التَّكَنِّي من خصائص هذه الأمة

mainThumb

29-11-2013 04:25 PM

التَّكَنِّي من خصائص هذه الأمة الإسلامية العربية، والكُنيةُ ما بدأتْ ب (أبو) أو ( أُمٍّ ) مثل : أبو بكر ، وأمُّ المؤمنين ...
 
واللَّقبُ ما أشعرَ بمدح مثل : ( زين العابدين ) ، أو أشعرَ بذَمٍّ مثل : ( أَنْفُ النَّاقةِ ) ...
 
والعرب تُقَدِّمُ الكُنْيَةَ على اللَّقب ، قال بعضُ الفزاريين :

أُكْنِيْهِ حينَ أُناديهِ ؛ لِأُكْرِمَهُ.... ولا أُلَقِّبَهُ ؛ والسَّوْءَةُ الَّلقبُ .

قال البغدادي في ( خزانة الأدب ) ( 9/142 ) : ( وقولُه :  أُكْنِيْهِ حينَ أُناديه  العربُ إذا أرادتْ تعظيمَ المُخَاطَبِ خاطَبَتْهُ بالكُنْيَةِ ، وعدلتْ عن التصريح باسمِهِ . وصف الشاعرُ نفسَهُ بِحُسْنِ العشرة مع صاحبِهِ ) .

وجاء في كتاب ( الأغاني ) لأبي فرج ( 5 / 289 ) :

 ( اجتمع مروان بن أبي حفصة وأبو محمد اليزيدي عند المهدي ، فابتدأ مروان يُنْشِدُ :  طَرَقَتْكَ زائِرَةً فَحَيِّ خيالَها ...  ، فقال اليزيدي : لَحَنَ - والله – وأنا أبو محمد . فقال له مروان : يا ضعيفَ الرأي ، أهذا لي يُقَالُ ؟! ثم قال :  بيضاءُ تَخْلِطُ بالجمالِ دَلَالَها  . فقال له بعضُ مَنْ حَضَرَ : يا أميرَ المؤمنين أيَتَكَنَّى في مجلسكَ ؟! ( يعني اليزيدي )

 فقال : أعذروا شيخاً ؛ فإنَّ له حُرْمَةً ) .

فالتَّكَنِّي من الرفعة ؛ فلذلك استهجنَ الحاضرون أن يتعالى اليزيدي بكنيته ( أبو محمد ) أمام أمير المؤمنين ، لكن أمير المؤمنين اعتذر لهم بأن اليزيدي كبير السن وله حرمةٌ عندنا .


بل إنَّ الشعراء العاشقين كانوا يتفنَّنون في إعطاء محبوباتهم بعض ( الكُنَى ) :

قال جرير في رائعته :
 
1 – يا أُمَّ عَمْروٍ ، جزاكِ اللهُ مغفرةً ... رُدِّيْ عليَّ فؤادي كالذي كانا .

ثم يكنيِّها بكنيةٍ أخرى :

1 – يا أُمَّ عثمان ، إنَّ الحُبَّ عن عَرَضٍ ... يُصْبِيْ الحليمَ ، ويُبْكِيْ العينَ أحيانا .


كُلُّ ذلك تفنُّنا منهم وتلذُّذا بذكر كنية المحبوبة !!

وقد جاء الإسلام وَأقرَّ هذه الخصوصية لهذه الأمة العظيمة ، فقد جاءت أحاديث عن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – تَحُثُّنا على المسارعة الى ( التكني ) للرجال والنساء والصغار ، سواء كانوا متزوجين أولا ، أو كانوا منجبين أو غير منجبين .

1 - فقد كَنَّى الرسول – صلى الله عليه وسلم – الصحابي الجليل صهيب الرومي ولم يُوْلَد له بعد :

جاء في الأثر الصحيح أن عمر بن الخطاب قال لصهيب :

 
(( أي رجل أنت لولا خصال ثلاث فيك ! قال: وما هن ؟ قال : اكتنيت وليس لك ولد ، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم! وفيك سرف في الطعام . قال: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كناني أبا يحـيى ، وأنا من النمر بن قاسط ، سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي. وأما قولك في سرف الطعام ، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : خيركم من أطعم الطعام))  .

2 - وكَنَّى الرسول – صلى الله عليه وسلم – زوجته الطاهرة المطهَّرةَ عائشة
 
فعن عائشة قالت: أتيت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، كنيت نساءك فاكنني، قال: ( اكتني بابن أختك عبد الله ) . فكانت كنيَةُ عائشة – رضي الله عنها – أُمُّ عبد الله .


3 – وَكَنَّى الرسول – صلى الله عليه وسلم – غلاما صغيرا كان أخا أنسٍ – رضي الله عنه –

أخرج مسلم في صحيحه عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير - أحسبه قال: كان فطيما -، قال: فكان إذا جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرآه قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير -طائر صغير كالعصفور-؟ قال: فكان يلعب به ).

وفي تكنية الصغير الفوائد الجَمَّة ، فهذه هي تربية رسول الله للصغار حيث يشعرون بالرجولة وهم صغار فيكون جيلا ترقد الأممُ عند قدميه !!

فلذلك دَوَّخوا العالم في أقل من ثلاثين سنة ... لا تربية ( جيفارا ) ولا تربية ( فلان وعلان ) .

4- وقد كَنَّى رسول الله فتاة صغيرة .

 قال البخاري حدثنا أبو الوليد حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال حدثني أبي قال حدثتني أم خالد بنت خالد قالت ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء قال من ترون نكسوها هذه الخميصة فأسكت القوم قال ائتوني بأم خالد فأتي بي النبي صلى الله عليه وسلم فألبسنيها بيده وقال أبلي وأخلقي مرتين فجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إلي ويقول يا أم خالد هذا سنا ويا أم خالد هذا سنا والسنا بلسان الحبشية الحسن قال إسحاق حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد ) .

فالتكنِّي من خصائص هذه الأمة العظيمة ، فيا حبَّذا أن نُشيعَها بين الناس ففيها تربيةٌ عظيمة وسمُوٌّ لا نظير له ، وهناك تلميحٌ خفي في مسألة ( التكني ) ألا وهي إلقامُ  دُعاةِ ( تحديد النسل أو تنظيم النسل ) حجرا من طراز ( الصوَّان ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد