AM

 قراءة متأنية للصحافة الغربية وتعليقاتها وتحليلاتها السياسية والاستراتيجية والعسكرية حول الحرب الغربية على أفغانستان تضعنا امام مشهد للحرب في غاية التخبط وعدم وضوح الرؤيا لحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، وقد تنوعت الأفكار المطروحة من قبل الكتاب والباحثين بل والمسؤولين عن الملف الأفغاني ، وجميعها تؤشر بالضرورة على حالة الإحباط والقلق والتشاؤم الذي يحيط بصناع الرأي الغربي وبصناع السياسة الغربية ايضا تجاه الملف الأفغاني ، فنعثر في المقالات والأراء على : " تائهون في متاهة "،و" غارقون في مستنقع أفغانستان "،و" قوات التحالف تواجه ورطة كبيرة "،و" الحرب على أفغانستان آمال كاذبة " ، و" أن الحرب أضحت دون هدف وعبثية"،و" الأنتصار في أفغانستان مستحيل"،و" تضعضع القوات الأجنبية في أفغانستان"،و" إنها حرب لا يمكن أن تحقق النصر فيها"،و" مقبرة الإمبراطوريات"،و" ماذا كسبنا في أفغانستان"،و" حرب أفغانستان غلطة"،و" فقدنا بوصلة هدفنا في أفغانستان "، و" الحرب كلفت أمريكا والغرب تكلفة مذهلة في الدم والمال"، كل هذه الآراء التي حاول كتاب الرأي في أشهر الصحف الأمريكية والبريطانية نشرها من أجل التأثير على الراي العام هناك ، للضغط على إدارة بريطانيا وامريكا من أجل التخلي عن حربها على أفغانستان ، ولم يأتي ذلك من فراغ ، بل جاء بعدما بات يشعر البريطانيون والأمريكيون والغربيون عموما بالتكلفة الباهضة التي يدفعونها من دماء ابنائهم ومن اموال دافع الضريبة من المواطنين ، ومن جانب آخر ، حرصت حركة طالبان على الاستمرار في حربها ومقاومتها للآحتلال بكل الوسائل المتاحة ، الى درجة ان حركة طالبان نجحت في احداث شلل عام واحباط معنوي شامل لدى الجيوش الأطلسية ، وهو ما أكده الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ، كما تماهت الصحافة العربية والعديد من الكتاب العرب مع ما نشرته الصحافة الغربية من مؤشرات سلبية بائسة عن الوجود الامريكي في أفغانستان ، "فالكاتب حلمي القاعود كتب في الاسلام اليوم  الموافق 7 شباط /فبراير2010 " طالبان تهزم الاحتلال" ،اما عثمان البدراني فكتب عبر مدونته والتي نشرت في موقع المختصر الالكتروني في 30 تموز 2010 ،" هل تنتصر طالبان على أكبر تحالف في التاريخ " ، وكتب احمد زيدان عبر مدونته في 10/10/2009 " إنسحابات أمريكية صامته من مواقع استراتيجية أفغانية " ، وياسر الزعاترة  في صحيفة الاسلام اليوم (25/10/2009) : "الملا الذي حير امريكا وحيرنا ايضا " ، ونشر "كمال حبيب" في صحيفة المصريون يوم 4/7/2010 " الاستراتيجية .. مأزق أمريكا في أفغانستان " ، وفي مفكرة الاسلام الموافق 2/7/2010 ، كتب عصام زيدان" الجنرال الشارد ..لماذا فجر الخلاف؟" ، وغيرها من المقالات التي باتت تقرأ مستقبل القوات الامريكية في أفغانستان ، وتتنبأ من خلال التقارير الصادرة من ساحة الحرب الأفغانية التي تنقل حجم المعاناة والكارثة التي يتعرض لها جيش حلف شمال الأطلسي في أفغانستان ، تتنبأ رحيل ، بل وهزيمة قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان .

يقول "بيتر بريستون" في مقاله " العودة الى المربع الأول في أفغانستان" الصادر في صحيفة "الغارديان" البريطانية ، ونشرته جريدة الرأي الأردنية في 28/7/2010:" التحالف الغربي المرهق يسعى الى القبض على الرئيس السابق لحكومة طالبان ، العمر :يناهز الخمسين عاما ، الطول: طويل، العيون: واحدة ، لقد حكم أفغانستان لمدة خمس سنوات حتى 2001، وهو رئيس المجلس الأعلى وأمير المؤمنين ، القبض عليه ليس أمرا مستحيلا، رغم ذلك ، جميع أفراد القوات الخاصة والاستخبارات المركزية في العالم لا يمكنهم التخطيط ليضعوا اصبعا واحدا عليه ، اذا رأيتم عمر ، هناك مكافأة قدرها 25 مليون دولار مقابل تسليمه ، ولكن لا أحد رآه او سيراه ...، ولكن ما ينقص الناتو الآن ، وهو نقص لا بد وأنه سيشعر الرئيس  الامريكي ورئيس وزراء بريطانيا بالحزن والإحباط حين يلتقيان في واشنطن ، هذا النقص هو أي معلومة تقود الى مكان الملا المفقود ، لا نستطيع وضع أيدينا عليه ، وهو ما يؤكد كم نحن محرومون من النجاح في أفغانستان " ، " إنهم مخلصون - اي رجالات طالبان- وقريبون الى بعضهم البعض ومتكتمون ، ...، واذا حاولنا في النهاية ، أن نكون صادقين - ان نحاول الا نكون كالسياسيين الذين يقومون بزيارة اولادنا، متحدثين عن صراع متواصل او انسحاب مبكر وفقا لأهوائهم- عندها سيكون قد حان وقت نسيان "النصر" في أي من أشكاله التقليدية ، والأفغان ، حينما يضعون العلامات على الصناديق من أجل وكالات الاقتراع في السر ، لا يريدون وجودنا هناك ، نحن لا نحظى بالثقة ولا حتى بالتقدير ، والقادة الذين طردناهم هم القادة الذين يعتقدون بأنهم سيعودون مجددا ، عبثية كاملة ، إضاعة صريحة للوقت والجهد والمال " ، وعلى حد قول الصحفي "ياسر الزاعترة " في مقاله "الملا الذي حير أمريكا وحبرنا ايضا" ، المنشور في صحيفة " الإسلام اليوم" ، 2009  :" اليوم يغدو "الملا محمد عمر " أكبر لغز يحير الأمريكيين في ظل حالة الاستنزاف التي يعيشونها في أفغانستان ، ولا يحدث ذلك الا بسبب مبدئه وربما "ثوريته" التي حيرتهم ، فقد أرسلوا اليه عشرات الرسائل المعلنة وغير المعلنة من أجل الحوار ، لكنه تجاهلها على نحو مثير ، وبينما يندلق إسلاميون في مواقع شتى على حوار الأمريكان والغربيين أملا في كسب الرضا ، فقد كان رد الرجل عليهم واضحا حاسما : إذا لم تخرجوا من بلادنا فليس بيننا وبينكم إلا السلاح، وإذا قررتم الخروج سنوفر لكم طريقا آمنا لذلك ، بسبب هذه الروحية الفريدة من الحسم  والوضوح ، معطوفة على ممارسات المحتلين وأذنابهم ، يزداد عدد مريدي الرجل ، ولذلك فهو يعتقد أن النصر صار قريبا" ، هذه التصريحات والتحليلات تثبت كم كان لنجاة القيادة العليا لحركة طالبان ، وفي مقدمتهم "الملا محمد عمر" الدور الاستراتيجي في إحباط محاولة قوات حلف شمال الأطلسي في السيطرة المطلقة على أفغانستان ، بل ونجحت تلك القيادة في إدارة المعركة طوال اكثر من عشر سنوات بحرفية قتالية عالية المستوى ، أفقدت القيادة العسكرية المركزية للناتو في افغانستان سيطرتها على اكثر من 85% من اراضي افغانستان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد